أنظروا كيف تنافس المرشحين في دول العالم ؟

سالم سمسم مهدي

اخترت الحديث عن الانتخابات الاندونيسية لأسباب عدة منها : أنها كانت محتلة لمدة ثلاثة عقود وأكثر من قبل هولندا وكذلك فعلت اليابان خلال فترة الحرب العالمية الثانية التي أطلقت سراح المناضل السياسي احمد سوكارنو ليصبح أول رئيس لإندونيسيا والذي كان يقبع بالسجن لسنوات طويلة من قبل المستعمرين الهولنديين كما أنها تتكون من مجموعات عرقية ولغوية ودينية مختلفة منتشرة ومتفرقة عبر العديد من الجزر ولكن مع هذا فأن شعار اندونيسيا هو ( الوحدة في التنوع ) …

كذلك أنها بلد يتكون من أكثر من سبعة عشر ألف جزيرة متناثرة في أرخبيل يمتد من الغرب إلى الشرق لمسافة خمسة آلاف كيلومتر ويبلغ تعداد سكانه حوالي 250 مليون نسمة يحق لأكثر من 192 مليون منهم المساهمة بالانتخابات وهذا ما حصل في الأخيرة حيث يُنتخب الرئيس بشكل مباشر وتتحدث التوقعات عن إعادة انتخاب الرئيس الحالي جوكو ويدودو وفوزه على منافسه الجنرال سوبيانو وهو صهر الرئيس السابق سوهارتو …

يتخلل الانتخابات طرق فريدة من نوعها فمثلا في المناطق الجبلية في بابوا يمثل شيخ القبيلة الصوت المجتمعي للقبيلة المعروف باسم ( noken ) وهي حقيبة تقليدية منسوجة توضع فيها أوراق الاقتراع الخاصة بأبناء القبيلة ويصوت الزعيم القبلي نيابة عنهم حيث تقدم خدمات لوجستية هائلة ومثيرة للإعجاب ويتم نقل الاوراق الانتخابية بالطائرات والسفن الحربية والخيل وحتى سيرا على الاقدام في المناطق الوعرة ومع هذا تعلن النتائج الاولية خلال فترة قصيرة لا تتعدى يوم واحد …

ركزت الحملة الانتخابية الأخيرة على الاقتصاد حيث كان المرشح ويدودو يشير إلى انجازاته في الطرق والجسور وأفتتاح أول قطار أنفاق في العاصمة جاكارتا وأيضا على تطور الصناعة والزراعة وقطاع الخدمات الذي يقوم بتوظيف 49 % من الأيادي العاملة بينما كان منافسه يركز على حقوق الإنسان وما سماه اضطهاد الأقليات والمثليين وغيرها …

ومع هذا كان الزعيمان يؤكدان على احترام القيم الاندونيسية والهدوء وضبط النفس كي يمر اليوم الانتخابي على ما يرام وبسلام علماً أن الإنتاج المحلي الأجمالي أكثر من 706 مليار دولار …

الحقيقة أن للإسهاب في طريقة الانتخابات في هذا البلد وتطوره الاقتصادي أسبابه الموجبة حيث أن استقلاله تزامن مع استقلال اكثر البلدان العربية والإسلامية الأخرى وفي فترة ما بعد الحرب الثانية وبظروف مماثله ولكن الساسة عملوا هناك بجد ونشاط في سبيل تحقيق قفزات نوعية وجدّوا في ردم الفجوات المترتبة عن التنوع الموجود في كثير من المجالات واستطاعوا احتوائها تقريبا ً …

على العكس فشل الساسة في الدول الإسلامية الاخرى سلوك الطريق السليم الذي سلكته اندونيسيا بل أن هناك ساسة يثيرون مشاكل طائفية وعرقية وأخرى تتعلق بالفساد من أجل الوصول للسلطة وهذا ما يغل أياديهم ويجعلهم بعيدين عن تمثيل شعوبهم ذلك التمثيل الصائب الذي ينعكس على سياسة بلدانهم وتطورها ومكافحة ما خلف الاستعمار من فوارق وتناحر وفقر بل أن بعض هؤلاء أكثر ظلماً وعنفا حتى مما أصاب شعوب المنطقة على أيدي المستعمر الطامع فإذا بنا نرى الفساد أشد طمعا ومضاضة وسياسة الفوضى أكثر ضرراً علينا بل أنهم لا يتورعون عن اللجوء إلى التسقيط الرخيص للحصول على مكاسب رخيصة لا تتناسب مع مكانة أي سياسي شريف .

سالم سمسم مهدي

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here