صدام سن سنة سيئة,استفاد منها الخميني واردوغان

بعد ان قام الضباط ,بتنفيذ انقلاب عسكري دموي,واسقطواالحكم الملكي المدني في العراق في 14,تموز 1958
تبين لاحقا بأن كل ماكان يجمع بين الانقلابيين هو كرههم للنظام الملكي,وبعض رموزه,لكنهم مختلفين في كثير جدا من التفاصيل والاتجاهات والايديولوجيات,ولانهم كانوامجاميع من العسكر,لاعقلية سياسية لهم ولايفقهون لغة الحوار والدبلوماسية,فقد دخلوا في صراعات بينية,دموية,وقاموا بتصفية بعضهم,بعض
ثم توالت محاولات الانقلابات العسكرية,نجح بعضها وفشل اخر,وحتى يوم 17 تموز’1968حيث عاد حزب البعث الى السلطة ,وبانقلاب عسكري ايضا
كان الشعب قد توقع حدوث انقلاب اخر,وكما جرت العادة,لكن ذلك لم يكن قدغاب عن حسابات الشخص الثاني في تسلسل القيادة الجديدة,نائب رئيس مجلس قيادة الثورة,صدام حسين التكريتي حيث بدأفورابتنفيذ مخطط,يبدو انه كان قد اعده سلفا وقبل ان ينجح في السيطرة على مقاليد السلطة,وضع فيه كل التفاصيل التي تضمن له ولحزبه الاستمرار بالحكم ومنع وقوع أي انقلاب عسكري في المستقبل.
لقد رفع الانقلابيون الجدد شعارا واقعيا,وهو(جئنا لنبقى)وتبين ان ذلك لم يكن مجرد كلاما اوشعار,بل قرارا
اتخذ بجدية,وتصميم,وبعد تفكيروتدبير,يعبرعن دهاءوذكاء وبعد النظر,والحنكة السياسية المتمثلة بالميكافيلية
ومن الجديربالذكر,انه لم يكن في العراق انذاك, أية احزاب مجازة,أو منظمات مجتمع مدني,أوامكانية لتداول الحكم عن طريق انتخابات ديموقراطية, بل يتم تداول الحكم بقوة السلاح فقط,وطبعا بواسطة الجيش
تلك الحقيقة كانت اساس الخطط التي كان صدام قد هيئها مبكرا,وتهدف الى منع الجيش من تدبيرأي محاولة انقلابية مستقبلا,ولذلك فقد بدأ فورابتشكيل قوة حمايةخاصة,تدين له بالولاء,ويمنحها رعاية و صلاحيات اعلى مماللجيش,أو قوى الامن الداخلي
فقام بفتح باب التطوع للطلاب الذين كانوا قد فشلوافي اجتيازالامتحانات العامة للدراسة المتوسطة,فعرض عليهم الانتظام في دورات تدريبية سريعة, يتخرجون بعدها برتبة نائب ضابط استخبارات عسكرية,واخرين على ملاك الشرطة فيمنحون رتبة نائب مفوض في الشرطة,مع رواتب جيدة وامكانية ترفيعهم الى مرتبة ضباط في المستقبل
وكذلك افتتحت دورات دراسية عسكرية اخرى
للفاشلين في مرحلة الدراسة الثانوية, يدرسون ويتدربون في الكلية العسكرية لمدة ستة اشهر فقط,ثم يتخرجون برتبة نائب ضابط تلميذ حربي,وبعد ثلاثة سنوات من العمل في صفوف القوات المسلحة,يترفعون الى رتبة ملازم ثاني.ويتدرجون في الرتب
وبذلك بعث الامل في نفوس من فقدوا الفرصة في اكمال تعليمهم,وفاز بمؤيدين ومريدين وظفهم لخدمته شخصيا
ونفذ كذلك خطة خبيثة جدا,وذلك عندما قام بزرع بعض الضباط الكبارممن يثق بهم,بين من يشك بولائهم له او تذمرهم من زحفه الى قمة السلطة,وكان يتفق معهم على ان يتصلوا بمن يعتقد انهم من المعارضين ويزعمون امامهم بانهم غيرراضين على النظام الجديد,ويعرضون عليهم الانقلاب على حكم البعث,وفعلا نجح في اصطياد بعض الضباط الكبار,بعد ان سجل لهم المندسين اشرطة اعلنوا خلالها عن نيتهم قلب نظام الحكم, ثم شكل محكمة عسكرية برئاسة طه الجزراوي,وحكمت عليهم جميعا بالاعدام ونفذ الحكم فورا
ثم كشف عن تلك الخطة امام الرأي العام,مما جعل الجميع يتوجسون من بعضهم ولم يعد هناك من يجرأعلى مفاتحة غيره وطرح فكرة انقلاب,خشية من ان يكون رفاقه في التامر,هم عملاء للنظام.
ومن خلال ماجرى من تسلسل الاحداث,استطاع صدام حسين,ان يتخلص من خطرالجيش واحتمال انقلابه على نظام حكم البعث,ثم سرعان ماأصبح الشخصية الاكثر تاثيرا,رغم وجود الرئيس احمد حسن البكر,والذي سلبه كل صلاحياته تدريجيا حتى تمكن من عزله في تموز1979كما ان السيد حسن العلوي,وفي كتابه الذي الفه وبعنوان دولة المنظمة السرية,زعم ان صدام اعتمد على 500 مجرم من المحكومين بالاعدام لجرائم مخلة بالشرف واعطاهم فرصة,يعفو خلالها عنهم,ويمنحهم رواتب عالية لقاء تنفيذ اوامره,والتي اغلبها كان قتل وتصفية الخصوم,وبطرق وحشية, وعين عليهم قادة من اقربائه الموثوق بهم,فعاثوا بالارض فسادا وارتكبوا ابشع الجرائم بحق المعارضين,مماأاثارجوا من الخوف والرهبة في قلوب الجميع,ثم توالت التشكيلات العسكرية والامنية,حتى اصبح صدام قدرالعراقيين,وكان من المحتمل أن يستمرفي الحكم هو واولاده واحفاده الى ماشاء الله, لولا ورطته الكبرى في الكويت وذهابه بعيد في تحدي الادارة الامريكية مدفوعا بداء جنون العظمة الوبيل
ذلك الامر استفاد منه كل من الامام الخميني,حيث انه وبمجرد توليه قمة السلطة في ايران بعد سقوط الشاه,قام ببتنفيذ احكام الاعدام بكبار قادة الجيش بحجة ولائهم للشاه ومشاركتهم في قمع الثورة,وبعد ذلك لجأ الى تشكيل ميليشيات مسلحة من ابناء الارياف والمناطق النائية,والذين كانوا يفتقرون الى اي وعي او ثقافة سياسية,اسماهم الباسيج,(الحرس الثوري)واقنعهم بان مهمتهم الهية مقدسة وواجبهم حماية النظام بقوة السلاح واستطاع بواسطتهم فرض اجندته,مخططاته على نظام الحكم,وحتى هذه اللحظة فان قوة النظام تتمثل في الباسيج,والذين طالما قمعوا كل الاحتجاجات التي قامت بها الجماهير الايرانية المثقفة والتي كانت تتظاهرضد نظام حكم ولاية الفقيه,أوتحتج على تزويرالانتخابات.
كذلك الامر نفسه استفاد منه الرئيس التركي اردوغان,الذي عمل جاهدا على ابعاد تأثير الجيش على الحياة السياسية,بوصفه مراقبا لضمان تنفيذ وصية اتاتورك بعلمانية الدولة,فقام بتشكيل مايسمى بحكومة الدولة العميقة في داخل النظام وساعدته في مؤامرة الانقلاب المزعوم والذي دبره غريمه فتح الله غولن المقيم في امريكا,بتلك الحجة,التي لم تؤكدها اية جهة محايدة,والتي سميت بمسرحية رسالة الموبايل,اتخذها اردوغان حجة لتبريرقيامه باعتقال كل مناوئيه من كبار الضباط,وذلك لكي يخلو له الجو ويسيطرعلى مقدرات تركيا وينصب نفسه سلطانا,حالما باعادة امجاد الخلافة العثمانية

مازن الشيخ

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here