المخنث ترامب… قصة قصيرة

هكذا يلقبونه كونه يشبه ترامب بكل تفاصيل شكله… حين فاجئه بمكره دامبي بالقول…

غريب أمرك يا هذا!! لم تسلط علي غضبك؟ فأنا مجرد ساعي أوصلت لك ما قيل لي شفاهيا، أيستحق ما سمعته أن يثير حنقك حتى اتلقى منك هذه الصفعة التي طالت رقبتي فكادت تكسرها.. ردد ذلك بعد أن ابتعد ثم بدأ بالسباب والشتم صائحا سألحق بك الضرر هذا وعد مني، ستتمنى أن اصفعك بدل الضرب الذي ستناله، حقا إنك رجل اخرق فأنت لم تعرف مع من ورطت نفسك.. القاك وانت بين يدي من لا يرحم.. تف عليك يا مخنث.. ثم ولى هاربا، لم يستطع من صفعه أن يقوم من وراء الطاولة التي جلس خلفها كونه يحتاج الى وقت لضخامة جسمه في فرصة لنيل من شتمه وتف عليه إضافة الى الزحمة وضيق المكان…

– قال له من رآه يصفعه… إنك تستحق ما أسمعك إياه من السباب والشتم، إنه ساع ليس إلا، أما ما نقله لك من خبر أثار غضبك وجب عليك ان تحقنه بداخلك وتزرقه الى من أرسله إليك، مسكين الفتى لقد أدمعت عيناه وكسرت خاطره، فما كان من ترامب إلا ان يرد عليك بالشتم والوعيد..

– لم يعجبه ما سمع فرد بفضاضة… من تكون حتى تقدم لي الوعظ والنصح!؟ أراك على شاكلته ترغب في صفعة تعيد لك وعيك تنهيك عن التدخل في شؤون الآخرين..

الرجل: لا ابدا… لأنك لا تجرؤ على فعلها كوني سأردها لك مضاعفة، وربما ستحمل على نقالة الإسعاف… ضحك من حوله ممن آزرو الرجل وقاموا جميعهم لمجابهته..

ما ان رأى ترامب أنه ليس في وضع يمكنه من الاستمرار رد مبتسما.. ههههه لم اكن أعني ما قلت، فالغضب نال مني، يبدو أني اخطأت بحقك…. أعني بحقكم أستميحكم العذر

الرجل: هيا لملم حاجياتك ثم أرحل، لا تعود لمثلها هنا او في اي مكان تجلس فيه، وأظن ليس في كل مرة تسلم الجرة يا… .. هههههههه

خرج ترامب وتلك الكلمات التي نقلها دامبي كأنها مطارق، خاصة انه أسمعها متقصدا لمن كانوا جالسين في المقهى العام.. فهناك من يعرفه لكن لا يتذكره، إنه من حثالات المجتمع الذين استطاعوا أن يغيروا جلدهم من مخنث الى قواد رخيص ثم الى رجل أتاوات جبان… فمن عمل معه يعرفه جيدا أنه لا يتوانى أن يبيع أي معلومة أو جسد بتهديد قوي، لذا جعله من رامه قوادا ان يجمع الأتاوات من الداعرات اللاتي يبعن أجسادهن على ناصيات شارع أو أركان تقاطعات.. فتلك الرسالة التي اوصلها دامبي تخبره بأنه لو أنه رجلا بحق عليه أن يواجه ماوكلي الذي أغتصبه أكثر من مرة ولم يستطع ان يحمي أسته، فكيف له أن يحمي بائعات الهوى من رجال العصابات الآخرين؟ خاصة بعد أن أُجبرن أن لا ينصاعن الى تهديد ترامب المخنث… تلك العبارة هي من تلقى دامبي الصفعة من اجل أن يوصلها بصوت عال أمام العامة في المقهى…

كان دامبي رغم أنه شاب يافع إلا أنه شرس، لا ينسى ثاره ابدا وقد علم من جاوره في تلك الرقعة التي يأوي إليها عندما يريد ان ينام، مكان خرب مليء بالمتشردين الذين تغص بهم جحور وانفاق الجسور والعمارات الآيلة الى السقوط، حتى المجاري لم تسلم من جرذان آدمية أتخذوها سكنا بعد أن رمت بهم الدولة عندما أنتهت أغراضها منهم… بلد يجمع الكلاب كي تعيش كالبشر، ثم يجمع البشر أمثالهم كي يعيشوا كالكلاب، لكن المشردة منها والجرباء… في تلك الليلة قرر دامبي ان يحيط صديقه المقرب مالكوم علما بما جرى له وعزمه على إزاحة ترامب المخنث من على وجه الأرض، فتلك الحثالة باتت تنغص حياته، كما همس لنفسه… أنه لم يتعرف علي رغم أن أمي كانت تعمل لديه، نال منها كثيرا بعد أن امتنعت عن ممارسة الدعارة وهي حامل بي… ذاقت الويلات منه فهربت حتى انجبتني، بعدها عادت الى الشارع للعمل مرة أخرى، فتلك المرأة العجوز التي آوتها واحسنت إليها قد ماتت، فما جاز لها بعدها ان تعيش دون عمل، لقد قطعت وعداً للمرأة العجوز ان لا تمارس البغاء ما دامت تحت سقفها وكنفها، كانت تعيش على المعونة الاجتماعية… احبتها، ساعدتها لأنها تشبه ابنتها التي هربت مع صديقها لأكثر من خمس أعوام انقطعت اخبارها حتى ذلك اليوم المشؤوم الذي

جاءت الشرطة اليها كي تتعرف على جثة إبنتها التي وجدوها في احد الأزقة وقد فقدت عينيها وجميع اعضائها الحيوية… كانت جريمة بحق، لكن وبعد موتها اضطرت والدتي كي تعيلني ونفسها بأن تعود للعمل، تحملت الضرب والإهانة حتى بت في السابعة من العمر وترامب لا يعلم عن أمري شيئا، غير أنها كانت تخبرني بكل ما يفعله وتقول لي… عليك ان تحذر من هذا المخنث، فلو علم بأمرك لأستغلك لأغراضه الشخصية، لذا كنت بعيدا عنها لكني اراها خلسة، استمر الحال بنا كذلك حتى صدمها ترامب بسيارته بعد أن كشفت سره الذي أخفاه عمن يعرفه سواها… قتلها بدم بارد، وهاهي الاقدار قد وضعته في طريقي، لقد فر هاربا بعد أن اتهم بقتل أمي، فما كان من الشرطة الى جعلتها قضية باردة أخرى مع بقية القضايا التي لم تحل، الآن قد حانت الفرصة فما ان سمعت بأسمه من ماوكلي حتى استعدت معاناة أمي ومنظرها وهي تموت بين يدي، لن أنسى دموعها التي اختلطت مع الدماء التي كانت تسيل من رأسها بعد أن شج نتيجة ارتطامها بالارض… كانت أيامي حالكة الظلام، قاومت قساوة الأيام، دلفت الى العديد من الاعمال كي اجلب ما يسد رمق جوعي، ثم إلتفت الى مالكوم كنت معي يوما بيوم، إتخذتك صديقا لي لأن قصتك تقريبا مشابهة لقصتي، يبدو ان الطيور على اشكالها تقع حقا، فما قولك؟ هل أنت معي ام تبقي نفسك خارج الدائرة؟

مالكوم: تعلم جيدا دامبي أني معك في كل شيء، فدع عنك ما تُلَمح به.. لكن هل لديك خطة؟

دامبي: نعم لقد فكرت بالذهاب الى ماوكلي وأطلعه كذبا بأن هذا المخنث قد توعده بتحطيم رأسه وقطع قضيبه كي يحشوه في مؤخرته، وإنه سيأتي إليه حيث هو كي ينال منه… عندها وأنا متأكد من قولي سيأمر بجلب ترامب المخنث إليه حتى يرى شجاعته في تنفيذ وعيده، في تلك اللحظة سأنقض على المخنث وأمام الجميع سأطلق النار عليه من مسدسي هذا الذي اشتريته منذ زمن لأجله..

مالكوم: غريب أمرك فعلا!! رغم أني صديقك المقرب وتقريبا ملازم لك، لكني لم أعلم بقصة هذا المسدس… أما عن خطتك يا دامبي فالشيطان نفسه لم يفكر بمثلها..

دامبي: في الغد سأذهب الى ماوكلي وأطلعه على ما قاله ترامب، وأنا متأكد ان ترامب لا يقرب تلك المنطقة كونه يخاف ماوكلي ورجاله… اما هو فعُملَةٌ زائدة وجودها مجرد خدمة لصديق مجهول سادي، فما كان من ترامب إلا قتل أمي لأجله بعد ان أرادت ان تفضحه أمام زوجته… سيأتي دوره حين معرفته هو الآخر.

غضب ماوكلي حتى تصبب عرقا بعد أن اخبره دامبي برد ترامب، فأمر ثلة من عصابته بخسف الأرض كي يجلبوا ذلك المخنث وأمهلهم ساعة واحدة حيث المكان الذي يعرفون وإلا سيحطم رؤوسهم…

في ذلك السرداب الذي كان تحت أنقاض مباني قديمة ماوكلي ينتظر، كنت معه بعد ان توسلته قائلا:

دامبي: سيدي أرجوك دعني اذهب معك كي أرد له الصفعة التي صفعني إياها المخنث حين أخبرته برسالتك

فما كان من ماوكلي إلا أن ضحك طويلا وربت على كتفي قائلا:

ماوكلي: سيكون لك ذلك يا فتى سترى ما فعله رجالي بذلك المخنث…

أُشبع ترامب ضربا حتى غابت معظم ملامحه، فما ان رأى ماوكلي وأنا الى جانبه حتى أخذ يسبني.. يشتمني ويتوعد بقتلي.. ثم توجه بالحديث حيث ماوكلي متوسلا إياه أن يعفو عنه، فقد علم من رجاله سبب ضربه فعلق باكيا…

ترامب: كن على ثقة يا ماوكلي لم أقل أي شيء من ذلك، إنه يفتري علي صدقني، فأنا أكن لك كل إحترام، أعدك ماوكلي سأترك المنطقة برمتها.. بل سأغادر المدينة سأذهب الى أي مكان تأمر به..

كان ماوكلي يتطلع إلي وأنا أضحك على ما يقوله ترامب، بدا علي أني أتشفى بذلك فوجه كلامه لي قائلا:

ماوكلي: ما قولك دامبي فيما يقول هذا المخنث؟ ألست مخنثا ترامب وهو يدير رأسه حيث ترامب

ترامب: نعم سيد ماوكلي إني مخنث جدا

دامبي: سيدي.. لقد قلت لك الرد الذي قاله، لذا صفعني بشدة بعد أن اخبرته رسالتك وهناك العديد من الناس رأوه يصفعني ولولا هربي لكنت ميتا بين يديه…

ماوكلي: لا عليك دامبي سأجعلك تنتقم منه لنفسك ولأمك التي قتلها هذا الحقير، او تظن أني لا أعلم أنك إبن جاكي، لقد جاءت في مرة تشتكيه عندي قبل مقتلها باسابيع، كنت قد أطلعتها على سره كي تهدده، لكنها يبدو قد أساءت أستخدامه فعمد الى قتلها كي يخرسها.. حينها وفي تلك الفترة كنت خارج المدينة، وعند عودتي كان قد هرب وانت اختفيت، لقد أوصتني بك، هاهي الظروف تجمعك معي ومع هذا المخنث فأفعل به ما بدا لك… كان دامبي قد استعاد جميع ذكرياته مع أمه والليالي التي كانت تأتي تأن من تلقيها الضرب الذي يبرحه إياها والآثار على جسمها… تنام ودموعها على خديها، كل ذلك يزيد من كراهيته وحقده عليه… سارع دامبي بإتجاه ترامب دون شعور وقد صفعه بشدة مخبرا إياه.. ألم اقل لك ستنال الضرب قبل أن اصفعك.. بل سيكون موتك على يدي انا دامبي إبن العاهرة جاكي يا مخنث…

أخرج المسدس الذي كان يخبأه بسرعة وأطلق النار على رأس ترامب وسط ذهول الجميع.

بقلم/ عبد الجبار الحمدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here