الفتح وسائرون يُغلقان ملفّ الوزارات الشاغرة تحسّباً لصعود “جناحي الدعوة”

بغداد / محمد صباح

توصل تحالفا سائرون والفتح إلى اتفاق يقضي بتمرير مرشحي الوزارات الأربع المتبقية في جلسات الأسبوع المقبل.
التحالفان طرحا مقترحاً لاستحداث منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الأمنية ومنحه إلى فالح الفياض مقابل سحب ترشّحه لوزارة الداخلية.
ووفقاً للاتفاق الجديد ونزولاً عند رغبة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي سيتم إلغاء مستشارية الأمن الوطني وربطها بالمنصب الجديد الذي سيتمتع بصلاحيات أمنية واسعة.
مقابل ذلك سيحصل تحالف سائرون على رئاسة لجنة الأمن والدفاع، وستمنح وزارة الداخلية لأحد القادة العسكريين الذين حققوا النصر على داعش. جاء هذا الاتفاق رداً على التقارب بين جناحي حزب الدعوة (فريقا المالكي والعبادي) وإمكانية دمج ائتلافي النصر ودولة القانون بكتلة موحدة.
ويقول النائب حامد الموسوي عضو تحالف الفتح لـ(المدى) إن “تحالف سائرون ربط حسم مرشح وزارة الداخلية بتسمية رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية وهو ما أخر حسم القضية طيلة الفترة الماضية”.
وأضاف إن “المفاوضات الأخيرة بين سائرون والفتح والكتل الأخرى توصلت إلى إعادة ترشيح مرشحة تحالف المحور سفانة الطائي إلى حقيبة التريبة، ومرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني القاضي فاروق أمين إلى حقيبة العدل”، فيما أكد طرح عدة مرشحين لوزارة الدفاع.
وكان تحالفا الفتح وسائرون قد شكلا في شهر شباط الماضي لجنة سداسية مهمتها التفاوض بشأن استكمال أسماء مرشحي الوزارات الأربع الشاغرة في حكومة عادل عبد المهدي بعدما تعطلت بسبب الخلافات على طرح بعض المرشحين.
وتمكنت اللجنة السداسية من استبعاد مرشح الفتح إلى حقيبة الداخلية فالح الفياض عن المنافسة استجابة لرغبة تحالف سائرون.
وينتقل الموسوي في حديثه الى مرشح وزارة الدفاع قائلا إن “الكتل السياسية خولت رئيس الحكومة باختيار مرشح واحد لوزارة الدفاع من بين أربعة أسماء عرضت أمامه وهم كل من العميد المتقاعد صلاح الحريري، ونجاح الشمري، واللواء المتقاعد هشام الدراجي ورئيس مجلس النواب السابق سليم الجبوري”.
ويرجح النائب الموسوي “قبول هشام الدراجي المرشح من قبل جزء من ائتلاف الوطنية والمحور لتولي حقيبة الدفاع لأسباب تتعلق بكفاءته وخبراته العسكرية، فضلا عن خوضه الانتخابات البرلمانية الماضية مع ائتلاف الوطنية”، مؤكدا أن “غالبية الكتل السياسية داعمة له في إدارة المنصب”.
ويشير النائب عن تحالف الفتح إلى أن “مرشح كتلة ائتلاف الوطنية نجاح الشمري عليه ملف في هيئة المساءلة والعدالة ولديه أيضا الجنسية الدنماركية، أما سليم الجبوري فتكاد تكون حظوظه قليلة كونه غير مدعوم من كتلتي الإصلاح والبناء”.
واللواء الركن المتقاعد هشام داود عزيز عباس الدراجي هو أحد المتقدمين إلى شغل منصب وزير الدفاع عبر النافذة الالكترونية التي أطلقها رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي إبان تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة في شهر تشرين الأول الماضي.
وشغل الدراجي العديد من المناصب العسكرية آخرها مدير الحركات العسكرية في وزارة الدفاع وأمين السر في الوزارة وهو من تولد محافظة واسط في العام 1954. حاصل على شهادة الماجستير في الدراسات الستراتيجية في الأمن الوطني من كلية الدفاع الوطني، وبكالوريوس في القانون.
وتنافس كل من ائتلاف الوطنية الذي يقوده إياد علاوي وتحالف المحور بزعامة جمال الكربولي على منصب حقيبة وزارة الدفاع منذ فترة طويلة مما تسبب في إعاقة تسمية مرشح توافقي وتقديمه الى البرلمان من أجل التصويت عليه.
وكان ائتلاف الوطنية قد قدم خمسة مرشحين لرئيس مجلس الوزراء في شهر تشرين الثاني الماضي لمنصب وزارة الدفاع من بينهم فيصل فنر الجربا الذي عرض في البرلمان في الرابع والعشرين من شهر كانون الأول الماضي وسقط بالتصويت.
ويبين النائب ان “رئيس مجلس الوزراء أصر على حسم ملف الوزارات الشاغرة في جلسة واحدة دون تجزئتها إلى مرحلتين أو أكثر”، منوها إلى ان “أسماء مرشحي العدل والتريبة والدفاع تكاد تكون قد حسمت باستثناء مرشح حقيبة الداخلية”.
وبسبب هذه الخلافات اضطر رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي إلى تقديم كابينته الوزارية إلى مجلس النواب على شكل دفعات حيث صوت البرلمان في الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول الماضي على أربع عشرة وزارة. بعدها صوت على وزارات أخرى ليكون المجموع 19 وزارة مصوتاً عليها من أصل 22، ثم استقالت وزيرة التربية بعد اتهام شقيقها بالانتماء لداعش.
ومرت سبعة أشهر على عمر الدورة البرلمانية الحالية دون أن تتمكن الكتل من حسم أسماء رؤساء اللجان البرلمانية الدائمة رغم إلزام النظام الداخلي للبرلمان في مادته (74) في ان تنتخب كل لجنة رئيسا ونائبا للرئيس ومقررا من بين أعضائها بعد ثلاثة أيام من توزيع الأعضاء على اللجان الدائمة. ويؤكد النائب الموسوي أن “اليومين المقبلين ستحسم اللجنة السداسية (المكونة من تحالفي الفتح وسائرون) مرشح وزارة الداخلية ورئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية”، متوقعا “التصويت على مرشحي الوزارات الشاغرة ورؤساء اللجان البرلمانية الدائمة سيكون في الجلسة الأولى أو الثانية من جلسات الأسبوع المقبل”.
ويعتبر النائب عن محافظة كربلاء أن “لجنة الأمن والدفاع من أهم اللجان البرلمانية كونها تشرف على عمل وزارتي الدفاع والداخلية وهيئة الحشد الشعبي والأمن الوطني والمخابرات”، مؤكدا ان “ما يهم تحالف الفتح إبقاء كتلة سائرون مع التحالف الداعم للحكومة عادل عبد المهدي”.
وكان قيادي في تحالف سائرون قد كشف لـ(المدى) في وقت سابق أن “الفياض طالب مقابل سحب ترشّحه من حقيبة وزارة الداخلية بمنحه منصباً أمنياً في مجلس الوزراء”، منوهاً إلى أن “تحالفي سائرون والفتح عرضا عليه الإبقاء في إدارة منصبيه رئيساً لهيئة الحشد الشعبي، ومستشاراً لجهاز الأمن الوطني”.
وكانت أوساط مقربة من رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي قد كشفت لـ(المدى) في شهر شباط الماضي عن تراجع حظوظ فالح الفياض كمرشح لحقيبة الداخلية بعد لجوء تحالف الإصلاح إلى كسر نصاب الجلسات التي يعرض فيها الفياض للداخلية.
ويشير الموسوي إلى أن “تقسيم رئاسات اللجان البرلمانية بين الكتل بات مرتبطا باستكمال الوزارات الأمنية وتحديدا وزارة الداخلية”، لافتا إلى أن “تحالف الفتح رفض الكثير من الأسماء التي قدمها تحالف سائرون كمرشحين لوزارة الداخلية”.
ويعزو النائب حامد الموسوي عضو تحالف الفتح، أسباب رفض بعض المرشحين المطروحين من قبل تحالف سائرون إلى “الخشية من تحول وزارة الداخلية إلى وزارة ضعيفة تسيطر عليها كتل معينة”. ويقول ان الأسماء المتداولة في وسائل الإعلام كمرشحين للداخلية “غير صحيحة” أو قد تكون رفضت أثناء المفاوضات.
ويكشف النائب الموسوي أن “المفاوضات بين سائرون والفتح طرحت فكرة استحداث منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الأمنية إلى فالح الفياض على اعتبار ان مستشارية الأمن الوطني ستتحول أو ترتبط بنائب رئيس مجلس الوزراء”.
استحدث هذا المنصب الذي سيكون بصلاحيات أمنية واسعة يشرف على وزارتي الدفاع والداخلية والملف الأمني هو ما دفع تحالف سائرون إلى التمسك برئاسة لجنة الأمن والدفاع البرلمانية التي يكفلها الدستور بمراقبة ومحاسبة أداء جميع المسؤولين الأمنيين وهو ما يزعج الفياض من جهة والفتح من جهة أخرى.
ويعلق النائب عن تحالف البناء عن اتفاقهما مع سائرون بشأن إلغاء مستشارية الأمن الوطني قائلا ان “رئيس مجلس الوزراء لديه رغبة في تغيير عنوان مستشارية الأمن الوطني وجعلها جهة مرتبطة بنائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الأمنية ليتمكن من الإشراف على الجانب الأمني الداخلي والخارجي”، كاشفا عن “توصل تحالفي سائرون والفتح إلى اتفاق بشأن هذه الأفكار التي طرحت”.
على ما يبدو فإن التقارب بين جناحي حزب الدعوة قد حفّز تحالفي سائرون والفتح على استكمال لقاءاتهما الثنائية التي توقفت نوعا ما بسبب خلافاتهما على بعض الأسماء والنقاط.
ويشير الموسوي إلى ان “التقارب الحاصل بين قطبي حزب الدعوة لتشكيل كتلة برلمانية موحدة وخوض غمار الانتخابات المحلية بقائمة واحدة هي من دفعت تحالفي سائرون والفتح إلى إنهاء خلافاتهما بشأن الوزارات المعطلة”، مضيفا أن “سائرون والفتح سيشكلان قاعدة جديدة ستكون داعمة إلى حكومة عادل عبد المهدي عبر تقديم التنازلات لحسم الملف الوزاري”.
ويبدو أن سائرون والفتح مصرّان هذه المرة ــ بعد التذمر الذي أعلنته بعض الكتل من تحالفي الإصلاح والبناء بعد اجتماعاتهم الثنائية ــ على حسم كل المتعلقات التي منعت في وقت سابق تمرير مرشحي الوزارات الأمنية وكذلك رئاسات اللجان البرلمانية.
وكانت (المدى) قد كشفت الشهر الماضي أن التفاهمات بين سائرون والفتح حسمت أكثر من80% من الجدل القائم بين الطرفين، إلا أن الجانب الإيراني مازال متمسكا بقوة في تقديم الفياض مرشحا لحقيبة الداخلية يقابله الموقف الأمريكي المتحمس بإناطة المنصب إلى رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الأول الركن طالب شغاتي.
وكانت رئاسة مجلس النواب قد حددت بداية عقد الجلسة الأولى من الفصل التشريعي الثاني موعدا للتصويت على استكمال ما تبقى من وزارات شاغرة في حكومة عبد المهدي إلا أنها أرجأت الموضوع الى جلسات أخرى.
بالمقابل يؤكد تحالف سائرون المدعوم من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنه اتفق مع تحالف الفتح على تسمية مرشحي الوزارات الأربع الشاغرة أثناء مفاوضات اللجنة السداسية”، مؤكدا أن “الأسماء المرشحة ستقدم من قبل رئيس الحكومة للبرلمان في الجلسة الأولى أو الثانية من جلسات الأسبوع المقبل”.
وبين النائب عن التحالف محمد الغزي في تصريح لـ(المدى) أن “الاتفاق الذي حصل بين سائرون والفتح خلال الأيام القليلة الماضية يقضي بدفع مرشحي الدفاع والداخلية إلى رئيس مجلس الوزراء ثم عرضها على مجلس النواب”، مؤكداً أن “هذه التفاهمات شملت كل الكتل السياسية التي أبدت استعدادها لتمرير الأسماء المقدمة”.
ويضيف ان “التفاهمات الحاصلة بين الكتل البرلمانية حددت اسمين لوزارتي الدفاع والداخلية وأرسلتهما إلى رئيس مجلس الوزراء الذي سيطرحهما على مجلس النواب للتصويت عليهما”، مبديا تحفظه “على ذكر الاسمين الجديدين “.
ويؤكد عضو اللجنة القانونية النيابية أن “مرشح وزارة الداخلية سيكون من القادة الذين صنعوا النصر بعد حسم رئاسة لجنة الأمن والدفاع البرلمانية التي ستكون من حصة تحالف سائرون في اجتماعات اللجنة السداسية”.
ويبين الغزي أن “تحالف سائرون مع تقليص عدد المناصب الحكومية بما فيها مستشارية الأمن الوطني أو غيرها من المناصب”، مؤكدا ان “الاتفاق الذي جرى مع الفتح هو ان تدار القضايا الأمنية خلال الفترات المقبلة بصورة صحيحة”.
ويعلق النائب عن محافظة الديوانية على إلغاء مستشارية الأمن الوطني في الفترات المقبلة قائلا ان “الاتفاق الذي حصل بين سائرون والفتح يقضي بترك مسألة استحداث منصب للفياض من عدمه على عاتق مجلس النواب”، مستدركا “لكن سائرون مازال متحفظا على استحداث مناصب جديدة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here