إيران مرحلة الإستهداف الأمريكي في الحرب المقبلة..!!

حامد شهاب

هناك حقيقة ينبغي أن يفهمها الجميع ، وهي أن سقوط العراق وتدهور أحوال هذا البلد ، هو من شجع الولايات المتحدة ، للسعي بإتجاه إزاحة أنظمة المنطقة (ذات الشعارات الثورية)، والتعجيل بسقوطها الواحد بعد الآخر!!

كانت نظريات الحروب التقليدية السابقة ، تعتمد على مبدأ (قطع السلسلة من أضعف حلقاتها) من أجل عدم تقديم خسائر كبيرة، وضمان تسهيل أحلام تلك الدول في إبتلاع من يدخل ضمن قائمة إستهدافها.. أما الحرب مع العراق عام 2003 فقد اختار له الأمريكان نظرية مناقضة تماما ، في إستهداف البلد الأقوى في المنطقة أنذاك، وهي (قطع السلسلة من أقوى حلقاتها) حتى تتهاوى الدول الأخرى الواحدة بعد الأخرى!!

ولا يخفي المتابعون السياسيون من أن مصير إيران عاجلا أم آجلا سيكون على شاكلة ماجرى للعراق، شئنا أم أبينا، وما دامت طهران قد دخلت في تفكير العقل الامريكي باعتبارها (دولة ارهابية) وكانت تصنف قبل سنوات على (محور الشر) ، فالحرب الأمريكية عليها قادمة وسحق رأس إيران وعنجهيتها ، يحتاج فقط الى (اعلان رسمي) لحالة الحرب تحت إطار (تحالف دولي)..وما إن انتهى العراق.. فإيران ستكون اللقمة السائغة التالية ، ولن تنفع كل عربداتها وتهديداتها (الفارغة) في أن توقف حجم الغول الامريكي الذي يهيىء نفسه للانقضاض عليها في وقت قريب!!

وفي القاموس الأمريكي ، مثلما في كل القواميس السياسية ، وعلى شاكلة إمبراطوريات سابقة، كبريطانيا العظمى،والمانيا وفرنسا ، وحتى الاتحاد السوفيتي السابق وروسيا حاليا، كانت كلها تبحث عن (مجال حيوي) يحقق لها أهدافها في التوسع والاستحواذ على مقدرات دول المنطقة، ولم تكن الحربين العالمين الأولى والثانية تخرج عن هذا المنهج، الا ما اندر!!

وإعتمدت الدول الكبرى على نظرية (إختلاق العدو الوهمي) ومبدأ (التحدي) التي أثارها أستاذ التاريخ البريطاني المعروف (أرنولد توينبي) 1875-1961، وهو من نهل من نظريات عالم النفس المعروف (كارل يونغ) ، وكذلك من المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون، 1841 – 1931 ، عن (التحدي) وأهميته في توحيد جمهور الدولة نحو (العدو الوهمي) وتوجيهه بإتجاه الحرب، كأطار لاثبات قدرة بريطانيا العظمى وكذلك فرنسا والمانيا على إثبات وجودهم وقدرتهم على توظيف آلتهم الاعلامية والدعائية وحربهم النفسية ، لتجد الولايات المتحدة انها تسير على المنوال نفسه، للسير في البرنامج الذي إختطته لنفسها، تجاه أية دولة تعتقد الولايات المتحدة أو تظن ان الفرصة سانحة لتقويض دعائم هذا النظام السياسي أو ذاك ، وبخاصة الانظمة ذات القدرات الكبيرة ، وبخاصة التي ترفع شعارات (الثورية) ، والتي ترى الولايات المتحدة ان من المصلحة تقتضي تفكيك دولها الى كانتونات قومية ودينية وطائفية ، ليسهل الانقاض عليها في مرحلة لاحقة!!

إن اعلان الولايات المتحدة (قوات الحرس الثوري الايراني) منظمة ارهابية، واعتبار قادته متورطين بالارهاب ، وحملات سابقة لايران واتهامها بـ (دعم الارهاب في المنطقة)، واعتبار تلك القوات جزءا من الخطط العسكرية الايرانية وذراعها الذي استخدمته في حروب المنطقة وبخاصة في العراق وسوريا واليمن أن المبرر قد وجد له (المسوغات ) التي يمكن توظيفها دوليا، لايجاد (مبررات) تحشد الولايات المتحدة نفسها ، للانقضاض عليها في فترة لاحقة، ولن تنفع دعوات التهديد الايرانية هذه المرة، فما تواجهه إيران شبيه كليا بـ (سيناريو) ما جرى للعراق قبل أعوام 2003 ، وهو ربما يستسنخ كثيرا من توجهات الحملات الدعائية الأمريكية ضد العراق، لتطبيقها على إيران هذه المرة، لتكون المرحلة المتقدمة في تفكير كبار الساسة الامريكان ومنهم ترامب ، الذي يبدو وكأنه يقود حصانا جامحا ، ليس بمقدور حتى المحافظين الأمريكيين وقف عربداته ، مادام يحقق في النتيجة أهداف أمريكا في فرض هيمنها على مقدرات المنطقة بالتعاون مع إسرائيل!!

بل ربما تجد الولايات المتحدة في إسرائيل الفرصة لتحقيق مآربها في تقويض دعائم إيران وسحق قوتها العسكرية ، وبخاصة في فترة ما قبل الانتخابات الاسرائيلية المقبلة لتدعيم سلطة رئيس وزرائها نتانياهو للحصول على مرحلة رئاسية خامسة، وبنجاح ساحق، وقد يوجه الطيران الاسرائيلي ضربات تدميرية شاملة لاهداف حيوية إيرانية، حتى لايقال ان الولايات المتحدة هي من شنت الهجوم، كما ان طهران ليس بمقدورها مواجهة إسرائيل ، ومهما أوتيت من قوة، وستجد طهران نفسها في موقف حرج ، عندما تريد الرد على العنجهية الاسرائيلية، بل أن (تورط) إيران بضرب أهداف إسرائيلية سيشجع دولا كبرى على مجارات التوجه الأمريكي للمضي في تشكيل ( تحالف دولي) لمواجهة إيران!!

والأكثر خطورة أن هناك من يتحدث عن شخصيات وقوى عسكرية عراقية مسلحة دخلت في التفكير الأمريكي كـ (عوامل إستهداف) مقبلة ، إضافة الى ان اعلان الولايات المتحدة تخفيض تواجدها الدبلوماسي في العراق وكردستان يدخل في خانة التهيؤ والاستعداد لتلك المرحلة، وربما لم يعد العراق يشكل الثقل الرئيس في تفكير الأميركيين المستقبلي ، وان الضغط على ساسته لعدم دعم أيران أو الانصياع والتناغم مع لرغباتها هو ما يشكل حالة ضغوط مستمرة ستمارسها الولايات المتحدة لثني كبار المسؤولين العراقيين الذين يرتبطون بعلاقات قوية مع إيران من أن يكونوا ادواتها في مواجهة خطط السياسة الأمريكية في المنطقة !!

كانت مبررات وحجج كثير من المحللين السياسيين وشخصيات سياسية عراقية أيضا أن إيران لن تدخل دائرة الاستهداف الأمريكي ، لأن الأمريكان يريدون (إيران الفارسية) أن تكون (بعبعا) يرهب دول الخليج وعامل تهديد مستمر لأمنها، من أجل حلبها في عقد المزيد من الصفقات العسكرية، ولكن الخليج دخل في الرهان الامريكي، ولم يعد هناك قلق أمريكي من مستقبل دول الخليج، كونها كلها أصبحت (حليفة) للولايات المتحدة منذ فترة طويلة ، حتى بضمنها (قطر) التي تعلن مساندتها لطهران، ولن تشكل دول الخليج (مصدر تهديد) للأمريكان في يوم من الايام!!

الأيام المقبلة حبلى بمفاجئات كثيرة، ومصير إيران الذي أصبح بين سندان أمريكا وكماشة إسرائيل، لابد وان (يقصم ظهر إيران) ، وتكون عندها تلك (الامبراطورية الفارسية) قد ودعت آخر قلاعها الى غير رجعة!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here