العراق سبّاق وجودا على الأديان و المذاهب والقوميات الوافدة

بقلم مهدي قاسم

اقصد بالوافدة أو الدخيلة تلك الأديان و المذاهب و القوميات
التي نشأت في العراق نتيجة الهجرة المعيشية المتواصلة و الغزوات الدينية أو كذلك الاستعمارية ، و ذلك بحكم كون العراق كان معروفا و ذات صيت منتشر جدا آنذاك في بقاع العالم لكونه ” بلاد ما بين النهرين ” و ذات أراض خصبة بعشبها و مروجها ورياضها النضِرة والوفرة المنتشرة
، فقصدتها أقوام وجماعات ، حيث استوطنتها مستلذة العيش فيه و كذلك الإقامة الدائمة ، و مع قدوم هذه الأقوام و النحل و الجماعات و جيوش الغزوات انتشرت في العراق أديان و مذاهب شتى ، غير أن مصادرها لم تكن أصلا عراقية المنبت و الجذر ، إنما ذات أصول عربية و عجمية غريبة
و دخيلة على العراق ذات الحضارة العريقة ، و بدلا من أن يصبح العراق غنيا و ثريا بهذه الأديان والمذاهب ــ حيث من المنطق و المفروض أن يكون الأمر كذلك ــ فأصبح اكثر فقرا روحيا و حضاريا وتمدنا بسبب الصراعات الدموية والتهميشية أو الإقصائية المتعمدة التي خضتها هذه
الأديان والمذاهب فيما بينها بهدف الهيمنة و بسط النفوذ والسطوة بحق بعضها ضد البعض الآخر ، و استمرت هذه الحالة إلى أن تمخضت عنها أغرب الحالات الثلاث العجيبة أولهما : تكاثر الأقوام الوافدة على حساب الأقوام المستوطنة الأصيلة و ذلك من خلال قمعها و التضييق عليها
عيشا و قتلا وتنكيلا ، لأسباب دينية حتى كاد العيش أن يكون مستحيلا الأمر الذي أجبرها على الهجرة إلى خارج العراق ، ولم يبق منهم إلا بضعة آلاف فحسب ، و ثانهما جعل العراق أسوأ مكان للعيش حاليا ، بفضل سياسات ممثلي هذه الأديان و المذاهب ، أما ثالثهما هو المطالبة
بتقسيم العراق كتبرير للفشل الذريع الذي يعيشه العراق بسبب هذه الصراعات الدينية والمذهبية والقومية ذات الطابع التهميشي و الإقصائي أصلا ..

و هنا نود أن نسأل : هل سمعتم بأحد من أبناء مستوطني العراق
الأصائل من المسيحيين أو المندائيين طالبوا بتقسيم العراق ؟..

لا .. لا أظن ذلك .. لأنهم أكثر حبا و عشقا بالعراق من
أمن يطالبوا بتقسيمه ..

ملاحظة جانبية ربما ذات صلة :

لنتصور ــ سيكون الأمر كذلك ــ أنه بعد خمسين عاما ستبلغ
نفوس المسلمين في دنمارك عشرة ملايين ــ مثلا ــ لنقل ستة ملايين نفوس ” السنة ” وأربعة ملايين نفوس ” الشيعة ” في مقابل انخفاض نفوس الدنماركيين إلى أقل بكثير مما هي عليها الآن ــ و هذا الاحتمال شبه أكيد مع مرور السنين ــ حيث سيُطالب الوافدون و المستوطنون الجدد
بتقسيم دنمارك ، أي سيُطالبون بتقسيم البلد إلى ثلاث دويلات ، دويلة مسيحية ذات أقلية دنماركية سيكون مصيرهم مثل مصير مسيحيي العراق المزري حاليا ــ و ذات أكثرية مسلمة مكوّنة من دويلة ” سنية وهابية ، و دويلة ” شيعية خمينية “!!.

قد يكون ما كتبناها الآن مثيرا لضحك البعض غير أن الأمر
سيكون كذلك حتما فالمسألة هي مسألة الوقت فحسب …

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here