هل هي صفقة القرن .. أم صفعتة ؟؟؟

محمد علي مزهر شعبان

سيناريوهات منذ اوسلو حيث بدأت تفكيك الدول والمؤسسات، وأصبحت مجرد دول داخل اقفاص، وان راود الشعب العربي ان باب الامل مفتوح لحل الازمة، ثم سرعان ما يعقب ذلك من تكثيف لسحابات الغموض إلى حد تعتيم الرؤية تماما. وما بين الترهيب وعبور اي احتمالية لفك الازمة من سياسة النار والزحف المستمر والتأيد المطلق، ممن سمى نفسه شريكا في حروب التفاوض، واذ به ناطقا رسميا بأسم اليمين المتطرف الصهيوني . وبين الترغيب في ان تتجه البوصلة لمحور استبدل العداء الموهوم لاسرائيل ليتخذ من ايران العدو الاول، حتى اضحت اسرائيل ليست جزء من المشكلة بل هي الحل لسياق الازمة باتجاه اخر. والسؤال كيف السبيل لهذا التوجه ان يتحقق دون حل مايسمى القضية المركزيةالتي قذفت وراء الظهر، بل انحسرت ان تكون ذيلية جهزوا لها كل وسائل التذويب، حين اوصلوا الشعوب الى قناعات في ان تكون الحلول وفق رؤى الراعي، في إعدام اي رأي للفلسطينين حيث تملى عليهم اجراءات يجري تطبيقها على الارض يوميا ؟

الصفقة تعتمد ببنيتها الرئيسية على إلغاء الحدود، بمعنى ان هناك مركز واحد وهو اسرائيل، ولابد من شريك وممول من محور عربي ، حيث سيكون الانحسار الاقتصادي ضاربا في العمق الاردني والمصري، ليقعا تحت تاثير الاغراء لمليارات ال سعود والامارات، اضافة الى اصطفاف هاتين الدولتين كرؤى تنسجم مع المشروع الامريكي والصهيوني . ان هذه الصفقة يجري تطبيقها على الارض وبكل وقاحة من نقل السفارة والاعتراف بالجولان ويهودية الدولة، حيث لازال “كوشنير” يرتب الخطوات القادمه . بدأت بتجويع الشعب الفلسطيني، وتراكم المديونية على الاردن، وما تعيشه مصر من ازمة اقتصادية، ربما ستؤدي الى انهيارات في مواقف شعوب تلك المنطقه، وحينما تضرب موجة الجوع يكون لها صدى اخر قد يغير بوصلة المواقف، وهو الضرب في الخاسرة الرخوة .

الصفقة لم ترضى بها الا عواهر العقول حيث تذهب مع الريح كل تلك الدماء في اربع حروب، لتكون القضية الفلسطينية حاضر، فيه السطوة للمقتدر في ان يخطط لبرنامجه منذ اكثر من قرن . القدس بشقيها عاصمة ابدية لليهود، وتوطين الفلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنهاء ازمة رجوع اللاجئين. وذلك بتوفير أرض بديلة في شبه جزيرة سيناء لتُقام عليها دولة للفلسطينيين . وحتى يمهدا لهذا الامر سمح السيسي بقرار السكن في ارض سيناء مهما كانت هوية الساكن . والمسئلة التي أخذت اشواطا من ايام القرار242 و338 ومشروع روجرز وكامب ديفيد واوسلو ومدريد وشرم الشيخ، ذهبت أدراج الرياح في كل اتفاقاتها وبنودها، لان اسرائيل ترفض حل الدولتين، وان الارض لم تستوعب الا بقذف الفلسطينيين في مهاجر صحراء سيناء وبعض الانثلامات والتقسيمات في الضفة الغربية، لتنتفخ الحدود العمودية للاردن نحو الانتفاخ، ويكون فيها الفلسطينيين فدرالية اردنية . كذب من يقول انها مجرد اراء للضغط في العودة الى التفاوض، كل الدلائل والمقدمات توحي على ان الصفقة ماضية، ولا رأي لمن لا يطاع . غزة يعطوها دولة بمساحة 712 كم على حساب سيناء، وتمنح اسرائيل ذات المساحة في النقب على حساب مصر، والضفة تكون تحت وطأة الدبابه الاردنيه بدل الاسرائيلية . لتبقى فلسطين كانتونات مشرذمه معزولة دون مقومات دوله، مرة عاصمتها في ” ابو ديس” تحت سيطرة اسرائيلية مطلقه على الامن والارض . كل هذا الترهيب يصاحبه رشى لمصر والاردن بل حتى لصاحب رام وجوقته . الصفقة ليس امتثال للاملاءات الامريكية بل هي افكار الصهيوني كوشنر حين تبنى تبن مطلق لموقف اليمين الاسرائيلي والليكود . رسومها فرض اقامة دولة على الاراضي ” أ ” و” ب” ولم اعرف جغرافية الالف والباء ربما في الضفة او في المريخ، تسيطر عليها القوات الاسرائيلية . مشروطة ان تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح . وان تكون ادارة حركة طيران الفلسطيني من اجزاء من ” اسدود” وجزء من حيفا تحت صلاحيات امنية اسرائيليه . ومن مكارم الصفقة ان تكون المياه الاقليمية والاجواء والموجات الكهرومغناطيسيه تحت سيطرة الكيان المطلقه . ومن خيبات النضال اعتبار منظمة التحري الفلسطينيه ارهابية، بعد القضاء التام على حماس . هي ذي الصفقة، ومقدماتها حتى يذل الشعب بتجويعه وتشريده، وقطع تمويل وكالة ” الاونروا” والغاء كامل المساعدات للفلسطين من امريكا ومحورها العربي، في حالة عدم الاستجابة للقبول بهذا الشروط . ولفك الحصار مرتبط بمفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية وتطبيع العلاقات لتلك المأمورية، بقيادة المملكة العربية السعودية. حينها توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية اذا قدر ان تكون بمعالم دولة .

هكذا تفكرأمريكا في البحث عن الحل بالطريقة الإسرائيلية، وبالتالي لن توافق على دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وتجردت من حدود 1967 او الادنى منها بكثير . لتدرك امريكا ان تجارب العالم وحركات التحرر لم يكن جوعها جوع طعام وإنما جوع حرية وكرامة وسيادة ، وبالتالي فإن المسافات واسعة وبعيدة وستجري خلالها ما لا يحمد عقباه، وستدفع الثمن أمريكا لانها تلعب بمصائر الشعوب، لانها الكفيلة باستمرار لدعم قوة إسرائيل وشروطها، التي تعتبرها محطة متقدمة للاستعمار الجديد لتكوين امبراطورية حاخامات بني صهيون .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here