اقتراح برلماني دليل على استمرار عقلية إهدار و نهب و عدم مسؤولية

بقلم مهدي قاسم

وفقا للأخبار الواردة و المنشورة على صفحات بعض الصحف
والمواقع و التواصل الاجتماعي ، مفادها أن كتلة الإصلاح والإعمار النيابية قدمت مقترحا ” يقضي ب” بتخصيص
10% من العائدات النفطية المالية على جميع العراقيين * ” !.

يبدو هذا المقترح للوهلة الأولى بشارة خير و بركة ، وذات نزعة حاتم
طائية غير محدودة لنهج عطايا و مكرمات كلها رفاهية وسعادة مع المن و السلوى ، حيث قررت هذه الكتلة الخيّرة والوطنية الأصيلة !! إغداقها على العراقيين ليعيشوا ببطون شبعانة ونفوس جذلة و فرحانة كلها سرور وبهجة رنانة ..

على الأقل هكذا سيبدو الأمر شكليا و ضربا من ضروب إثارة سياسية و كأسلوب
للمزايدة والخدعة ، و ذلك استمرارا في مواصلة أساليب التضليل والدجل السياسي والاجتماعي ـــ في حالة عدم جديته ــ هذا من جانب ، أما من جانب آخر ، فهو يأتي دليلا آخر و جديدا ــ في حالة صحته و جديته ــ على استمرارية عقلية النهب و الهدر للمال العام منذ سقوط النظام
السابق و حتى الآن ، بسبب روحية الجشع و الطمع الضبعين ، زائدا الأمية السياسية و المهنية و انعدام روح المسئولية الوظيفية ، وما يرافق ذلك من احتضار الضمير الوطني و الإنساني ، علاوة على ضيق الأفق الشديد في الرؤية المستقبلية للأجيال الحاضرة و المستقبلية القادمة
، هذا دون أن نذكر أن العراق مثقل حاليا بديون خارجية كبيرة و ضخمة تجاوزت مائة مليار دولار مع ما تترتب على ذلك من فوائد و التزامات مالية أخرى ستتزايد متفاقمة شهر بعد شهر ، لتشكل قيودا و أثقالا إضافية فوق كاهل العراق المالي المترنح و المهزوز أصلا ، بدون هذا الكرم
الحاتمي !! ..

بينما الأصح و أكثر عملية وفائدة ــ حسب اعتقادنا ــ للاقتصاد العراقي
هو توظيف هذه العشرة بالمائة من عائدات النفط ، لإيجاد فرص عمل استثمارية واعدة ونافعة لعدد كبير من الأيدي العاملة العاطلة و دعم القطاع الخاص ـــ غير الهجين و الطفيلي ـــ لزيادة توفير فرص عمل ذات مردود نفعي مشترك للفرد و الدولة في آن ، وذلك من خلال تنشيط الاقتصاد
الوطني و خلق آليات وعوامل تنميته وازدهاره على المدى القريب و البعيد ..

أما عملية توزيع عائدات النفط غير المشروطة على المواطنين و تحديدا
بدافع زيادة الهوس الإهدار و النزعة الاستهلاكية فحسب ، فهي ستكون ضربا من الحماقة والمزادة الفئوية والسياسية الرخيصة والغباء السياسي الذي ميّز معظم الأحزاب والتنظيمات السياسية الحاكمة المتنفذة في المنطقة الخضراء و خارجها ..

و يبقى أن نقول أنه وفقا لبعض الإحصاءات التي جرت مؤخرا ــ مع الأسف
لم أجدها الآن في أرشيفي ــ فقد تبين أن عددا كبيرا جدا من العراقيين عموما ، و البغداديين خصوصا ــ يرمون شهريا عشرات الأطنان من الأطعمة الصالحة للأكل في حاويات القمامات ، لأنهم لا يحبون أن يأكلوا الطعام المتبقي من الطبخة السابقة ، ناسين أو متناسين أزمنة الجوع
المزمنة التي عانوا منها في مرحلة الحصار الاقتصادي الطويلة بشكل قاس و مؤلم !..

هامش ذات صلة :

البرلمان يقترح توزيع 10% من العائدات
النفطية لكل فرد عراقي
اعلنت كتلة الاصلاح والاعمار النيابية يوم الثلاثاء عن تقديم مجموعة
من النواب مقترحا يقضي بتخصيص 10% من العائدات النفطية المالية على جميع العراقيين.

وقال رئيس كتلة رئيس كتلة الإصلاح والإعمار النيابية صباح الساعدي في
مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب بمشاركة نواب ان “نواب من مختلف الكتل السياسية تقدموا لمجلس النواب بمقترح قانون صندوق المواطن لوضع 10‎%‎ من النفط وتوزع للمواطنين عبر صندوق في وزارة المالية”، موضحا ان “اموال النفط والثروات تعود الى الشعب العراقي وفق الدستور واغلب
الاموال ذهبت هدرا لسوء الادارة ــ نقلا عن صحيفة صوت العراق ) “.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here