فنون العراق الجميلة – الموسيقى والغناء في العصر الاموي ّ

* د. رضا العطار

)يورد كتاب العقد الفريد ان (قند المدني) كان من موسيقي الصدر الاول، وفي زمانه تولى سعيد بن العاص امر المدينة، و كان من الثقاة العراقيين وقد عرف عنه معرفته الفائقة بفن الغناء الى جانب كونه كان قديرا خصب الخيال في تصوير الالحان ورصفها ومدها وتحليتها.
ومن الموسيقيين العراقيين بعد قند المدنى جاء عتيق عائشة الذي عرف كونه موسيقيا بارعا متمكنا عارفا باسرارها مقتدرا في علومها – – – ومن المغنين و الموسيقيين العراقيين بديع المليح وعتقاه بن جعفر ونافع الخير ونؤوم الضحى – – – إضافة الى بعض الموسيقيين الذين كانوا اقل شهرة وهم زيد بن طيس و زين بن كعب و مالك بن حمامة وغيرهم.

يمكن القول ان الموسيقيين في العراق ايام العصر الاموي قد ادخلوا صيغة شعرية موسيقية، ذلك لوجود صلة قربى وثيقة بينهما و على اعتبار ان كليهما يستخدمان وسيلة حسية واحدة هي الصوت، اما اختلافهما فيظهر في الطريقة التعاملية مع الاصوات ونمط التعبير.

لقد ابتعدت الصيغة الشعرية الموسيقية في العراق شيئا فشيئا عن تقاليد القصيدة الغنائية النمطية التي كانت تنشد وفق نظام ما يمكن تسميته (الغناء الطويل) غير ان الملفت للنظر – – – ان الموسيقى العراقية في العصر الاموي كانت تحتفظ بطابعها الوطني العراقي العربي المحض، تميزت في هدوئها الرصين وصلتها العميقة بالكلمات والايقاع ورقتها المثيرة في نواح كثيرة، ثم امتداد ذلك الى التوافق والتناسق والى اقامة نوع من الحدود اللحنية الرحيبة – – – ورغم قيودها واضطرابها الا انها وفرت قوة الحضور الشعبي ببساطة البناء وطرافة الفكرة الجمالية.

ان مصدر اعتصام الموسيقى العراقية بوطنيتها الزاخرة ينطلق اساسا من اسراء النغم الشعبي وتنوعه بحسب اختلاف المناطق الجغرافية في العراق وما يتبع ذلك من تجديد الموضوع اللحني الذي يتجاوز البيت الشعري الواحد او البيتين، فقد ادى هذا الاتجاه الى احداث نمط شعري موسيقي جديد مبتكر – – –
صحيح ان الموسيقى العراقية كانت تشهد تلاقحا مع الموسيقات العربية الاخرى اضافة الى موسيقى البلدان المجاورة، الا ان هذا التلاقح افاد خصائصها العامة ولم يكن على حساب ملامحها.

وفي العصر الاموي كذلك تحقق اكتمال وضع لاصول وتقاليد الصنعة اللحنية قياسا الى عصر صدر الاسلام، فقد انطلق من هذا الاكتمال مذهب جديد في فن الموسيقي والفكرة الموسيقية، كان الدافع الاساس في ولادة ثورة فنية حقيقية، تلك التي بشر بها العصر العباسي.(

* مقتبس من كتاب حضارة العراق لعادل الهاشمي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here