معلومات عن مشاريع استثماريّة في جرف النصر تمنع عودة سكّانها

كشف تصعيد واشنطن ضد طهران في سياق سياسة العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، اللغز الذي منع سكان جرف النصر (الصخر سابقا) من العودة الى مناطقهم على الرغم من مرور نحو 5 سنوات على تحريرها من قبضة تنظيم داعش. التصريحات الأمريكية الأخيرة بخصوص الجرف التي جاءت على لسان القائم بأعمال السفير الأميركي في بغداد جودي هود اعتبرت بمثابة كشف لأحد أسرار ما يجري بعد عمليات التحرير في بعض المدن.

وقال هود في لقاء متلفز قبل يومين، إن “كتائب حزب الله التي تتلقى تمويلا من الحرس الثوري الايراني، تمنع عودة السكان الى جرف الصخر”.
وأضاف في إطار الحديث عن اعتبار “الحرس” منظمة إرهابية وفقاً للقرار الأمريكي الأخير، إن “تلك الفصائل تتسبب في بقاء نازحين في مخيمات بالفلوجة (…) سألنا الجهات الحكومية لماذا لم يستطيعوا إعادة النازحين، لكننا لم نتلق أي إجابة”.
أزمة الجرف، قد تكون فريدة في العراق، حيث تعد البلدة الواقعة في جنوب بغداد الوحيدة التي نسبة عودة النازحين اليها صفر بالمئة، إذ لا تشبه اية حالة أخرى سوى بلدة سليمان بيك في شرق تكريت، التي تحركت أوضاعها مؤخراً واستطاع جزء من سكنها العودة إليها ضمن تسوية معقدة مع أحد فصائل الحشد الشعبي التي تقوم بحماية المنطقة.
تحرير الجرف بعد 4 أشهر فقط من سقوط الموصل في حزيران 2014، كانت كلفته كبيرة خصوصا على فصائل الحشد الشعبي. كانت أولى المعارك تقريبا ضد التنظيم وزج فيها (الحشد) عدداً من الشباب المتحمسين غير المتدربين على حمل السلاح.
واعتبرت تلك المعارك بمثابة تحدٍ وإثبات وجود للحشد الذي كان وقتها لم ينظم بشكل رسمي. واستمر الاخير في عملية تطهير الأرض من الالغام، واعتبر “الجرف” واحداً من أكثر المواقع التي احتوت على العبوات. وضعت في الاشجار وأعمدة الكهرباء وحتى داخل الأجهزة الكهربائية المنزلية، وبعضها وضع بشكل معقد.
أخذت عمليات “التطهير” ــ التي استمر الحديث بشأنها حتى قبل عامين تقريبا ــ بمثابة ذريعة لمنع عودة السكان الذين يقدر عددهم بأكثر من 65 ألف نسمة، على الرغم من أن بعضهم يعيشون على بعد مسافة كليومتر واحد فقط من مدخل الجرف، في قضاء المسيب. وحلت قضية الإعمار ثم خطر عودة عوائل “داعش”، كأحد الأسباب الجديدة التي تمنع إرجاع السكان. يقول مسؤولون إن 60% من الجرف مدمرة.
يقول مسؤول في بابل لـ(المدى) طلب عدم نشر اسمه ان “الجميع يعرف ان هناك جماعات مسلحة تمنع عودة العوائل لكن لايتم الحديث عن ذلك علانية”.
في السنوات الاخيرة بدأ الحديث عن وجود معتقلات سرية في الجرف يديرها أحد الفصائل، ويوجد فيها معتقلون من الفلوجة، لكن جهات حكومية كانت قد نفت الخبر. كما يقول بعض شهود العيان في قضاء المسيب القريب من الجرف، ان هناك مشاريع استثمارية بدأت تنشأ في المدينة، تحت إشراف بعض الفصائل، التي من مصلحتها عدم عودة السكان خوفاً من تخريب مصالحهم.
يقول هود ان “بعض الفصائل بعد الحرب ضد داعش بدأت تأخذ الاتاوات وتبتز السكان في الموصل وديالى والانبار، وهي خارجة عن إطار الحكومة”.
وبكلام مماثل قال الوكيل الاقدم السابق لوزارة الداخلية وعضو لجنة الامن في البرلمان عدنان الاسدي في تصريح متلفز قبل أيام، إن “هناك مجاميع مسلحة فوق القانون، لا تستطيع وزارة الداخلية الوقوف بوجهها”.
بالمقابل تقول جهات سياسية مقربة من الحشد، إن الجرف يتعرض بين الحين والآخر الى هجمات مسلحة، لكنه كلام يشكك فيه نواب آخرون من قوى شيعية. ويمتد جرف النصر من عامرية الفلوجة التابعة لمحافظة الأنبار شمالا وصولا إلى الحلة مركز محافظة بابل وكربلاء جنوباً، ومن الجهة الشرقية تتصل بمناطق اليوسفية واللطيفية والمحمودية (المعروفة سابقاً بمثلث الموت) التابعة لبغداد، أما من جهة الغرب فهي مفتوحة على صحراء الأنبار.
وفي الصيف الماضي، رفض محافظ بابل السابق والنائب الحالي صادق مدلول السلطاني، الموافقة على عودة نازحي الجرف. وقال وقتذاك إن الحكومة المحلية تعتبر أن الخلايا النائمة لتنظيم داعش الإرهابي لا تزال فاعلة في مناطق مجاورة للبلدة. وأشار في وقتها إلى عدم وجود أموال كافية لإعمار جرف الصخر، فيما كان كتاب صادر عن السلطاني أيضا، يقضي بمعاقبة أي مسؤول يطالب بإعادة النازحين للجرف.
ويقول رشيد العزاوي ضمن قائمة النصر التي يرأسها حيدر العبادي، ان هناك مقترحات لإعادة السكان، لكنها مازالت تحت الدراسة.
ويلفت العزاوي، الى ان هناك تغييراً في تقبل القوى السياسية للنقاش حول إعادة السكان، وهو أمر كان مرفوضا قبل 4 سنوات.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here