ذكرى السقوط / ٩ نيسان

رحمن خضير عباس
تمر اليوم ذكرى سقوط تمثال صدام في ساحة الفردوس .
ورغم أنّ التمثال قاوم السقوط أكثر من صاحبه ، فقد حاولت الدبابة الامريكية بصعوبة اقتلاعه من قاعدته الاسمنتية. وفق ذهول الوجوه العراقية المحيطة بالمشهد. وما أن سقط التمثال حتى اندفع الكثيرون في لحظة الخلاص من خوف تأريخي ،سحبوه في الحبال وضربوا وجهه البرونزي.
أما صاحب التمثال أعني ( صدام حسين) فقد توارى عن الأنظار، هاربا من المعركة التي أصرّ على عدم تلافيها . هرب صدام ( الذي كان يتبجح بالصمود ، ويقوم بقتل الضباط أو الجنود الذين يتراجعون في المعارك) باحثا عن نجاته ، بعد أن ترك الوطن ممزقا ومُحتلّا . وجيوشه الجرارة التي صنعها على حساب بؤس العراقيين وعذاباتهم. وهو ينتقل بهم من حرب إلى أخرى ،ومن حصار إلى آخر ، ومن محنة إلى أخرى .
ففي الوقت الذي كان الخليجيون يتمتعون بمتع الحياة ومباهجها. كانت الاجيال العراقية تضحي وتموت لحماية الجبهة الشرقية. وفي الوقت الذي كان الأمارتي يرتدي دشداشته الأنيقة ويستثمر نفطه. كان العراقي يستحمّ في بحر من الفقر والعَرَق والتعب وصوته مبحوح للدفاع عن جزيرة طمب الكبرى وجزيرة أبو موسى الإماريتين واللتين تحت السيطرة الايرانية.
كان الاماراتيون يبنون جنتهم في الصحراء ، مستفيدين من نفطهم وخبرة الكفاءات الوافدة إليهم. أما العراقيون فمشغولون بالتعبئة من أجل الدفاع عن العروبة. ومشغولون ب
” بالروح والدم نفديك يا صدام ! ”
سقط صدام اليوم.
بعد أنْ قدّم عاصمة الرشيد لقمة سائغة إلى محتل أمريكي غادر. لا يكترث للقيم الانسان والأعراف والقوانين. هذا المحتل الذي خلق الفوضى القاتلة. والتي بدأت بدخوله ولم تنته حتى هذه اللحظة.
سقط صدام وهو يمتلك جيشا تعداده اكثر من مليون. وفدائيي صدام الذي بناهم لحماية رأسه وهم اكثر من مليون ، إضافة الى الأسلحة والمعدات والثروات التي أراد من خلالها أن يبقى في كامل قوته. ولكنّ هذه القوة لم تستطع أن تمنع سقوط التمثال في ساحة الفردوس.
سقط صدام لأن أغلبية الشعب العراقي ، كانت غير معنية بهزيمته. بل أنّ أغلبها كانت تتمنى أن يتم غزوها حتى من( المريخ )كي تستريح من هذا الكابوس المرعب الذي جعلهم يعيشون جحيما مستمرا.
سقط صدّام لأنه كان ظالما حقودا مستبدا برأيه ، متعاليا لايسمع الا صوته. يقتل حتى من يعتقد أنهم لا يؤمنون بقيادته، ويطالب أهلهم بثمن الرصاصات التي قتلتهم !
سقط صدام وبسقوطة سقطت أكبر كذبة روّجها البعثيون في
” أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ”
في بلد يحتوي على أعراق غير عربية كثيرة. وكأننا نلغي وجودهم. كما أن هذا الشعار لم ينجح في بلدين متجاورين يحملانه معا. هما سوريا والعراق. فكيف يمكن أن نوحد بقية البلدان. الاخرى؟
إنّه يومٌ عسيرٌ على التفسير.
لا ندري أ نفرح لأننا تخلصنا من الدكتاتورية إلى الابد؟
أم نحزن لأننا تلوثنا بذل الاحتلال ؟
أ نفرح لأننا تخلصنا من القمع الدموي المزمن ومصادرة الرأي والوطن؟
أم نحزن لأننا دخلنا إلى نفق الفوضى ؟
لا أدري وكل ما نعرفه أنّ طاغية ذهبَ غير مأسوف عليه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here