أوصاف عبيد العبيد.. وهل يمكن تحريرهم من العبودية؟!

موفق مصطفى السباعي
من هم عبيد العبيد ؟؟؟

عبيد العبيد … وما أدراك .. ما عبيد العبيد ؟؟؟!!!

إنهم فصيل من المخلوقات الفقارية .. شعبة الآدميات !!!

لهم أيدٍ يبطشون بها .. وأعينُ لايبصرون بها .. وآذان لا يسمعون بها .. وألسنة حداد يسلقون بها أعراض الناس .. أشحة على الخير !!!

وأرجل ٌ يمشون بها في أنفاق .. وزواريب الحياة الدنية .. لا يهتدون سبيلاً .. ولا يعرفون لهم طريقاً مستقيماً !!!

لا يتورعون أن يقبلوا أحذية أسيادهم العبيد .. وعلى الهواء مباشرة !!!

ويتفاخرون .. ويتباهون بتقبيل أحذية سيدهم .. ويتيهون فرحا وطربا .. ويغتبطون ويبتسمون لهذا الصنيع المخزي .. وهذا العمل الدنيئ .. الواطي !!!

ومن سفالتهم .. ودناءة نفوسهم .. وخستها .. أنهم مستعدون أن يأكلوا روث أسيادهم .. ويتمسحوا به .. ويشربوا بولهم .. ويتعطروا بروائح فسوهم وضراطهم .. وأمام الملأ أجمع .. وعلى الهواء مباشرة !!!

هؤلاء منتكسوا الفطرة .. ومنسلخون من آدميتهم وبشريتهم .. يعشقون حياة الطين .. والمستنقعات الآسنة كالديدان والحشرات الشاردة !!!

هؤلاء عبيد العبيد .. يبقون عبيدا .. ولو لبسوا كل يوم .. ثوبا من جديد !!!

ولو تزينوا بالحلي .. والمرجان .. والزمرد .. والعقيق !!!

ولو وُضِعوا على عرش من الياقوت .. والعسجد .. والدر المنثور !!!

ولو مُلِكوا ( لام مكسورة مشددة ) على شعوب الأرض من أقصى المشرق .. إلى أقصى المغرب !!!

إنهم مهزومون في داخلهم !!!

إنهم مخبولون في تفكيرهم .. وعقولهم !!!

قلوبهم خاوية .. وأفئدتهم فارغة !!!

كل أمانيهم .. وأحلامهم أن يأكلوا .. ويتمتعوا .. كما تأكل الأنعام .. ولا يهمهم إن كان مأواهم النار في الآخرة .. لأنهم أصلا لا يفكرون بها .. بل قد لا يؤمنون بها !!!

ويلهوا .. ويلعبوا .. كما تلعب الصبية الصغار !!!

ويتحكموا .. ويسيطروا .. ويهيمنوا .. وينتفشوا بريشهم على خلائق ضعيفة .. كان قدرها أن توضع تحت إمرتهم بطريقة طاغوتية .. جبروتية .. إستبدادية .. عسكرية .. وراثية !!!

غير أنهم يختلفون عن الأنعام .. والصبية .. الذين لا يحملون هماً .. ولا حزناً !!!

أنهم دائماً مرعوبون .. خائفون .. قلقون .. مسهدون !!!

لا يعرفون راحة .. ولا أمناً .. ولا سلاماً !!!

إنهم حاذرون .. متوجسون .. مترقبون أي إشارة .. تأتيهم من أسيادهم العبيد.. القابعين في الكرملين .. أو في قم .. أو في البيت الأسود .. المسربل بالقطران والحديد !!!

إنهم يتبدلون .. ويتغيرون .. ويتذبذبون .. في ولائهم .. وتبعيتهم .. وعبوديتهم .. بين هؤلاء .. وأولئك !!!

إنهم يبيعون .. إنسانيتهم .. وآدميتهم .. وضمائرهم .. ودينهم .. وأخلاقهم .. وكل ما يملكون من قيم الحياة – إن كانوا يملكون – لمن يدفع أكثر .. من القناطير المقنطرة من الذهب والفضة .. والخيل المسومة .. والأنعام !!!

أو لمن يدفع أكثر بالدرهم .. أو الدينار .. أو الدولار !!!

إنهم رضوا بالحياة الدنيا الدنية.. واطمأنوا إلى متاعها الرخيص .. المهين .. وقنعوا بالعيش الدون !!!

ونسوا يوم الحساب العسير !!!

ما أبأسُهم !!!

وما أتفههم !!!

وما أصغرهم !!!

وما أضعفهم !!!

غير أنهم :

يتنمرون .. ويستأسدون .. ويتكبرون على مواليهم .. ورعيتهم .. والضعفاء من شعوبهم !!!

لكنهم :

يخنعون .. ويخضعون .. ويستسلمون .. ويخنسون لأسيادهم العبيد !!!

ويحسبون أنهم .. ينفعونهم .. أو يضرون !!!

ويخافون منهم .. كما تخاف الفئران من القط السمين !!!

فتلوذ في جحورها .. حالما يصرخون في وجوههم .. أو يأمرون !!!

لأن أحلامهم .. أحلام العصافير .. وعقولهم .. عقول الرضع .. الرتع من البهائم .. والحمير!!!

لا يهمهم إلا رضا العبيد !!!

هذه الأوصاف المذكورة أعلاه .. موجودة لدى قسم كبير من الشعوب العربية وحكامها !!!

تسرح .. وتمرح .. وتتمتع بملذات الدنيا الرخيصة .. كما تتمتع الأنعام بالضبط .. لا يهمها عزة ولا كرامة ولا حرية ولا سيادة .. ولا تفكر في آخرة .. ولا جنة ولا نار .. مقطوعة الصلة نهائيا عن العالم العلوي .. ومنغمسة حتى أذنيها في العالم السفلي .. الترابي .. والمستنقع الطيني .

ولكن السؤال المهم .. والكبير جدا ..

هل يمكن لهؤلاء أن يتحرروا من ربقة العبودية المهينة الذليلة هذه ؟؟؟!!!

أعتقد – والله أعلم – أنه صعب جدا .. إن لم يكن مستحيلا ..

لأنه قد خُتم على أسماعهم وأبصارهم .. وعلى قلوبهم غشاوة فلا يعقلون ..

وتشبه صفاتهم صفات الذين ذكرهم الله تعالى :

( وَسَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ ) يس 10

( خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ) البقرة 7

وبالرغم من صعوبة المهمة في انتشال هؤلاء من المستنقع الآسن .. وتحريرهم من القيود والأصفاد التي تشدهم إلى الأسفل .. فإنه إذا توفر الداعية الحاذق البارع الحكيم .. الذي يتمتع بصفات الصبر والحلم والقدرة على معرفة الطريق الصحيح .. للولوج إلى قلوبهم .. فقد يستطيع أن يحرر بعضا منهم .. وينقلهم من ذل العبودية للعبيد .. إلى عز العبودية لرب العالمين .. والاستعلاء على العبيد أجمعين ..

وهذه هي مهمة الدعاة إلى الله .. والمصلحين .. وورثة الأنبياء ..

( لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا ) الأحزاب 21

الثلاثاء 20 رجب 1440

26 آذار 2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here