مقترح من الداخلية العراقية للحد من حالات الانتحار يثير الجدل .. يعالج النتيجة ويترك السبب

واجه مقترح من وزارة الداخلية العراقية بإنشاء حواجز ”أمان“ على جسور العاصمة بغداد ، للحد من حالات الانتحار التي تصاعدت في البلاد ، رفضًا واسعًا من الأوساط المعنية والشعبية.

وسجل العراق مؤخرًا تزايدًا كبيرًا في حالات الانتحار، في عدة محافظات، وتعزو الجهات الرسمية الأسباب إلى انتشار البطالة والفقر والإحباط وانعدام الأمن.

واعتبر رئيس مجلس محافظة بغداد رياض العضاض، أن ”مقترح إنشاء سياج أمني محكم على الجسور بطول مترين ، فكرة جيدة لمنع حالات الانتحار، وستكون مجدية وتحد من تلك الظاهرة“ ، وفقًا لوثائق موجهة لوزارة الداخلية وتداولتها وسائل إعلام محلية.

اقتراح وزارة الداخلية العراقية بشأن السياج أثار انتقادات جهات مختلفة، خاصة تلك المعنية بحقوق الإنسان، إذ اعتبرته ”غير مجدٍ في وقف تلك الظاهرة، ويمكن للراغب بالانتحار عدم اللجوء إلى الجسور واختيار طرق أخرى للوصول إلى غايته“.

وقال مركز حياة لمكافحة الانتحار في العراق، إن ”إجراء كهذا لن يتمكن من كبح جماح تلك الحالات، وإن الأجدر بالجهات التنفيذية والرقابية إيجاد حلول ناجعة للحد من الظاهرة التي أخذت بالتزايد مؤخرًا“.

وطالب المركز في بيان ”الجهات المعنية بالحد من الظاهرة عبر خطوات مدروسة تضمن معالجة الحالات وإعادة تأهيلها في المجتمع عبر ندوات تثقيفية وورشات عمل جديرة بشفاء تلك الحالات ، لتكون أكثر فاعلية في بيئة مسالمة ملؤها الأمل“.

وتشير تقارير إعلامية إلى أن أكثر من 30 حالة انتحار شهدتها البلاد منذُ مطلع العام الجاري، أغلبها في مدن بغداد وذي قار وديالى وبابل.

وبالاضافة للعاصمة بغداد فقد حذر جبار الموسوي عضو مجلس محافظة ذي قار (مركزها الناصرية) جنوبي العراق، يوم السبت، في تصريح لـ(باسنيوز) من «موجة انتحار» قد تجتاح المحافظة بالتزامن مع الامتحانات الوزارية للصف السادس الإعدادي بكافة فروعه كما حصل خلال السنوات السابقة، فيما دعا المجلس أهالي الطلبة إلى عدم تحميل أبنائهم أكثر من طاقتهم والضغط عليهم بسبب تدني الدرجات أو الرسوب.

يذكر أن حالات الانتحار قد تزايدت في السنوات الأخيرة وبالأخص في صفوف الشباب بمحافظة ذي قار، حتى وصلت إلى مستويات خطيرة أثارت قلق ومخاوف بعض الجهات والمنظمات الإنسانية، وتعود أسباب الانتحار بحسب السكان إلى حالة الإحباط الكبير التي يعاني منها الشاب العراقي في ظل استمرار الخلافات والصراعات الحزبية، التي أثرت سلباً على واقع الحياة في هذا البلد الذي أصبح يعاني من استفحال الأزمات والمشكلات الاجتماعية والأمنية والاقتصادية.

هذا فيما حذرت مفوضية حقوق الانسان في محافظة بابل (مركزها الحلة) ، يوم الاربعاء، من وجود “العاب الكترونية” تدفع المراهقين للانتحار في المحافظة والمحافظات الاخرى ، فيما اكدت تسجيل 20 حالة انتحار خلال عام 2018 واربع حالات تم انقاذ شخص منهم منذ بدأ عام 2019 في محافظة بابل.

وقال مدير مكتب المفوضية احمد العطار لـ(باسنيوز)، “نحذر من وجود “العاب الكترونية” تدفع المراهقين للانتحار في محافظة بابل والمحافظات الاخرى وعلى الاهالي مراقبة ابنائهم بهذا الصدد “.

وتصدر الشبان والمراهقون لائحة المنتحرين، وتنوعت بين تناولهم مواد سامة، وإلقائهم أنفسهم من أعالي المباني والجسور، أو إقدامهم على شنق أنفسهم في منازلهم أو إطلاقهم النار على رؤوسهم .

ووفق إحصائية رسمية صادرة من وزارة الداخلية فإن حالات الانتحار بلغت ألفي حالة، وبدوافع مختلفة للفترة بين الأعوام 2015- 2017، وهي مرتفعة بشكل كبير عن الفترة 2003- 2013 والتي سجلت 1500 حالة.

وترى مفوضية حقوق الإنسان في العراق، أن هناك عدة أسباب تقف وراء زيادة حالات العنف والانتحار في المجتمع العراقي، أبرزها ”الوضع النفسي، وكثرة حالات الحروب التي شهدتها البلاد، وفقدان الأشخاص لأحلامهم، وفقدان فرص العمل، والفقر“.

ودعا عضو المفوضية فاضل الغراوي في تصريحات صحفية، إلى ”محاسبة من يدعو للعنف عبر تطبيق قانون مكافحة الإرهاب بحقه، وردع الحالات بعقوبات صارمة وغرامات مالية كبيرة جدًا، والتعامل مع حالات العنف كالتعامل مع موضوع الدكة العشائرية واعتبارها إرهابًا“.

وبدورها اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد،كانت قد أبدت استغرابها ، يوم الأحد، من قرار تسييج الجسور لـ”الحد” من حالات الانتحار، مع تزايدها خلال الفترة الاخيرة في العاصمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here