قصة قصيرة جداً… المسرفة

الهام حسين 11-4-2019

وضعت معطفها على كتفها وغادرت على عجل فهي تتوق الآن أن تشتري سجاير، وهي شيئٌ زهيدٌ لا يؤثر على ميزانيتها أبداً وتساعدها على إجترار محنتها وعندها الثمن لإنها بحاجة لها حقاً، بحاجة ماسة الى التدخين لينسيها مشاكلها الكثيرة الاخرى، إنها تخطط هذه المرة بشكل عقلاني ومختلف تماماً عن ما هي متعودة عليه من التبذير وشراء كل ماهو غير ضروري أو مفيد لها.

ما أن تخطت قليلاً في طريقها الى بائع السجاير القريب حتى رأت الباص والذي يقلها الى الجامعة كل يوم، قادماً فإندفعت الى داخله من غير أي تفكير الى أين هي ذاهبة ! قطعت التذكرة وسعرها مقارب الى سعر السجاير ولن يضيرها هذا الأمر على الاطلاق والبطاقة ليست ثمينة فلا يجدر بها أن تقلق لذلك.

إنتبهت الى أنها تبتعد عن بائع السجاير القريب إلا أنه يوجد بائع سيجاير آخر ليس بعيداً بل ثلاثة مواقف بالباص فقط، سرحت بخططها المستقبلية وكيف ستنهي الدورة الدراسية التي إنتمت اليها وبالسلفة التي إستلفتها من أجل هذا المشروع، وكيف ستستطيع من تسديد هذه السلفة ؟ طبعاً إنها ستشتغل بعد إنهاء الدورة وستكون لديها رواتب مجزية ومنها تستطيع أن تحقق كل آمالها. هنا رأت كل راكبي الباص يغادرون أماكنهم فعلمت أنها في آخر محطة فغادرت الباص كما غادره كل الركاب الآخرين.

إلتفتت يميناً ويساراً لعلها تجد ضالتها بائع السجاير فلمحت محلاً لبيع الاحذية وكان العرض فيه رائعاً فإختارت من بينها زوجاً من الاحذية وافق مزاجها جداً وهو مناسباً جداً لفصل الربيع الذي حل منذ أيام فلتحتفل قليلاً، إشترت وخرجت فرحة بإختيارها الموفق.

وهي تمشي صادفها سوبر ماركت وتذكرت أنها تحتاج الى لبن وخبز فدخلت الى المتجر بغية شراء حاجتها منه وأخذت عربة التسوق وبدأت تنظر الى البظائع المعروضة بعناية شديدة. إمتلأت العربة بكل الاصناف الموجودة في المتجر ولم تنسى أي حاجة أبداً.

رجعت الى شقتها بعد أن قضت ساعات اليوم في التسوق والآن عليها أن تضع مشترياتها في أماكنها وهو عمل إضافي سيأخذ من وقتها، وضعت علبة السجاير على الطاولة مع القداحة الجديدة فرأت على الطاولة ثلاثة قداحات أخرى، فتحت البراد لتضع اللحوم التي إشترتها فوجدت كميات كبيرة من اللحوم تنتظر من يأكلها، أرادت أن تضع الحذاء الجديد مع ما لديها من أحذية فوجدت حذاءين آخرين وجديدين لم تكن قد انتعلتهما من قبل …. نظرت الى نفسها في المرآة وسألتها كم من النقود بقي عندها ؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here