المرأة التونسية نموذج للمرأة العربية المتحضرة

قبل ان ندخل في تفاصيل اهم ماحققته المرأة التونسية في مجال حقوق المرأة والدور الذي تلعبه في بناء المجتمع والدولة سوف نعرج على العصور التي مرت بها المجتمعات والتي كانت في معظم فتراتها مجتمعات ابوية تكون القيادة فيها للرجل وفترات قليلة وقصيرة خضعت المجتمعات لسيطرة المرأة . احتلت المرأة فيها مكانة اجتماعية محترمة اضافة الى المكانة الروحية التي منحت لها في عصور مختلفة وخاصة عندما كانت العلاقات الجنسية بين الذكر والانثى متحررة ونتيجة ذلك كان الاولاد ينتمون الى امهاتهم لعدم امكانية معرفة الاب ومن مميزات هذا المجتمع الامومي حيث تسود المبادئ المشاع والعدالة والمساواة التي تقود نحو الجمع والتوحيد وكانت المرأة اول من اسس النظام العائلي واول من اهتم بتربية الابناء ورعايتهم واول من اهتم بالزراعة وتوفير الغذاء ونسج الملابس وصنع كل ماتحتاجه العائلة فكانت المرأة في المجتمع الامومي تتميز بالخصائص الانسانية النبيلة وبث قيم ترتبط بالمحبة والاجواء العاطفية ونشر السلام بعيدا عن العنف وبعيدا عن استخدام القوة والتسلط. ونظرة حول نشوء معظم الديانات التي كانت قد بداءت متاثرة بالالهة عشتار و هي إلهة من الآلهة الكبرى في الشرق الأدنى القديم، حيث كانت تُدعى إنانا في العصر السومري. واعتمادًا على الأساطير السومرية، فإن عشتار كانت شقيقة الإله شمش “شمس”، وهي إلهة العدالة، وابنة الإله أنو المتربع على عرش الآلهة في المجمع الإلهي السومري في أوروك. أما عن شعارها، فقد كان نجمة الصباح، حيث كانت دائمًا تعتلي الأسود، وتحمل جعبة وسلاحًا بيد وصولجان الملك بيدٍ أخرى، حين كانت تمشي بجانب الملك وتساعده في حروبه.
.اما المبادئ التي يستند عليها المجتمع الابوي فتعتمد على التملك والتسلط والتمييز والتي تقود الى بناء الحدود والحواجز والتفريق وكان من اهم واجبات الرجل الصيد وملاحقة الطرائد .
ونظرة سريعة حول طبيعة الانظمة الحاكمة والسائدة في مجتمعاتنا اليوم وبمختلف ايدولوجياتها نراها مجتمعات ابوية ان كانت انظمة ديمقراطية غربية او اشتراكية وياخذ هذا الوصف ابعد مدياته في مجتمعاتنا العربية وذلك لعدة اسباب منها ان المجتمع العربي يفتقد الى الحراك الاجتماعي لانه ينتمي الى الماضي بقوة وان الذكور تمارس سلطاتها بشكل تعسفي اتجاه المرأة او حتى الافراد الاصغر في العائلة او القبيلة او المجتمع ويعزى ذلك لارتباط المواطن العربي في اللاوعي بالبيئة البدوية الصحرواية وقيم البدواة والقبلية .
صحيح ان مجتمعاتنا العربية قد تخلصت من واد البنات لكنها لازالت تمارسه وباشكال وصيغ متعددة من خلال القهر والتهميش الاجتماعي والفكري والروحي والاقتصادي. ,وحسب ماجاء في كتاب الباحث الاجتماعي خليل احمد خليل ( عقل العلم وعقل الوهم في الصفحة 139 “تُعدّ الولاية الذكورية ظاهرة إنسانية عالمية، نشأت من الملكية الخاصة للعائلة والسلطة، للنساء وللدين، وأفضت إلى استعمار ذكوري للمعمورة أو للعالم المعلوم المكشوف”
.

لازالت المرأة العربية تعاني بسبب العادات والتقاليد والفهم الخاطئ للدين من الكثير من الظلم والحرمان من الحقوق ولازال المجتمع العربي ينظر للمرأة كجسد فقط ولاينظر لها كانسان يجب ان تتمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها الرجل ويجب ان نبتعد عن المفهوم الخاطئ الذي يقود الى ان اعطاء المرأة سقف عالي من الحرية سوف يقودها الى الفساد الاخلاقي في حين لاتطبق نفس القواعد مع الرجل ولابد من ان يكون الوعي بالمرأة كإنسان كي تستطيع ان تمارس حريتها ودورها الطبيعي والايجابي الفعال في المجتمع.
تتميز المراءة في تونس عن باقي الدول العربية بما وصلت اليه من نيلها الكثير من الحقوق ،وكانت بداية نيل الحقوق عام 1956 وتعزز ذلك في دستور عام 2014 الذي دخل حيز التنفيذ 2018. تمثل المرأة التونسية 27% من مقاعد المجلس التاسيسي وهي اعلى من المتوسط العالمي 19% وايضا شغلت 30% من مقاعد مجلس النواب وكان لتصويت المرأة التونسية الكلمة الفصل في السباق الرئاسي لصالح الباجي قائد السبسي عندما منحته مليون صوت نسائي..
وأن النساء التونسيات يمثلن 60 في المائة من العاملين في قطاع الطب، و35 في المائة من العاملين في قطاع الهندسة، و41 في المائة من العاملين في قطاع القضاء، و43 في المائة من العاملين في المحاماة، و60 في المائة من حاملي الشهادات العليا. وهذا يعني بأن المجتمع المدني في تونس قائم على المرأة.

والجدير ذكره ان تونس تخصص اكثر من 5.1 % من ميزاتيتها للثقافة وهي نسبة عالية قد لانجدها في بعض الدول الاوربية
الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي كان له السبق في عالمنا العربي في طروحاته الجريئة من خلال طرحه مراجعة الإصلاحات الدستورية المرتبطة بالحريات الفردية والمساواة، بما يدفع نحو المساواة بين الجنسين في الميراث، و أن الدولة ملزمة بتحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وضمان تكافؤ الفرص بينهما في تحمل جميع المسؤوليات وفق ما نص عليه البند 46 من الدستور، وأضاف أنه يمكن المضي في المساواة في الإرث بين المرأة والرجل وايضا فصل الدين عن الدولة من خلال تصريحه ما عندناش علاقة بحكاية الدين وحكاية القرآن أو الآيات القرآنية. إحنا عندنا علاقة بالدستور واللي أحكامه آمرة، كما قلنا…” وتابع خطابه قائلا: “ونحن في دولة مدنية والقول بأن مرجعية الدولة التونسية هي مرجعية دينية خطأ وخطأ فاحش. أنا اقترح إنه المساواة في الإرث تصبح قانونا” وإلغاء كل النصوص المتعلقة بمنع زواج التونسية بأجنبي، يعني بعبارة أوضح منشور 1973 وكل النصوص المشابهة له ومنح الحرية للمراءة التونسية بالزواج من غير المسلم . وتحديد الحد الأدنى للزواج بـ 17 سنة للفتاة و20 سنة للفتى، ومنع الزواج العرفي وفرض الصيغة الرسمية للزواج وتجريم المخالف، وكذلك إقرار المساواة الكاملة بين الزوجين في كل ما يتعلق بأسباب الطلاق وإجراءاته وآثاره.
اذا اردنا لشعوبنا ان تتحرر وان تتقدم فلابد ان ان نعطي الحقوق الكاملة لاكثر من نصف المجتمع المغيب والمحروم من اداء دوره في البناء والتقدم والازدهار.
د.عامر ملوكا

مع كل التقدير

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here