التفكيرالصائب، شروطه ومقوماته 1 –

* د. رضا العطار

اذا اردنا ان نصل الى التفكير الصحيح في تصرفاتنا وسلوكنا يجب علينا ان نتجنب :
– التفكير العاطفي , حيث ان اكثر من تسعين في المئة من اخطاء التفكير لدى الأنسان تعود الى سيطرة العاطفة. و لأننا نرغب في اشباع هذه العاطفة, نسوغ هذا التفكير بضروب من المكر والاحتيال حتى نقتنع بأننا عقلانيين وليس عاطفيين. كما يحدث كثيرا عندما نؤجل عملا يتطلب السرعة في الانجاز, ولكن نسوغ هذا التأجيل بألوان مختلفة من المنطق. او كما يحدث لمدمن الخمر عندما يعزم على الكف عنها ثم يؤجل هذا العزم بقوله – بس اليوم – .

– يجب ان نفطن الى ان الميول والاهواء هي من صنع العقل الباطن و جميعها مقنعة بالعقل تبدو كأنها منطقية ليس عليها غبار . كما يحدث عندما نكره او نحب لأسباب يشق علينا توضيحها. ولكنها تعود جذورها الى ما انغرس في نفوسنا ايام الطفولة. كالخوف من الجن والاشباح, الذي يحملنا على الاعتقاد بان الارواح حقيقة واقعة حتى لنستطيع ان نخاطبها. أو لأننا استجملنا صورة امهاتنا ايام الرضاع وبعده, ننشأ ونحن لا نستجمل سوى تلك الفتاة التي تشبه أمنا في الوجه او القوام او الحركة او الصوت او حتى في الملبس. ويؤدي هذا بنا الى ان نتجاهل جميع عيوب الفتاة, وكثير من التعصب الطائفي يعود الى مكاره غرست فينا ايام طفولتنا. او جرت لنا احداث فيها من كبت الغيظ او الخوف ما يكفي. ثم اصطبغ ما كُبت من التعصب ما يفسد عقلنا وتفكيرنا الموضعي.

– يجب حين نعالج موضوعا او نتعامل مع شخص, ان نتأمل لحظة لنعرف فيما كنا معتمدين على العقيدة ( العاطفة ) ام على المعرفة. وكثير من الناس يفسد تفكيرهم لأنهم يعتمدون على عقائد ليس لها اقل سند من الحقيقة. ويسوء تصرفهم لهذا السبب. وكثير من الامهات في البلاد الاسلامية يقضون على اطفالهم بالمرض او الموت لانهم يختارون الدواء عن عقيدة وليس عن معرفة.

وفي هذا السياق استذكر ايام عملي في مستشفى الرمد في بغداد في القرن الماضي انه كنت اشاهد في العيادة الخارجية احيانا اطفالا مصابين بألتهابات وجروح في منضمة العين مصحوبة بأوجاع شديدة, يصرخون من جرائها، نتيجة وضع الأم الجاهلة مسحوق ملوث, في عين الطفل, قدم اليها من مكّة ( تبركا ) بزعم انه يقوّي رؤيا صغيرها.

– كذلك يجب ان لا ننسى ان اتجاه الانسان الانطوائي يختلف عن اتجاه الانبساطي . فإن كان احدنا انطوائيا. وتزوج فتاة انبساطية, فإن الاغلب انه سيختلف معها كثيرا, لانها اجتماعية النزعة، بينما هو على عكسها. وقس على هذا اختلافه حتى مع اصدقائه واولاده . واذا تجاهلنا هذه الميول بين المزاجين فاننا نتورط في مغاصبات يسوء بها تصرفنا وقد تؤدي الى شقائنا.

– كثير من كلمات اللغة العربية تحدث لنا التباسا واتجاها سيئا في التفكير. إن هناك كلمات ذاتية, اي عاطفية, تحملنا على التفكير العاطفي. وهناك كلمات كاذبة, كقولنا
( سن اليأس ) للمرأة التي تبلغ سن الحكمة وايناع الشخصية. حوالي 48-50 من سنوات العمر. فإن هذا التعبير السئ يملأ نفسها تشاؤما ويهييئها لأمراض نفسية خطيرة..

– وهناك بالطبع التفكير النيوروزي, وهو تسلط العاطفة تسلطا قهريا في النفس. وفي بعض الاحيان نقع فيه, فيلغى وجداننا بعض الوقت او كله – – – والآن وقد عرفنا ماذا يجب ان نتجنب, اي ماهي الوسائل السلبية للتفكير الخاطئ. اي ماهي الوسائل الايجابية للتفكير الحسن ؟ .

* مقتبس من كتاب عقلي وعقلك للعلانة سلامة موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here