بمناسبة إجرائي عملية الماء الأزرق للعينين .. معنى عظمة أميركا

خضير طاهر
قرر طبيبي إجراء عملية الماء الأزرق لكلا العنين والتي تتضمن زراعة عدسات داخلهما في الأسبوع القادم ، الطبيب أخبرني بكل نبل وشرف ان بإمكاني تأجيل العملية مضحيا بفرصة الحصول على آلاف الدولارات من التأمين الصحي في حال إخترت التأجيل ، لكني قررت إجراء العملية بأسرق وقت مادام الإنتظار لن يحمل لي أي أمل بالتحسن حتى لو لا توجد خطورة حاليا، ولاأدري كم طبيب عربي يحمل مثل هذه القيم النبيلة ، ولايمارس الكذب على المريض ولايدفعه لإجراء عمليات قد لايكون بحاجة لها من أجل الكسب المالي ؟ّ!
الطبيب الذي سيجري العملية أميركي حاصل على الدكتوراه ومتخصص في علاج الماء الأزرق فقط ، وليس كافة أمراض العين مثلما هو حاصل مع الأطباء العرب في الوطن العربي وحتى الذين يعيشون في أوربا وأميركا فهم نتيجة الجشع المالي وعدم الحرص على المريض يعالجون كافة الأمراض بسطحية وإستسهال ولايوجد تخصص دقيق لديهم ، أي على السبيل المثال : التخصص حصرا في معالجة شبكية العين أو الماء الأزرق وهكذا في باقي الأمراض … وطبيبي الأميركي يداوم في ثلاثة عيادات متفرقة ، زائد عمله إستاذ جامعيا ، ومنذ اللحظة الأولى شعرت بالثقة به والأمان معه على عيني ، علما تكاليفي علاجي ستكون مجانية يتحملها التأمين الصحي الذي ستدفع له الحكومة الأميركية كوني لاأعمل نتيجة إصابتي بعدة أمراض.
في العراق كنت هناك سنة 2015 وذهبت وسألت عن طيب عيون ماهر ، فأرشدوني الى إحدهم ، وحينما ذهبت الى عيادته لم أجد أية إشارة على مؤهلاته العلمية وإسم الكلية التي تخرج منها مكتوب على اليافطة التي تحمل إسمه ، وحينما دخلت الى العيادة أخبرني الموظف ان الدور سيأتيني بعد أربعة أشهر ، بينما طبيبي الأميركي بكل ما يحمله من مؤهلات علمية راقية وإنشغالاته الكثيرة أعطاني الموعد الاول خلال ثلاثة أسابيع ، وحدد موعد إجراء العملية للعين الأولى بعد 15 يوما ، والعين الثانية بعد 10 أيام ، فتصوروا كيف يعيش الأطباء في العراق وعموم الوطن العربي على جهل الناس وتخلف المستشفيات الحكومية .
بالمناسبة رغم كثرة الأطباء العرب في الوطن العربي ، وكذلك تواجدهم في أوربا وأميركا وكندا وإستراليا .. هل سمعتم عن ترشيح طبيب عربي لجائزة نوبل ؟
الجواب واضح لايوجد أي أثر لإبداع الأطباء وباقي الإحتصاصات العلمية بالنسبة للعرب حتى الذين درسوا وعاشوا في الدول الغربية (بحرف الغين )، والسبب لايتعلق بالتعليم والثقافة والظروف المناسبة ، وإنما في أصل تكوين بعض المجتمعات – ومنها العربية – التي تعاني من قصور وعجز تكويني أصيل في بنيتها يمنعها من الإبداع والنجاح في العلوم والسياسة والإدارة وغيرها ، وحتى أحمد الزويل المصري المقيم في أميركا وهو حالة نادرة حينما حصل على جائزة نوبل فإنها أعطيت له بمشاركة آخرين له وكانت جائزة جماعية ولم يكن المتميز الوحيد !
معنى ان تعيش في أميركا أو أي بلد أوربي من بلدان أوربا الغربية .. هو انك لاتشعر بقلق الفقر والجوع ، والخوف من عذاب المرض ، ومؤكد ستحصل على رعاية في دور المسنين تجنبك الذل والحاجة للآخرين وميتة سهلة ومريحة بفضل العناية الصحية ، وستحيا حياة مضمونة من حيث السكن والطعام والعلاج ، وكافة حقوق المواطنة حتى لو كنت عربيا مسلما ، ولم تستفد منك أميركا أي شيء .
وفي أميركا لا احد يطرق عليك الباب ويطلب منك تغيير ديانتك الى المسيحية ، أو يريد منك التعاون مع المخابرات CAI مثلما قد يتصور العقل العربي من خارج أميركا ، علما توجد ثقافة لدى المواطن الاميركي هي ان التعاون مع الأجهزة الامنية يعد عملا وطنيا شريفا يدعو الى الفخر كونه دفاع عن البلد ومواطنيه ، على العكس من الثقافة العربية التي تعتبر التعامل مع الأجهزة الامنية عملا تجسسيا معيبا لأنها تحمل مؤروث عمل المخبر لدى الأجهزة القمعية في البلدان الدكتاتورية.
الخلاصة بالنسبة لي كمهاجر هي ان بلد مسقط الرأس ليس قدرا أبديا ، بل هو صدفة مجهولة لم نخترها .. وعلى الإنسان حينما يمارس حريته في إختيار بلد المهجر ألا يشعر بالذنب أو الخجل من حبه وتفضيله لبلد المهجر على بلد مسقط الرأس ، ورغم الإلتزام الأخلاقي نحو شعبنا في العراق ومشاركتنا معاناتهم ، ودفاعنا البسيط عنهم عنهم في وسائل الإعلام ، لكن بالنسبة لي أميركا هي بلد الإنتماء والإخلاص والحب الكبير في حياتي ، ومؤسف ان ولدت في لحظة قدر تعيس في بلد الكوارث العراق !

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here