قوة الأمم

مشاكل البلد لا تعد ولا تحصى ،واكبر مشكلة تقف بطريق بنائها وأعماره وتقدمه ،والتي مازالت قائمة ليومنا هذا الآثار السلبية للصراع الخارجي والداخلي في العراق .
الأسباب أو المبررات التي تقف وراء مشاكل البلد شتى بين صراع القوى العالمية والإقليمية على العراق التي لم تكون وليدة اليوم ، بل منذ عهود طويلة تتصارع اغلبها ، بسبب خيرات وثروات البلد وموقعها الجغرافي المهم جدا في المنطقة ،ليكون هدفا ستراتيجيا لها،ولقمة سائغة لكل القوى الطامعة في هذه الخيرات الوفيرة،والمحصلة من احتلال إلى أخر ،وتعاقب عدة حكومات وتغير عدة أنظمة على حكمه خلال القرن العشرين ، وعدم استقراره في مختلف الجوانب والنواحي حتى وقتنا الحاضر نجد الصورة أو المشهد يتكرر على نحو أوسع من السابق بكثير جدا من حيث حجم التدخل والصراع بين القوى السياسية ، وتفاقم حجم المعاناة .
وأننا بلد متعدد الاتجاهات أو التيارات الفكرية والعقائدية أو المكونات والطوائف والقوميات،وهذه الاختلافات كانت سببا أساسيا لأغلب مشاكلنا العراق خصوصا الصراع المحتدم بين التيار الديني والتيارات الأخرى ، وانعكاساته السلبية على مجمل أوضاع البلد في قضايا المشاركة في الحكم والانتخابات أو الإقصاء للطوائف الأخرى، وورقة رابحة لمن يتصيد بنا في الماء العكرمن قوى داخلية وخارجية على حدا سواء،ليحقق من ورائها مأربهم الشيطانية أو من اجل السلطة والنفوذ ،وما عشنها في تجربة مريرة بعد 2003 أشبة بحرب أهلية داخلية ،وفتن طائفية بين الطوائف كان ثمنها باهظ جدا على الجميع من قتل وتدمير وتهجير ، لكن لولا وجود ثلة من الحكماء لكان البلد في وضع أخر اليوم لإطفاء هذه الفتن الشنيعة .
معظم بلدان العالم مهددة لإطماع خارجية لأسباب متعددة، ومنها تعرضت لأكثر ما تعرض إليه العراق على مدى الأوقات السابقة ، وصور أخرى للتدخل الخارجي لبعض البلدان علنا وليس سرا ، ومع العلم أنها بلدان متعددة المكونات أو التو جهات الفكرية والانتماء ، لكنها خرجت من عنق الزجاجة قوية ومتماسكة ، واقوى من السابق ، وهي اليوم تعيش في أحسن الظروف والأحوال ، وتواجه أعدائها بكل حزم وثبات .
سر قوة هذه الأمم في مسالة واحدة ، أنها أمم ترفعت وترقت وعلت عن انتمائها أو عقيدتها أو توجهها ، وعشت مع الآخرين كان اسود أو ابيض بإنسانيتها ، وحبها لأرضها ووطنها كان حجر أساسا لبناء دولتها وعظمتها رغم قلة ثرواتها وخيراتها ، وتنزهت عن الأسماء أو العناوين أو الألقاب ، بل عملت بخلاص وتفاني من اجل الجميع،وليس من اجل غايات أو مأرب أخرى ، وهذه الأمور لم تصل إليها معظم الشعوب العربية ومنها العراقية على وجه الخصوص حتى زمننا هذا، وإذا أردنا بناء وطن علينا وننعم بالخير والسلامة، فعلينا إن نعيش بإنسانيتنا أولا وأخير من اجل مصلحة الكل ، ونعمل كفريق واحد لبناء وطننا الغالي بعيدا عن كل الحسابات الأخرى ، وترك إتباع أهل السلطة والنفوذ ومن لا يريد الخير إلا لنفسه .

ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here