أقالة المسئول في العراق تكريم وليست تحقير

في كل العالم عندما يقال المسئول من منصبه لسببين اما لعجزه عن القيام بالمهمة المكلف بها وفي هذه الحالة على الجهة التي اقالته ان تبين ما هو هذا العجز وعندما يقال لا يسمح له بالترشيح لاي منصب في الدولة ولا يكلف باي مهمة عامة

والسبب الثاني لفساده وتقصيره في اداء واجبه وفي هذه الحالة على الجهة التي اقالته ان توضح للشعب فساده وتقصيره وتحيله فورا للقضاء للبت في عقوبته ولو فرضنا ان القضاء لم يعاقبه هنا من حقه ان يعود الى منصبه وعلى القضاء ان يعاقب الجهة التي اقالته بأقالتها من مناصبها اما اذا اصدر القضاء امرا بمعاقبته ففي هذه الحالة اذا لم يعدم منعه من العمل السياسي واي عمل في وظائف الدولة هذا ما هو معروف في كل العالم وهذا ما هو جاري

اما في العراق فأقالة الفاسد اللص المقصر في مهمته فهي مكرمة له وحماية له من الشعب وتهيئته للعودة مرة اخرى في منصب اكبر يدر دولارات اكثر

المعروف ان البرلمان العراقي أقال بعض المسئولين الكبار كما اقالت مجالس المحافظات بعض المحافظين لكننا لم نسمع ولم نر مسئول وزير محافظ واحد احيل على القضاء وصدر بحقه حكم قضائي بل نرى العكس تماما كل الذين أقيلوا لم يحاسبوا ولم تمس شعرة واحدة حتى ولم يشعروا بألم ضمير بل العكس تركوا المناصب والكراسي وهم في حالة سمو واعتزاز لانه على يقين سيعود الى منصب اكثر قوة ونفوذ وكرسي يدر اكثر دولارات ربما شعر بالندم والأسف لانه لم يستغل كل الفرص في سرقة اموال العراقيين ومع ذلك لم يشعر باليأس بل بدا يفكر في اعداد نفسه لمنصب أعلى ووضع اسلوب جديد لا يمكن كشفه الا بعد ان يحقق هدفه في جمع مال اكثر في وقت اقصر واذا اكتشف الامر فالفلوس تاتي بالعروس او كما قال برزاني التكريتي في مذكراته ان صدام كان دائما يردد عبارة الفلوس تغطي كل شي قال في احد الايام كنت انا ووطبان وسبعاوي وصدام وكنا نتحدث حول بعض تصرفات ابناء العوجة فقلت ان روكان (احد المقربين من صدام) تجاوز على احد رجال الدين المعروفين بالشرف والتقوى فرد صدام ساخرا المشكلة بسيطة طالما المال موجود يمكن حل اي مشكلة وقال كان هناك في تكريت (قوادا ) معروفا ومشهورا مما اغضب ابناء المنطقة فاتفقوا ان يكتبوا على جدار داره فلان القواد مما اغضب ابناء هذا الكواد فقال لهم لا تغضبوا سأجبرهم على مسحها بأيديهم فدخل الى بيته واخرج رزم من المبالغ المالية ولصقها على عبارة فلان القواد وقال كل من يمحوا الكتابة ستكون المبالغ المالية التي لصقتها على الكتابة له وفعلا بدأت منافسة شديدة بين الذين كتبوا عبارة فلان قواد من اجل مسحها للحصول على النقود التي عليها

هكذا كان الطاغية المقبور صدام يتعامل مع العراقيين وهكذا يتعامل عبيد صدام مع المسئولين ما بعد قبر صدام

الدولارات عمت البصر والبصيرة واصبحت مهمة المسئول في العراق عند تسلمه المنصب هو جمع مالا اكثر في وقت اقصر ولا مهمة غيرها لهذه لم يفكر بشي ولا يعمل اي شي في صالح الشعب والوطن كل الذي يفكر به والذي يهمه هو البقاء على كرسي المسئولية وقت اطول لهذا يدخل الى باب المسئولية حافيا او نصف انعال فيخرج بأموال لا تحصى ولا تعد

الشي الغريب العجيب الذي لا يصدق ان كل المسئولين فاسدون ولصوص لان الرواتب والامتيازات والمكاسب التي يحصلون عليها هي باب الفساد وهذا هو سر تكالب اللصوص والفاسدين على العمل السياسي لهذا اصبح كل اللصوص والقتلة والمزورين والمحتالين واهل الرذيلة وفي مقدمة المرشحين لكراسي المسئولية وبما انهم مبدعين في الكذب والاحتيال وخداع الناس فانهم اول الفائزين بكراسي المسئولية واذا البعض لم يحصل على كرسي المسئولية سيعين في عصابة المسئول لان صلاحية اي فرد في عصابة المسئول مثل حماية المسئول سائق المسئول عاهرة المسئول زوجته ابنه له نفس صلاحية المسئول وفي بعض الاحيان تفوقه وهكذا اصبح المسئول في العراق مجرد رئيس عصابة هدفها سرقة اموال الشعب

وهكذا اصبح العراقيون تحكمه عصابات السرقة والفساد الحكم للأقوى لمن يملك قوة اكبر ومالا اكثر القوة والمال يغطي كل السلبيات بل ويحولها الى ايجابيات

ومن هذا يمكننا القول ان اقالة المسئول في العراق تعني تكريم له وليس تحقير يعني رفع من شانه وليس تقليل من شانه يعني منحه فرصة للتفكير بطريقة جديدة من خلال تهيئته لمنصب اعلى وكرسي يدر دولارات اكثر

كلنا سمعنا باقالة اثيل النجيفي محافظ الموصل ونجم الدين كريم محافظ كركوك ومحافظ ديالى ومحافظ النجف والبصرة واقالوا وزير الدفاع ووزير التجارة ووزراء ووزير الخارجية وغيرهم لم ينقصهم شي ولم يتاثرون بشي بل ازدادوا نفوذا وشهرة ومالا والويل لمن يقترب منهم لا حكومة ولا قاضي ولا قانون

مهدي المولى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here