المولدات الكهربائية الأهلية.. خارج نطاق الدولة؟

علي فضل الله الزبيدي

الدولة في المفهوم العام البسيط، كيان يتأتى من عنصرين حكومة وشعب، لذلك
في كتاب (الأسس لعلم السياسة) ل_ستيفن دي تانسي- يبين المبادئ العشرة
لدور الحكومة.. واحدة منها(أن تمارس التوجيه أكثر من التجذيف) ودور
الحكومة وفق هذا المبدأ ، يتوجب عليها ضبط العلاقة بين أفراد الشعب من
حيث التشريعات والقوانين والأنظمة والتعليمات التي تسنها، ولا تقف
مسؤوليتها عند هذا الحد، بل ومن حيث الإجراءات التنفيذية أيضا”، وفق
المفهوم البسيط لمعنى الإدارة، عبر معطيات ومتبنيات حديثة قائمة على
النظم الديمقراطية، ومن ذلك صار لزاما” على الماسك بزمام السلطة، أن يدرك
مسؤولية الدولة الأبوية وواجب أصحاب السلطة، إتجاه أبناء البلد وهم
العنصر المكمل لمفهوم الدولة..الشعب.

فطوال المرحلة المنصرمة للحكومات السابقة للنظام السياسي الحالي، عاش
العراق فوضى عارمة على كافة المجالات والصعد، إلا أن الطبقة السياسية ظلت
المستفيد الوحيد من هذه السياسات العبثية، طبعا” الفائدة على المستوى
الآني والقريب، ولكن على المستوى البعيد أو الإستراتيجي، فسوف تهبط أسهم
تلك الأحزاب الفاسدة، لأن المواطن بدأت تتضح له ملامح اللعبة، وأخذ يشخص
مكامن الفساد، ولا تنطلي عليه الشعارات الرنانة أو الطنانة، فالوجوه
السياسية المزيفة بانت حقيقتها، فالشعب الذي إكتوى بحروب الطائفية
والفساد المالي والإداري، لن يبقى صامتا” فقد ضاق ذرعا”، بعموم العملية
السياسية، وليس من تحسن يلمس على أرض الواقع، وحتى بحبوحة الأمن التي
تحققت، كانت بفضل الله ومرجعية النجف ودماء الشهداء والجرحى من أبناء
الشعب، وأما الساسة فكان نصيبهم من هذه الحروب هو المغانم والمناصب.

لكن الملاحظ لحكومة السيد عادل عبد المهدي، ورغم بعض الإخفاقات التي
رافقت تشكيلها، إلا أن هنالك بصيص أمل يلوح في الأفق، عبر إجراءات
ميدانية تخص حياة الفرد العراقي، فإظهار بغداد بحلتها البهية، بعد رفع
كثير من السيطرات العسكرية و القطع الكونكريتية(الصبات)، رسخت حقيقة
الإنتصار وتحقيق الأمن، فهذا الإجراء يعتبر شحنة معنوية كبيرة للمواطن
العراقي، ليكون سببا” في تخفيف الإختناقات المرورية، التي طالما أستنزفت
المواطن العراقي ماديا” ومعنويا”، وهنالك إجراءات إيجابية كثيرة سوف نلمس
أثارها قريبا”.

ولكن ما أود أن ألفت الإنتباه إليه، وأتمنى أن يكون حاضرا” في جدول أعمال
حكومة السيد عادل عبد المهدي، هو موضوع مهم لحياة المواطن العراقي، وقد
يمثل عصب الحياة اليومية، إنها الأزمة المعضلة.. موضوعة الكهرباء
والمولدات الأهلية، وحقيقة هذه الإشكالية أرهقت المواطن العراقي كثيرا”،
ماديا” بسبب جشع أصحاب المولدات وتخاذل مجالس المحافظات والبلدية، فسعر
الأمبير صيفا” يصل إلى 25 ألف دينار، بالإضافة إلى حجم التلوث المرعب
الذي تسببه تلك المولدات لغياب شروط السلامة، ونحن ندرك إن المعالجات
الحكومية لهذا الصيف بما يخص رفع إنتاج الكهرباء، لن تكون بالمستوى
المطلوب وهذا يترشح من فوضى التصريحات الحكومية بهذا الخصوص.

ذلك يحتم على حكومة السيد عبد المهدي، بإيجاد الحلول الأنية والسريعة لسد
النقص وعبر طرق عدة، منها المولدات الكهربائية الأهلية وهي الطامة
الكبرى، التي يجب أن يهذب عمل أصحابها، فالعموم منهم تحولوا لوحوش كاسرة،
ليس لهم هم سوى الربح الفاحش، من خلال الخدمة السيئة التي تقدمها
مولداتهم، وأسعار عالية جدا” تفوق بكثير نوعية التشغيل الرديئ، لذا أقترح
بعض الحلول والمعالجات التي تمتص تذمر الشارع العراقي، على أمل أن نجد
حلول أنجع من الحكومة على المستوى القريب العاجل.. والمقترحات هي:_

1_ أن تكون هنالك خلية أزمة تعمل على إدارة ملف المولدات الأهلية بعيدا”
عن سلطة مجالس المحافظات والبلدية، التي هي السبب الرئيسي وراء الفساد
وسوء الخدمة.

2_ تحديد سعر الأمبير بما يتناسب والوضع المعاشي للفرد العراقي، والتشديد
على أصحاب المولدات بالإلتزام بالتسعيرة، والأفضل أن يكون الدفع عبر
وصولات مكتوبة، لتكون حجة على المواطن وصاحب المولدة.

3- إلزام أصحاب المولدات، بوجود مولدة ثانية بنفس الكفاءة، لضمان أستمرار
التيار الكهربائي للمنازل والمحال التجارية والأسواق.

4_ السيطرة على موضوعة القطع المبرمج، من خلال خلية الأزمة، ليكون هنالك
تنسيق عالي ومراقب بين إنقطاع الكهرباء الوطنية، وتشغيل المولدات
الأهلية.

5_ ولأن الكهرباء أصبح لها بعد أسترتيجيا” لعمل الدولة، أتمنى تفعيل
الدور الإستخباري في المناطق، لمراقبة عمل أصحاب المولدات ورفد الجهات
ذات الأختصاص، بمدى إحترام التعليمات الحكومية، سواء للجهات الرقابية
الحكومية، أو أظهار مدى ألتزام أصحاب المولدات بالأنظمة والتعليمات
الحكومية.

فيا دولة رئيس مجلس الوزراء، الحكمة تقول( الوقاية خير من العلاج) ولكي
لا نقع في المحذور من المشهد السنوي المتكرر، حيث الخدمة الكهربائية
السيئة، وخروج المظاهرات الشعبية الكبيرة، التي قد تقاد من شخوص همهم
الوحيد خلط الأوراق، وإدخال العراق في نفق مظلم، نحتاج لإجراءات
إستباقية، تمتص لهيب حر الصيف اللاهب، وغيض الشارع المتحامل على الحكومة
العراقية، جراء السياسات الخاطئة للحكومات السابقة، والنجاح في هذه
المهمة سوف يكون له أثار إيجابية، يعمل على توطيد ومد جسور الثقة بين
المواطن والحكومة.. والعراقي يستحق في ظل حكم رشيد، كما ويستحق من الخير
المزيد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here