قضية «السيد المعمم» تتفاعل: واثق البطاط يهدد ضابطاً .. المجاهدون سيقتلونك وعائلتك!

تفاعلت قضية اعتقال رجل دين شيعي متهم بتهريب الزئبق في جنوبي العراق بشكل واسع، بعد تشكيل وزارة الداخلية عدة لجان تحقيقية مع الضابط والمفرزة الأمنية التي أوقفت الرجل وأنزعته العمامة التي كان يرتديها، فيما دخل زعيم مليشيا ‹جيش المختار› واثق البطاط على خط الأزمة وهدد الضابط بقتله وعائلته، وهو ما أعاد إلى الأذهان قضية «علوش جرمانة» المعتقل حالياً في النجف بتهمة الإساءة للإمام الكاظم، وما تعرض له عائلته وأقاربه.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يظهر اعتقال قوة أمنية شخصاً «معمماً» وهو يحمل عملة كويتية، وقال أحد عناصر الأمن، إن الشخص «يسعى لشراء مادة الزئبق من المحافظة لتهريبها».

الداخلية.. إنذار جيم وعملية قبض أصولية

واستنفرت وزارة الداخلية العراقية لجانها التحقيقية وتشكيلاتها الإدارية لاعتقال المفرزة الأمنية والضابط الذي كان على رأسها، وأعلنت تأليف ثلاث لجان تحقيقية بشأن الحادثة، ودخل مفتش عام الوزارة جمال الأسدي،على خط القضية وكذلك وكيل الوزير عقيل الخزعلي، وسط تساؤلات الناشطين عن سر هذا الاهتمام الكبير، فيما يقبع آلاف السجناء في المعتقلات وتُرتكب بحقهم أبشع أنواب التعذيب دون أن تحرك الداخلية العراقية ساكناً.

وأعلنت مفتشية وزارة الداخلية، توقيف جميع أفراد المفرزة المتهمة بــ”الإساءة” إلى رجل دين معمم، ظهر الأحد، فيما أعلنت عن نتائج التحقيق مساء اليوم نفسه، وهي سرعة قلّما تشهدها الدوائر العراقية والمؤسسات في مسألة التحقيقات، التي مضى على بعضها أكثر من 15 عاماً.

ووفقاً لبيان مفتشية الداخلية الذي تلقت (باسنيوز) نسخة منه، فقد «أنهت اللجنة التي شكلها المفتش العام من مكتب تفتيش البصرة مهامها ورفعت تقريراً مفصلاً بالواقعة، حيث قامت اللجنة باستدعاء آمر المفرزة الرائد (ع ش س) والمنسوب إلى قسم المخدرات والمؤثرات العقلية في محافظة البصرة التي نفذت عملية إلقاء القبض والظاهرة صورته في مقطع الفيديو المذكور للاستفسار منه عن حيثيات عملية إلقاء القبض وما رافقها من تصوير فيديوي وتوهين وتشهير بشخص لم تثبت التهمة عليه بعد ولم ينتهِ التحقيق من إدانته».

وأضاف البيان «استمعت اللجنة التحقيقية إلى إفادات آمر المفرزة وأعضائها الذين أفادوا بأن عملية القبض جرت بصورة قانونية أصولية وجاءت بعد ورود معلومات واعترافات من قبل عصابة تم إلقاء القبض عليها سابقاً، ورفعت اللجنة تقريراً مفصلاً بالواقعة إلى السيد مفتش عام الداخلية ضمنته عدة توصيات، وإثر ذلك صدر الأمر بتوقيف جميع أفراد المفرزة القابضة واستقدامهم إلى وزارة الداخلية وتشكيل مجلس تحقيقي وزاري بمشاركة مكتب المفتش العام لكشف ملابسات القضية والمتورطين فيها وتقديمهم إلى القضاء».

وبحسب مصادر مطلعة من محافظة البصرة، فإن ملابسات القضية تمثلت بأن الضابط كان يمتلك معلومات عن عملية تهريب مخدرات وشيكة، وساورته شكوك حول رجل الدين الظاهر في الفيديو، خاصة وأن المنافذ الحدودية سجلت حادثة سابقة، تورط فيها رجل دين، أو متنكر بزي رجل دين بتهريب المخدرات مستفيداً من الأزياء الفضفاضة لرجال الدين، والاحترام الذي يحظون به؛ ما يجعل تفتيشهم في بعض الأحيان يمر سريعاً».

البطاط من جديد.. تهديد وإرهاب

ومع تلك الحادثة ظهر زعيم جيش المختار في العراق واثق البطاط عبر مقطع مصور يتوعد فيه الضابط المتهم بالإساءة إلى السيد المعمم الذي ألقي القبض عليه بتهمة تهريب مادة الزئبق.

وقال البطاط في مقطع الفيديو الذي نشره على المنصات الاجتماعية موجهاً كلامه إلى الضابط الذي اعتقل السيد المعمم: «وانته هذا الضابط اللي مسوي نفسك رجال.. والله العظيم والنبي الكريم لنخلع عيونك من جمجمتك.. والله العلي العظيم لنسوي راسك نفاضه مال جكَاير».

وتساءلت أوساط معنية وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن إجراءات الداخلية بشأن البطاط الذي هدد رجل أمن بصورة علانية، وهدد عائلته وأقرباءه، وسط مخاوف من عودة المليشيات والفصائل المسلحة للهيمنة على المشهد في البلاد، بعد التحسن النسبي الذي شهدته أغلب مناطق العراق خلال الفترة الماضية.

وقال المحلل السياسي عماد محمد، إن «دخول البطاط على خط القضية يثير القلق والمخاوف لدى السكان، من توغل تلك المليشيات وهيمنتها على القرار الأمني وحتى السياسي من جديد، ومستغرب أن تستنفر وزارة الداخلية كل تشكيلاتها من أجل شخص معمم، لا تُعرف لغاية الآن هويته، وانتماؤه، وهي مفارقة عجيبة، إذ لم تأبه وزارة الداخلية بمسألة اعتقال المواطن علي سرور الملقب بعلي جرمانة، وسمحت بتصويره في المعتقل، وما زالت اللجنة التحقيقية التي شكلتها لم تعلن النتائج لغاية الآن، أما اللجنة التي تشكلت بشأن قضية الشخص المعمم، أعلنت نتائجها خلال ساعات».

وأضاف في تصريح لـ (باسنيوز) «هذا يجعل مصداقية القوات الأمنية على المحك، ويعطي انطباعاً بأن البلاد تعيش شريعة غاب، إذ شاهد الجميع الفرق بين التعاملين في مسألة علوش جرمانة والشخص المعمم، وإن كان تعرض إلى إساءة فينبغي محاسبة الضابط المسيء بشكل طبيعي، وعدم تهويل القضية، وكأن المعمم مقدس ولديه حصانة بعدم المساءلة والتحقيق».

مصدر: التصوير جزء من مشهد كامل

بدوره كشف مصدر مطلع في محافظة البصرة على ملابسات الحادثة، عن أن «التصوير الذي ظهر في وسائل الإعلام هو جزء من عملية القبض على عصابة كبيرة تهرب مختلف الممنوعات، إذ وصلت إخباريات إلى الضابط في الكمارك بوجود عدد من أفراد تلك العصابة، وهو ما دعاه إلى التدقيق بشكل كبير، وعند مشاهدته الشخص المعمم اتخذ بحقه الإجراءات الطبيعية وهي التفتيش، لكنه لما عثر على عملة كويتية تبادر إلى ذهنه بأنه ضمن العصابة فاعتقله على الفور».

ويضيف المصدر في حديث لـ (باسنيوز)، أن «استنفار الداخلية جاء للظهور بمظهر الرافض لتلك الممارسات والمطبق للقانون بحذافيره، لكن الواقع يكشف غير ذلك، وأن الداخلية أثبتت تحذيراً في تعاملها نحو الشخص المعمم، دون المواطنين الآخرين».

وذاعت أنباء مؤخراً عن وجود عمليات تهريب لمادة الزئبق الأحمر من جنوب العراق، لكن أياً من الجهات الرسمية لم تثبت ذلك، فضلًا عن وجود سجال بشأن مادة الزئبق والمزاعم الكثيرة التي راجت حول استخداماتها الكثيرة في صناعة عدد من الأسلحة المختلفة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here