ضحايا “عبّارة الموت” قطعوا 100 كم فـي دجلة وأعدادهم وصلت إلى 120 شخصاً

بغداد/ وائل نعمة

قطعت بعض الجثث ضمن ضحايا عبارة الموصل، التي غرقت الخميس الماضي، أكثر من 100 كم في نهر دجلة.
وعثر أمس الأول على 13 جثة لنساء وأطفال، في منطقة القيارة جنوب الموصل، فيما يعتقد أن هناك نحو 100 آخرين في عداد المفقودين.
ويجد المنقذون، من غواصين وقوات أمنية ومدنيين، صعوبة في العثور على باقي الضحايا، إذ علق بعضهم بأجزاء من العبارة الغارقة ونزلت جثثهم في أعماق النهر.
بالمقابل لايزال 3 متهمين رئيسين بالحادث، وهم المسؤولون عن إدارة المنطقة السياحية في الموصل هاربين والبعض يعتقد أن أحدهم تابع لفصائل ضمن الحشد الشعبي.
وبحسب مصادر (المدى) إن عدد الضحايا في العبارة التي غرقت في إجازة الربيع الأخيرة، قد وصل الى 120 شخصا، فيما يقدر عدد الناجين بأقل من 50 .
ويقول زهير الجبوري، عضو مجلس قضاء الموصل لـ(المدى) إن “العبارة مخصصة لـ50 شخصاً كحد أقصى، لكن في ذلك اليوم تم تحميلها بأكثر من 250 شخصاً”. وأعلنت الحكومة بعد ساعات من الحادث، الحداد لمدة 3 أيام، فيما ظهرت صور بعد ذلك من داخل المدينة السياحية في الموصل، قدم وتهالك المعدات المستخدمة في تسيير العبارة.
يقول المسؤول المحلي إن هناك عبارتين فقط في الجزيرة، التي يتشارك في إدارتها ثلاث شخصيات. ويضيف قائلا: “العبارات قديمة وقد وضعت في المكان قبل أكثر من 10 سنوات”.
وتنقل العبارة الزوار بين ضفتي دجلة، فيما لم يقم المسؤولون عن تشغيل الجزيرة بعد تحرير الموصل في 2017، بتحديث في المكان أو إنشاء جسور بين الجانبين.
ويملك أشقاء، يعرفون بالموصل بأولاد عبيد الحديدي نصف الأسهم في الجزيرة، مقابل 30% لشخص يدعى حيدر الساعدي، ويعتقد انه تابع لعصائب أهل الحق، بحسب تصريح سابق لمحافظ نينوى نوفل العاكوب الذي تراجع عن تصريحه بعد ذلك.
أما الـ20% المتبقية فهي تعود لشخص معروف في الموصل، يملك معمل ألبان الجزيرة. ويقول الجبوري “العبارات كانت تسحب بالحبال (…) ولا توجد فيها أي معايير للسلامة”.

ارتفاع مناسيب المياه
لم يقم الشركاء الثلاثة بتجديد العبارات أو المباني كما لم يلتزموا بتحذيرات وزارة الموارد المائية، التي أبلغت المحافظ نوفل العاكوب قبل أسابيع من الحادث، بأنها ستزيد إطلاقات الماء من سد الموصل. في العادة، حين ترتفع الإطلاقات المائية من السد، لـ1000 متر مكعب بالثانية، تدخل الموصل مرحلة الإنذار. ويقول المسؤول المحلي: “قبل 3 أيام من غرق العبارة كانت كل الكافتيريات على دجلة قد أغلقت، لكن الجزيرة لم تفعل ذلك”.
في ذلك اليوم كان قد وصل معدل الاطلاقات المائية الى 1400 مترمكعب في الثانية بسبب زيادة الماء في السد والخوف من انهياره (الإطلاقات الاعتيادية تتراوح بين 300 الى 400 مترمكعب بالثانية).
وقالت وزارة الموارد في وثيقة نشرتها أول من أمس، ويعود تاريخها الى 11 شباط، أنها أبلغت العاكوب بضرورة تحذير المواطنين بالابتعاد عن نهر دجلة، بسبب زيادة الإطلاقات من سد الموصل.

مصير العاكوب
حالياً لا يعرف مكان المحافظ بالتحديد، في حين تشير بعض التسريبات الى انه تحت الإقامة الجبرية في إحدى المضافات العشائرية في الموصل، وأخرى تشير الى انه محتجز في مركز شرطة في المدينة.
وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي زار المدينة، بالاضافة الى رئيسي الجمهورية والنواب، قد شكل لجنة لإدارة المحافظة، تتكون من مزاحم الخايط رئيس جامعة الموصل وقائدي العمليات والشرطة.
ومنع غضب المتظاهرين المتجمعين قرب مكان الحادث في الموصل، من دخول الرؤساء الثلاثة الى هناك، فيما رشق المحتجون سيارة رئيس الجمهورية بالحجارة وحاصروا موكبه قبل أن يخرج مسرعا من المكان.
بالمقابل أغضب محافظ نينوى، المتظاهرين حين حاصروا سيارته في مدخل الجزيرة السياحية في الموصل، مما دفعه الى أن يقوم بدهس 3 شباب، أحدهم مراسل صحفي، بالاضافة الى امرأة رابعة، فيما رد عليه المحتجون بتكسير زجاج السيارة.
وظهر العاكوب أول من أمس على إحدى المحطات الفضائية العراقية وقد رفض الاستماع الى انتقاد مرجعية النجف في خطبة الجمعة الاخيرة، قبل ان يتدارك الموقف بعد ساعات ويبعث برسالة الى المرجع الأعلى علي السيستاني، يعتذر فيها ويقول بانه وضع استقالته تحت تصرف الأخير.
وكان عبد المهدي، قد قرر تحت غضب الشارع، بأن يطلب من البرلمان إقالة العاكوب ونائبيه، استناداً للمادة السابعة في قانون المحافظات رقم 21، الذي يتيح للمجلس بالأغلبية المطلقة (بناء على اقتراح رئيس الوزراء) إقالة المحافظ. وجاء ذلك الإجراء، في وقت وجد فيه مجلس المحافظة انه سيحتاج الى وقت طويل لإقالة العاكوب، بينما الشارع على وشك الانفجار. ويقول حسن السبعاوي، عضو مجلس نينوى لـ(المدى): “لا يمكن إقالة المحافظ إلا بطريقين: إما عن طريق المجلس أو بطلب من رئيس الوزراء”.
ويحتاج الاستجواب في مجلس المحافظة، بحسب قانون المحافظات، الى ان ترسل الاسئلة الى المستجوب (المحافظ) قبل أسبوع من الجلسة، ثم بعدها يتم استجوابه (المحافظ) ويصوت على اجوبته بالاقتناع او الرفض، على ان تعقد جلسة اخرى بعدها لتجديد الثقة بالمستجوب او إقالته.
واكتفى المجلس بأن يصوت على إرسال المحافظ الى التحقيق في قضية “غرق العبارة” مع باقي المسؤولين الذين تثبت علاقتهم بالحادث.
وكان مجلس المحافظة قد أقال العاكوب في 2017، قبل أن يعود بعد الإقالة بشهر بقرار قضائي اعتبر الإجراء “غير قانوني” لأن الجلسة عقدت خارج الموصل، حيث كانت الحرب مع داعش مستمرة.
وبعد عودته (المحافظ) توعد المعارضين بكشف ملفات الفساد التي لديهم . وحرك العاكوب في ذلك الوقت قضايا ضد 4 أعضاء في مجلس المحافظة، بتهمة الإرهاب، ثم تقرب بعد ذلك الى فصائل الحشد الشعبي.

تقرير تقصّي الحقائق
تزامن غرق العبارة مع الكشف عن تقرير تقصي الحقائق عن أوضاع الموصل الذي أعدته لجنة برلمانية، التي أوصت ايضا بعزل المحافظ أو إقالته.
ويقول قصي الشبكي، وهو نائب عن نينوى لـ(المدى) إن “تقرير اللجنة سيقرأ في جلسة البرلمان المقرر عقدها اليوم”، مبينا أن اغلب الكتل السياسية تبدو متفقة على إقالة العاكوب.
وستخصص جلسة اليوم في البرلمان لأحداث الموصل، حيث سيجري التوصية بإحالة المسؤولين عن غرق العبارة الى القضاء، وزيادة قدرات القوات الامنية والشرطة النهرية التي فشلت في إنقاذ الضحايا.
ويقول زهير الجبوري، المسؤول في قضاء الموصل، إن “الشرطة النهرية تملك قارباً واحداً فقط”.
من جهته قال حسن السبعاوي، عضو مجلس المحافظة، إن الجثث قطعت مئات الامتار، والدوريات في جنوب وشمال الموصل مازالت تبحث عن الضحايا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here