نحو فكر سياسي جديد .. إعادة النظر في معنى العمالة والسيادة

خضير طاهر
من طبيعة العربي الجمود والتقوقع والركون الى الأفكار الجاهزة والزهو بخطابات سوق عكاظ والهجاء ، ولعل الخطير ان العربي سواء كان المثقف أو العادي يغيب عنه الإهتمام بمصالح البشر وتسيطر عليه عبودية الخضوع للأفكار والشعارات !
ومن أجل فكر سياسي جديد يستقي مصداقيته من الواقع ، أدعو الى إعادة النظر بالعديد من المفاهيم ومن بينها : العمالة والسيادة .
فالعمالة مفهوم جاهز يطلق بشكل مجاني في الفكر السياسي العربي ، والغريب ان العملاء هم من يطلقونه على خصومهم ، فالقوميون عملاء مصر وسوريا في عقود الخمسينات والستينات والسبعينات يتهمون الشيوعيين بأنهم عملاء موسكو ، والشيوعيون بإعتبارهم أدوات تحركهم المخابرات الروسية طوال تاريخهم كانوا يتهمون كل من يرتبط بعلاقة مع أميركا وأوربا الغربية بأنه عميل ، وهكذا باقي التنظيمات الإسلامية وغيرها.
بينما في الحقيقة المعيار الذي يفصل بين العمالة والعمل الوطني هو مدى حصول الفائدة من العلاقة بالدول الأخرى ، فعلاقات حكام دول الخليج العربي التي إتهمها الفكر السياسي العربي بإنها علاقة عمالة وإنبطاح وتفريط بالسيادة والثروات … ظهر ان هذه العلاقة هي في صالح شعوب الخليج وانها حققت فوائد ملموسة مثل: الإستقرار الإجتماعي والسياسي والحماية من الأخطار الخارجية والإزدهار لدرجة الدول الثورية التي تتهم حكام الخليج بالعمالة أصبحت تتمنى ان تصل الى مستوى دول الخليج !
وبخصوص مفهوم السيادة .. قدسية السيادة ليست مطلقة ، بل نسبية ومصالح البشر أهم منها أحيانا ، فالدول العظمى مثل : بريطانيا وفرنسا واميركا سيادتها مقدسة لإنها مكتفية بذاتها وقوية .
لكن الدول الضعيفة والمتخلفة حضاريا وعلميا … يجب ان تكون مصلحة الإنسان لديها أهم من السيادة ، ونظل في مثالنا السابق دول الخليج العربي ، فهذه الدول عسكريا ضعيفة ولديها ثروات هائلة وهي محاطة بأعداء مثل : إيران والعراق والإتحاد السوفيتي سابقا وكذلك مصر في عهد جمال عبد الناصر .. وعليه كان من الضروري التضحية بالسيادة لصالح الحصول على الحماية والأمان وعقد تحالفات مع أميركا والسماح بإقامة قواعد عسكرية لها ، ونفس الأمر حصل مع المانيا وكوريا واليابان وحتى بريطانيا توجد على أراضيها قواعد أميركية .
مثال آخر : كان العراق يتعرض الى هجمة وحشية من الإرهاب ، وكان يرسل بعض عناصر الشرطة للتدرب في الأردن .. بينما الواجب الوطني كان يفرض علينا البحث عن الأفضل لنا لمساعدتنا في القضاء على الإرهاب ، والأفضل كان في المنطقة هو جهاز الموساد الإسرائيلي أحد أبرع أجهزة المخابرات الدولية ، ولو كان لدينا ساسة شرفاء تهمهم حياة أبناء الشعب ، لذهبوا من فورهم يطلبون مساعدة الموساد في المعلومات والخبرات والتدريب بدلا من الأردن.
وخلاصة الموضوع : ان الواجب الوطني يدعونا للذهاب الى حيث تكون مصلحة البلد والناس بغض النظر عن الخطوط الحمر والموانع والشعارات وحتى المباديء يجب ان تكون مصالح البشر أهم من كل المباديء.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here