على الجزائريين و السودانيين التعلم من تجربة العراق و ليبيا

بقلم مهدي قاسم

أنه لشيء مدعاة للسرور ، عملية إزاحة كل من بوتفليقة و
البشير ، اللذين تشبثا بالسلطة لثلاثة عقود طويلة ، و ثقيلة ، وكانت نيتهما متجهة في أن ينقلا من كرسي الرئاسة إلى لحد القبر مباشرة بعد وفاتهما ، كما لابد من الإشادة بالروح السلمية للمتظاهرين و عدم اعتدائهما على ممتلكات الدولة أو نهبها ، مثلما فعل الكثير من العراقيين
أبان سقوط النظام السابق ..

غير أن موضوعنا الأساسي لا يكمن هنا بالدرجة الأولى ، بقدر
ما كنا نود أن نلفت أنظار الجزائريين و السودانيين إلى عدم المغالاة في المطالبة بالتغيير الجذري والشامل ضمن الإصرار على رحيل السلطة كليا و بالمطلق ، الأمر الذي سيترك فراغا سلطويا شاسعا ، مما قد يتمخض عنه ماسميناه في العراق ب” الفوضى الخلاقة ” الكارثية التي
دمرت العراق و جعلته خربا و مفتقرا إلى أبسط مقومات الدولة المعتبرة ، حيث انتهى مصيره المزري إلى أن تتحكم به عصابات و مجاميع مسلحة لنهب وسلب ولصوصية وقتل واغتيال ، وهي مريلة بمسوح دينية و مذهبية زائفة ..

و إذا كانت المطالبة برحيل السلطة المطلق ، يُعد مطلبا
مشروعا و ضروريا وفي كل الأحوال ، إلا أنه لابد من مرحلة انتقالية و تحافظ على هيبة الدولة و على آلية و انسيابية عملها الإداري والخدمي ، فضلا عن الحفاظ على ممتلكات الدولة في كل من الجزائر و السودان ، أي تفادي فراغ السلطة ، و في عكس ذلك فإن حالة الدولتين ستنتهيان
إلى أن تكون مثل حال العراق و ليبيا حيث حكم وهيمنة الميليشيات ، وهو الأمر الذي سيعني ضياع جهود المتظاهرين هباءا منثورا وعمل غير مشكورا .

نقول كل هذا، لعلمنا الجيد بأن العرب هم القوم الوحيدون
في العالم ، الذين ليس فقط لا يتعلمون لا من تجاربهم ولا من تجارب غيره ، إنما يكررون نفس أخطاءهم السياسية السابقة بين حقبة وأخرى ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here