الإبداع… كيف يتبادر ؟؟؟

بقلم/ الدكتور ميثاق بيات ألضيفي

العملية الإبداعية مهما كانت ففي جوهرها هي من ذات نوع العمل، وعلى الرغم من كل التنوع في النشاط البشري والاعمال الفنية والفكرية الجديدة والنظريات العلمية إلا إن كل ذلك مبني على ذات المبادئ، وان إحدى الطرق لحل اشكاليتها تتمحور بالنظر إلى الوراء ورؤية كيف ولدت أفكار عظيمة في الماضي. إن النتيجة التي سيتم الحصول عليها بهذه الطريقة لن تكون واضحة تمامًا حتى للباحث نفسه، ولكن ماذا يحدث إذا جاءت نفس الفكرة المذهلة إلى شخصين في الوقت ذاته؟ ولكنها جاءتهما بشكل مستقل عن بعضها البعض، وفي الحقيقة أنه ومن أجل حل مثل هذه المشاكل وللعثور على ترابط نحتاج إلى أكثر من رأي مجرد خبراء ولأناس قادرين على استيعاب مثل تلك الاستنتاجات.

لكن لماذا لم يستطع الكثير فعل ذلك؟ يخبرنا تاريخ تطور الفكر الإنساني أنه حتى مع كل تلك الحقائق والأدلة فمن الصعب للغاية المشاركة في تطوير الأفكار لأنها تتطلب إيجاد العلاقات بين الحقائق وإن يتم تجاوز الخوف، وأية علاقة لا تتطلب وجود وتجاوز الخوف لا تتطور ولن تسمو لتكون فكرة جديدة وإنما ستكون نتيجة منطقية للنظرية القديمة، ولذا يجب على الشخص الذي ذهب ضد الحكمة والسلطة والفطرة السليمة أن تتوفر لديه ثقة كبيرة بالنفس وبما أن مثل أولئك الناس نادرين للغاية فيجب أن يكونوا غير عاديين للغاية بالنسبة إلينا وإلى حد ما غريبو الأطوار وغالبًا ما يكون الأشخاص الغريبين الأطوار في شيء واحد فهم غريبين الأطوار في كل شيء آخر، كما وعلى الشخص القادر لأنتاج وطرح فكرة

جديدة أن تكون لديه نظرة غنية وليس عادات تقليدية تماما ومع ذلك لا يكفي أن يكون قد تخطى مستويات الجنون الفكري !!

بمجرد العثور على الأشخاص المناسبين سيظهر السؤال التالي على الفور، في هل يستحق تحقيق الإبداع الاحتفاظ بهم سوية حتى يولد شيء جديد في سياق العمل الجماعي والمناقشات والنزاعات؟ أم أنه يستحق تكريس كل مشكلة على حدة والسماح لهم بالبحث بشكل مستقل عن حل؟ وأعتقد أن الإبداع أفضل من الجمعة أو العزلة، غير إن مشاركة الشخص المبدع باستمرار في عمله وسيكون دماغه مشغول باستمرار بمعالجة المعلومات حتى عندما لا يكون الشخص على علم بذلك وبالتالي فإن وجود أشخاص آخرين يؤدي إلى إبطاء العملية الإبداعية فقط فتسبق كل فكرة جيدة مئات وعشرات الآلاف من الافتراضات الغبية الصريحة حول وجودها وبالطبع طارحها سيكون اول الامر لا يريد أن يعرفها أحد، وعلى الرغم من ذلك فإن اجتماع هؤلاء الأشخاص يمكن أن يعطي نتائج ليست أقل متعة من فعل الإبداع نفسه، ويبدو لي أن الهدف من العمل العقلي ليس اختراع أفكار جديدة بل لفهم ولمشاركة الحقائق وعقد توليفات الحقائق في عمل النظريات والأفكار، لكن كيف يمكن إقناع شخص مبدع لدفعه لينتج ويبدع أفكارا رائدة؟ الشيء الأول والأهم الذي يجب أن تعطيه له هو الشعور بالحرية كما يجب أن يشعر بالسعادة، وعادة ما ينظر المجتمع بشكل متغطرس إلى الأشخاص المبدعين واتهامهم بوجوب مواجهة الإدانة العالمية، لدرجة انه حتى تفكيرهم بصوت عال إمام الآخرين سيكون تمرينا مثيرا للقلق.

ولكل ما تقدم فيبدو أن الشعور بالمسؤولية سيكون عاملا مثبطا للإبداع وإذا نظرنا إلى الاكتشافات العظيمة للماضي سنرى أن معظمها لم يتم من قبل أشخاص تم دفع رواتبهم مقابل هذه الاكتشافات بل من قبل مدرسين بسيطين أو كتبة براءات

أو مسئولين صغار أو حتى من عاطلين عن العمل، وان المطالبة بأفكار غير عادية من شخص ما وفي الوقت ذاته جعله يشعر بالذنب تجاه حقيقة أنه لا توجد لدية القدرة على أنتاج أفكار لربما تكون أفضل طريقة للحصول على أي شيء على الإطلاق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here