القمم العربية قرارات على الورق

سالم سمسم مهدي

منذ القمة العربية الاولى سنة 1946 في أنشاص بمصر وحتى اليوم تجاوز عدد مؤتمرات القمة الخمسة والأربعين مؤتمراً بين عادي واستثنائي واقتصادي أو محدود العدد وأن مقدار ما أنفق عليها من ملايين الدولارات يكفي لإطعام ملايين البطون الجائعة ويوفر ملايين جرع الدواء لآخرين تنهش الأمراض أجسادهم من المحرومين العرب …

لو أردنا استعراض ما صدر من هذا الكم الهائل من المؤتمرات ابتداء من أولها الذي نادى إلى إيقاف الهجرة اليهودية لفلسطين وحتى آخرها اليوم الذي رفض اعتراف أمريكا بعائدية الجولان السورية المحتلة لإسرائيل لوجدنا أنها جميعا تتحدث عن التضامن العربي والحق الفلسطيني ووحدة المصير واحترام حقوق الإنسان ونشر الثقافة والعلوم وصولاً للعلوم النووية وأضيفت في السنوات الأخيرة فقرة جديدة وهي محاربة الإرهاب …

وكذلك لو تتبعنا ما صدر منها وما حصل في الواقع لرأينا ان ما نتج هو مغاير تماما لما صدر من تلك القرارات فقمة انشاص قرب القاهرة التي أكد المجتمعون فيها على إيقاف الهجرة الصهيونية لفلسطين خرج عليها هؤلاء الشخوص عندما سحبوا الجنسية الوطنية من اليهود وطردوهم خارج حدود بلدانهم لتستوعبهم مستعمرات هُيأة لهم في الأراضي المحتلة وليقدموا الدعم للهجرة وهي احد الاهداف الثلاثة التي وضعتها الحركة الصهيونية لتنفيذ مخططاتها في فلسطين القائمة على : الهجرة والاستيطان والدعم …

أما وحدة المصير العربي فلم تكد تمر فترة طويلة حتى نسمع بحروب إعلامية ترقى الى حد التهديدات العسكرية تنشب بين هذه الدولة العربية وتلك لأسباب تافهة لا تستحق أن تسفك من أجلها قطرة دم أرضاء لمصالح شخصية لحكام جهلة مأمورين من أسيادهم …

يُعد مؤتمر القمة الرابع الذي عقد بعد هزيمة ونكسة حزيران سنة 1967 هو الأقوى من بينها لأن قراراته تضمنت إعلان اللاءات الثلاث : لا صلح ، ولا تفاوض، ولا اعتراف بإسرائيل فضلا عن أنه أسفر على فتح صندوق لدعم المجهود الحربي لدول المواجهه اشتركت فيه كلا من السعودية والكويت وليبيا مع تحقيق صلح بين الرئيس جمال عبد الناصر والملك السعودي فيصل حيث كانت هناك قطيعة وتوتر وسباب يُسمع كل يوم من إذاعة صوت العرب والأعلام السعودي المقابل سببها الأساسي الاختلاف الفكري ولتدخل مصر في اليمن لدعم انقلاب المشير عبد الله السلال ( ضابط تخرج من الكلية العسكرية العراقية ) على الأمام البدر الذي هرب إلى السعودية وتكبدت مصر ألاف القتلى مع خسائر مادية جسيمة لا يتحملها الاقتصاد المصري الركيك أصلاً …

الملفت للنظر أن صندوق الدعم المادي الموعود كنتيجة لمقررات المؤتمر لم تُشمل به سوريا بالرغم من أنها الذراع الشمالي بالمواجهة مع العدو بسبب رفضها حضور المؤتمر وطالبت باستمرار الحرب مع إسرائيل …

ولم يمضي كثيرا من الوقت حتى شاهدنا الدولة المتحمسة لمؤتمر اللاءات الثلاث تعقد الصلح مع إسرائيل ليتم تبادل الزيارات ومن ثم الاعتراف بالدولة العبرية مقابل جزء من الاراضي التي احتلتها في سيناء لتظل الضفة الغربية والقدس وهضبة الجولان وقطاع غزة تحت سيطرة الدولة العدوة ولم يطبق مما صدر من قرارات شيئاً بل شهد العالم العربي مزيداً من التمزق وحروب داخلية في أكثر من دولة تغذى بسلاح وأموال عربية أدت الى خسائر بشرية بالملايين بين قتيل وجريح ومعاق ومشرد مع خسائر أخرى مادية جسيمة لا مثيل لها بالتأريخ …

وأستمر الحال على هكذا منوال مع كل مؤتمر يعقده الحكام العرب رؤساء وملوك حتى وصلنا الى ما نحن فيه اليوم أي مؤتمر سنة 2019 في تونس الذي لم يفعل شيئاً غير تكرار ما كان يصدر من مؤتمرات سابقة من شجب واستنكار والعالم يتفرج على انسحابات هؤلاء الحكام من المؤتمر حتى قبل صدور البيان الختامي له ليقتنع الجميع أن القرارات الصادرة عنه مجرد حبراً على ورق لم يغير من الواقع البائس شيئاً ليبقى العرب أغبى أمة في التأريخ .

سالم سمسم مهدي

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here