حكامنا وحكامهم، مشاهدات ومواقف

علاء كرم الله

يتفق معي الكثيرين بأن غالبية الرؤوساء والقادة والملوك العرب وبلا أستثناء سيقابلون ربهم بوجه أسود كالح وستكون جهنم مصيرهم!، لأنهم لم يحسنوا خيرا مع شعوبهم وبلدانهم بل أفقروهم ودمروهم وجلبوا عليهم الويلات وكل المأسي، وأرتكبوا كل المعاصي والمحرمات ضدهم ومارسوا كل انواع القهر والظلم معهم ،وأن كان هناك أستثناء منهم فهم لا يعدون على أصابع اليد الواحدة!.

كما ويعرف عن القادة والرؤوساء والملوك العرب أنهم يأتون الى الحكم اما عن طريق الأنقلابات العسكرية الدموية أو عن طريق الوراثة، او عن طريق الأنتخابات المزورة المفضوحة والواضحة!، ولا يتركون الحكم ألا بالثورة والسحل والموت، وهذا ما جبل عليه العرب منذ ان قامت الدنيا والى يوم تقوم الساعة!، وكما قال عنهم المؤرخ العربي بن خلدون ( آفة العرب الرئاسة).

وهذا بالطبع هو عكس صورة قادة الغرب ورؤسائهم الذين يأتون الى الحكم حسب رغبة شعوبهم وبشكل صادق وشفاف وعن طريق الأنتخابات النظيفة التي لا تشوبها شائبة، وأن يحدث أمرا غير ذلك هنا وهنا فهو يشذ عن القاعدة والأخلاقية السياسية التي جبلوا عليها والتي تقوم على الصدق والشرف والنزاهة والشفافية في الحصول على المنصب.

أن العلاقة بين الحكام وشعوبهم تعكسها نظرة الحاكم وتفانيه من أجل شعبه وأمته وتتجلى تلك عند الشدائد والأزمات والمواقف الصعبة.

فدعوني أنقل لكم بعضا من هذه الصور والمشاهد التي تظهر علاقة الحاكم مع شعبه ورأي الشعب به!.فهذا رئيس وزراء أسرائيل (نتنياهو) يقطع زيارته لأمريكا! ويختصر لقاءه مع الرئيس الأمريكي (ترامب)، رغم أن اللقاء هو في غاية الأهمية حيث تأتي الزيارة واللقاء على خلفية أعلان أسرائيل سيادتها على مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967!.

ولكنه حالما سمع بسقوط صاروخ فلسطيني (صنع محلي) أنطلق من غزة وأصاب أحد البيوت في أسرائيل وأدى الى جرح 7 أشخاص فقط!، أختصر لقاءه مع الرئيس الأمريكي (ترامب) وقطع الزيارة وعاد فورا الى أسرائيل ورد على أطلاق

الصاروخ الفلسطيني بقوة وبشدة وذلك بضرب مقرات هامة وحساسة لمنظمة حماس التي تبنت العملية بالطائرات والمدفعية.

في صورة مقابلة، عندما غرقت الموصل ببحر من الأحزان يوم 21/ نوروز بسبب كارثة غرق العبارة والتي راح ضحيتها أكثر من 200 شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، وفي أوج قمة الكارثة وفي الفوضى التي عاشتها الموصل على وقع الكارثة،

وعندما قام رئيس الحكومة عادل عبد المهدي بزيارة محافظة الموصل للوقوف على حجم الكارثة التي هزت ضمير العالم أجمع وبدلا من أن يقيم في الموصل ويبقى هناك للسيطرة على حالة الفوضى التي عاشتها الموصل ولا زالت لحد الآن منذ 21/ نوروز، وحسب متطلبات الموقف الأنساني والكارثي الذي عاشته المدينة المنكوبة أصلا بسبب الدمار الذي خلفته الحرب على داعش،

وبعد أنتشال جثامين أكثر من 120 ضحية من نهر دجلة وبقاء قرابة 100 شخص هم في عداد المفقودين الى الان! ، وأذا بالعراقيين يتفاجأون بسفر رئيس الحكومة الى مصر لحضور أجتماع القمة بينه وبين الرئيس المصري والملك الأردني!!.

أن تركه الموصل وهي في هذه الحال وذهابه الى الأجتماع، قوبل بالسخط وبالرفض الجماهيري والشعبي من عموم العراقيين الذين لم يروا في ذلك ألا أستخفافا بأرواح من ماتوا!، وأترك لك عزيزي القاريء المقارنة بين مشهد رئيس حكومة أسرائيل ورئيس حكومتنا!؟.

وهنا لا بد من الأشارة والقول بأن العراق ومنذ 2003 ومن بعد الأحتلال الأمريكي له ولحد الآن، لم يجن من كل اللقاءات والأجتماعات التي حضرها مع الدول العربية أو مع دول الجوار وفي كل المجالات السياسية والأقتصادية والعسكرية والأمنية أي شيء يمكن أن يفيد العراق سوى مزيد من الحلب له والأستفادة من خيراته على حساب خراب العراق وجوع وفقر شعبه!، وليدلني أحد على لقاء وأجتماع ربح العراق فيه شيئا أو أصابه الخير من ذلك؟.

صورة ومشهد آخرأنقله لك عزيزي القاريء، هو مشهد الرفض الجماهيري الجزائري لرئيسهم، حيث خرج الجزائريين بالجمعة السادسة بمظاهرة مليونية تطالب الرئيس الجزائري (بوتفليقة) بعدم ترشيح نفسه للرئاسة للمرة الخامسة حسب ماكان يريد!! وطالبت الحكومة كلها بالرحيل

علما بأن الرئيس (بونفليقة) يعد غير لائق من الناحية الصحية لكونه مقعد ويدير الحكم من على كرسي (للمعوقين)! ولكنه متمسك بالحكم ورشح نفسه لولاية خامسة!.

في صورة ومشهد مقابل نقلت وسائل الأعلام العالمية مشهد لرئيسة تشيلي(ميشيل باشليت) وهي تودع الجماهير المحتشدة التي كانت تلوح وتصفق لها وتسمعها كلمات الحب والتقدير ويقبلونها والدموع تذرف من أعين الجميع ويطالبونها بالترشيح لولاية أخرى!!

لكونها أشعرتهم بأنها لم تكن رئيسة تحب وطنها وشعبها وقضت على الفساد في تشيلي فحسب بل أشعرتهم بأنها أم حنون للجميع ترعى مصالحهم بكل شرف ونزاهة وصدق وأمانة، حيث شهدت تشيلي في فترة حكمها التي دامت لولايتين،، التقدم والتطور في كل المجالات وخاصة المجال الأقتصادي.

ومنظر الحب الجماهيري لرئيسة تشيلي التي قابلها الشعب به، ذكرني بالمقابل، بمنظر الغضب والصياح والصفير الذي قوبل به رئيس الجمهورية (برهم صالح) من أهالي الموصل عندما ذهب الى المدينة للوقوف على كارثة العبارة، فمن شدة غضب اهالي الموصل عليه أضطر أن يترك سيارة الموكب الرئاسي!، ولولا الشرطة وتدخلهم لأنقاذه وبسيارة الشرطة للقي ما لا يحمد عقباه! ، ولربما كان تعرض الى كارثة من قبل الجماهير الغاضبة!.

أن أهالي الموصل بل وعموم العراقيين يرون أن الرئاسات الثلاثة هي السبب وراء كل خراب ودمار وكارثة حلت وتحل بالعراق أن كانت بالموصل أو غيرها من المحافظات منذ 2003 ولحد الآن! وأترك للقاريء المقارنة بين المشهدين.

أقول أن الحكومات هي التي تخلق الحياة وهي التي تربي الشعب والحاكم هو مثل رب الأسرة الناجح الذي يحرص على أسرته ويذود ويدافع عنهم من كل شيء ويعمل المستحيل من أجل أسعادهم والأرتقاء بهم نحو الأحسن. فمتى يشعرنا حكامنا بذلك؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here