العالم يتألم على حريق كاتدرائية نوتردام ويشترك بنهب التراث العراقي

سالم سمسم مهدي

عندما تسنى لي زيارة باريس في خريف 2004 لحضور مؤتمر نظمته الكاتدرائية الأمريكية تحت عنوان ( أولاد ابراهيم يجتمعون ) وضم المؤتمر مسلمين ومسيحيين ويهود من المؤمنين بالسلام في منطقة الشرق الأوسط ولضيق الوقت كان بين يدي أحد خيارين أما زيارة متحف اللوفر أو كنيسة نوتردام وكل ما كان لدي من الوقت هو ثلاثة ساعات لا تكفى لمشاهدة الآثار المهمة في اللوفر الذي يحتاج مزيدا من الوقت كما قيل لي فأخثرت الذهاب إلى كاتدرائية نوتردام …

علّي أتمعن بدقة في معالمها الباهرة فشعرت بهيبتها حتى قبل أن أصل أليها لأن المنطقة السياحية المهيأة والمحيطة بها تشير إلى عظيم ذلك المعلم التأريخي المقصود مثلما يؤشر ذلك الاهتمام الفريد من كلا الحكومة والشعب الفرنسي المتمثل بأصحاب محلات الورود والتحف وحتى باعة الطيور الجميلة الذين أضافوا لمسة جمالية للمنطقة باللطافة والنظافة والذوق العام الذي يفتح الشهية ومزيدا من الفضول والإطلاع …

وبعد أن دخلت الكاتدرائية صادف وجود قداس والناس تشتري مئات الشموع لتضفي على ما في داخل الكاتدرائية بهاء وسطوعا يسر الناظر تشكل مع التحف ذات التأريخ الطويل التي تشير الى حقب تاريخية متواصلة لمسات سحرية تدخل القلوب وبغض النظر عن موقف فرنسا السياسة من مشاكل العرب والإسلام والذي تلعب فيه دوراً سلبياً إلا أن الحريق الذي أصاب هذه الكنيسة لسع قلوبنا بلظاه مثلما فعل حريق الأقصى وكل موقف فيه تجاوز على حقوقنا …

مع أننا لم ننسى يوما ما أصاب تراثنا وتأريخنا الذي يصادف هذه الايام المؤلمة جداً إلا أن أحداثاً مثل هذه التي تمر بها الكاتدرائية تعيد إلى الأذهان شريط الأحزان العميق الذي شهدناه عند استباحت بغداد ومعالمها ومتاحفها الفريدة من قبل القوات الغازية واللصوص الخونة وهذا ما تؤكده المزادات العالمية التي تقام في امريكا وأوربا حيث يعرض التاريخ العراقي وتراثه المُعبّر وذو الفضل على الانسانية للبيع في سوق النخاسة العالمي …

أن الازدواجية في المواقف تقلل من قيمة من يُقدم عليها ويتمسك بها بلا وجل وخجل وتجعل المتمعن بالأحداث لا يصدق أبداً بما يشاع عن مفاهيم العدالة الكاذبة .

سالم سمسم مهدي

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here