فلسفتنا بأسلوبٍ و بيانٍ واضح … الملكية الخاصة لم تكن وراء مآسي الرأسمالية

مما لا يختلف عليه اثنان هو أن لكل شيء في هذا الكون الفسيح لابد من وجود الأساس الذي يستند عليه و ينطلق منه لكتابة حاضره و مستقبله، فالنظام الرأسمالي حاله حال بقية الأنظمة التي أتت من بعده فتصدت للقضاء على أصل البلاء الاجتماعي الناجم من المآسي و الويلات التي حملتها تلك الأنظمة العالمية ومنها الرأسمالية، فهذا ليس بالغريب عليها لأنها تفتقر إلى المقدمات التي تمكنها من وضع الحلول الناجحة لحل الأزمة الكبرى التي تعصف بالبشرية فعاثت فيها الفساد فضرب جميع مفاصلها فهل كان السبب يعود للملكية الخاصة و اعتمادها كأساس تنطلق منه لحل تلك المشكلة العالمية أم أن هناك خطب ما قادها للفشل الذريع الذي منيت به مما جعلها عاجزة عن تقديم الأفضل مما لديها فتخلص بذلك الإنسانية من ويلات المشكلة الاجتماعية التي ألقت بضلالها السيئة الصيت على الواقع البشري ؟ فبعد البحث في خفايا هذا النظام و الاطلاع عن كثب على ما يحمله من أفكار كان يعتمدها كمنهاج له في عمله الاجتماعي وجد أنه لا يتخذ من الملكية الخاصة مقياساً و معياراً للحياة في استيراتيجية منهاج نظامه بل أنه قد جعل من المادّية الشخصية المبرر المطلق لجميع تصرفاته، فنرى أن هذا المشرعن قد أباح للرأسمالي من تصرفاته و عقده للمعاملات التجارية التي زعزعت سعادة العالم برمته، فهذه المادّية الشخصية هي مَنْ فرضت تسريح الأعداد الضخمة من البشر عن محال عملهم و استبدلتهم بالآلة فقطعت بذلك الأرزاق، وهي مَنْ فرضت التحكم و التلاعب بحقوق العمال من أجرٍ و غيره حتى ولو كان ذلك التصرف بدون حساب، وهذه المادّية هي مَنْ فرضت على رجلها الرأسمالي أن يُبذّر و يُتلِف المنتجات بدلاً من حفظها لتكون سنداً للفقراء في توفير متطلبات حاجاتهم من المأكل و الملبس، وهي من أباحت المعاملات غير القانونية أمثال الربا و هيئت الأرضية المناسبة لمضاعفة امتصاص جهود المَدينين منه دون أن يقدم الرأسمالي أي جهد أو عمل يُذكر، وهي مَنْ جاءت بسياسة الاحتكار للسلع الأساسية ومن ثم رفع أسعارها لترتفع مكاسبها المالية، وهي مَنْ فرضت على أتباعها أن ينتهكوا حقوق الآخرين و حرياتهم و كراماتهم من خلال فتح الأسواق الجديدة المنافسة لهم و لبضائعهم، مصائب جمة جاءت بها المادِّية الشخصية للرأسمالية أثقلت كاهل الفقراء و زادت من معاناتهم و عمقت جراحاتهم و جعلتهم لا يقدرون على مواجهة مشاكل الحياة الاجتماعية المتفاقمة يوماً بعد يوم، وقد عدَّ المحقق الصرخي الحسني المصلحة المادّية الشخصية هي مَنْ تقف وراء كل هذه الماسي الاجتماعية التي أثرت سلباً على حياة الفرد جاء ذلك في الحلقة (1) من بحوث السلسلة الفلسفية فقال فيها : ( كل هذه المآسي لم تنشأ من الملكية الخاصة و إنما هي وليد المصلحة المادّية التي جُعِلت مقياساً للحياة في النظام الرأسمالي و المُبرر المطلق لجميع التصرفات و المعاملات، فالمجتمع حين تقوم أسسه على هذا المقياس الفردي و المُبرر الذاتي لا يمكن أن يُنتظر منه غير ما وقع، فإنَّ من طبيعة هذا المقياس تنبثق تلك اللعنات و الويلات على الإنسانية كلها ) .

بقلم الكاتب أحمد الخالدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here