السلام مستقبل مؤنث.!

هايل المذابي

لم أفلح في التعايش و التأقلم مع هذه الآلة الحديدية التي تتكلم. و في طفولتي كنت أجد أحيانا فقط في تلك المسلسلات الكرتونية شيئا من الجاذبية ربما لشغفي بالقصة الذي ولد معي.

وما زال ذلك الشغف يسكنني متمثلا في متابعتي لكل جديد في عالم الأفلام السينمائية.

أنا أعيش في بلدٍ نامٍ جداً أو هو أقل نمواً لذلك فلا منأى لمثلي من أن يتخذ بدائل أخرى يشاهدها مما يمنحه أقساط المتعة حين يتعذر عليه الحصول على متعته بسبب سوء التواصل مع العوالم المنتجة للأفلام وإنقطاعه بين الحين والحين. حتى في زمن الانترنت ومنصات عرض الذكاء الاصطناعي المشهورة.

من تلك البدائل التي اجتهدت على متابعتها حين تشبعت تماما بمشاهدة كل ما يمكن مشاهدته من أفلام انتجت في سنوات ماضية عالم الحيوان.

إنها متعة لا توصف لمن يمتلك ملكة المقارنة بين عوالم الوجود الثلاث ما اختلف منها وما افترق.

ثمة رقي عظيم جداً في هذا العالم يتميز به عن عالم البشر وهذا الرقي يمكن ملاحظته في المساواة بين الذكور والإناث في كل شيء. بل إن لبعض الأنواع من الحيوانات تفضيل أكبر للأنثى على الذكر. وهذا احترام كبير يمكن لمن يجيد التأمل إدراكه يفوق تفاصيل التعاملات الاجتماعية في عالم البشر.

إذا كانت مهمة الصيد وخوض الحروب لا توكل إلا للرجال العظام في عالم البشر كنوع من إثبات الرجولة والقوة فإننا نجد ما هو أبلغ من هذا في عالم الحيوانات فالأنثى لدى معظم الأنواع بدء من ملك الغابة مرورا بأنواع أخرى كثيرة هي من تقوم بمهمة الصيد وليس هذا تعبيرا عن ضعف الذكور او تقاعسهم بل هو تشريف لمقام الأنثى واحترام لمبدأ المساواة وتقديس لوجودها.

لقد عاشت المرأة في العصور البعيدة أو الأبعد على هذا الشكل لكن ما حصل لاحقاً لم يثبت إلا الركض النهم نحو تكريس النوع البشري نحو الأحادية والنرجسية الذكورية ولعل ذلك لا يعبر إلا عن غيرة مما يمكن أن يكون للأنثى قدرة على صناعته ببلاغة وبراعة تفوق قدرة أعظم الرجال.

إن العصر الذي نعيشه هو عصر حروب متلاحقة وصراعات ونزاعات وكل محاولات لتحقيق السلام والأمن لا تلبث أن تفشل بدعاوي عديدة منها المصالح الكبرى والصغرى ومنها الولاءات ومنها ضيق مساحات القبول بالآخر لدى كل مختلف في مذهبه وعرقه وجنسه ولونه ومنها اكثر من ذلك لكن لمن يتأمل لن يجد أن كل هذه الدعاوي لا تبرر إراقة قطرة دم واحدة مهما تعاظمت وكل ما يفهم منها هو فشل الرجل دائما في تنفيذ هذه المهمة ربما لإن حكمته التي اشتهر بها قديما قد تلاشت تماما او هرمت مع تقادم الزمان كما تبلى شفرة السكين بكثرة الحز ودوامه. وإن كان ثمة مستقبل يمكن أن يتحقق للبشرية فيه أي نوع من الأمن والسلام والازدهار فلا بد أن يكون مستقبلا مؤنثا في كل مؤسساته ومراكزه القيادية.

حينها لا أشك مطلقاً في حياة مترفة منعمة بالمحبة قد تستمر بلا حروب لأبعد ما يمكن من سنوات.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here