العراق مَدين بـ9 ملايين دولار لمحامين أجانب مكلفين باسترداد أموال صدام

بغداد / محمد صباح

تعترف لجنة النزاهة البرلمانية بصعوبة استرداد مبالغ عراقية أودعت في مصارف وبنوك موزعة بين 40 دولة عربية وأجنبية قبل عام 2003.
واعتمدت الحكومات المتعاقبة على محامين أجانب لاسترداد الأموال لكن من دون فائدة، فيما وصلت أجور المحامين لما يقارب الـ 9 ملايين دولار يتطلب من الحكومة تسديدها.
ويكشف عضو لجنة النزاهة البرلمانية هندرين دوسكي في تصريح لـ(المدى) أن لجنته “بدأت بفتح عدة ملفات فساد مركونة منذ الدورات البرلمانية السابقة أبرزها عقود جولات التراخيص التي أبرمها وزير النفط الأسبق حسين الشهرستاني”، معتقداً أنها “من أكبر الملفات من حيث هدر المال العام.”
ويؤكد دوسكي، وهو نائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن “الأسبوعين الماضيين شهدا استضافات داخل لجنة النزاهة البرلمانية لعدد من المسؤولين التنفيذيين للتأكد من صحة المعلومات المثبتة في بعض الملفات.”
وقبل أكثر من أسبوعين قررت لجنة النزاهة البرلمانية استضافة عدد من المسؤولين في مصرف الرافدين ومدير عام المدفوعات في البنك المركزي ومدير عام الضريبة وكذلك مدراء الاسترداد في الوزارات المعنية لمناقشة ملف بطاقة الكي كارد والمشاكل والسلبيات الموجودة في منح إجازات صرفها.
ويبدو أن تحركات النزاهة البرلمانية تأتي منسجمة مع اتفاق الحكومة والبرلمان على معالجة مشكل الفساد المالي عبر المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي يطالب بإجراء حزمة من التعديلات على القوانين التي تخص مكافحة الفساد.
وركزت الجلسة الأولى لمجلس النواب في فصله التشريعي الثاني على توحيد جهود السلطتين التنفيذية والتشريعية لمكافحة الفساد الإداري والمالي.
بدوره، يؤكد عضو آخر في لجنة النزاهة البرلمانية أن: “من أبرز الملفات التي فتحت داخل اللجنة هي ملف عقارات الدولة والمنطقة الخضراء”، مشيراً إلى أن “هناك مشكلة في موضوع بدل إيجارات عقارات الدولة التي يشغلها عدد من الشخصيات.”
ويضيف عضو اللجنة صباح طلبوبي العكيلي، في حديث مع (المدى)، أن “لجنة النزاهة منشغلة منذ أسبوعين باستضافة عدد من المسؤولين الحكوميين والتي شملت مدير دائرة عقارات الدولة، ومديرة دائرة عقارات المنطقة الخضراء.”
ويلفت العكيلي إلى أن “من ضمن الملفات المعروضة للتحقيق داخل لجنة النزاهة البرلمانية ملف الكي كارد، إذ تمت استضافة مسؤولين في مصرف الرشيد بشأن هذا الملف”، مضيفاً أن “هناك ملفات طرحت للدراسة تخص عمل أمانة العاصمة ومحافظة بغداد أيضاً.”
ويشير إلى أن “ملف جولات التراخيص النفطية فتح للتدقيق وتمت استضافة بعض المسؤولين في وزارة النفط لتقاطع المعلومات وللتأكد من صحتها”، منوهاً إلى أن “التحقيق في هذا الملف يتطلب المزيد من التدقيق وطلب الكثير من المعلومات.”
كان آخر لقاء للجنة النزاهة البرلمانية قد جرى يوم الأحد الماضي خلاله استضافة أعضاء فريق صندوق استرداد الأموال والذي يضم ممثلين عن هيئة النزاهة ووزارات العدل، والمالية، والتجارة، ومجلس الدولة، وجهاز المخابرات، وهيئة المساءلة والعدالة.
ويعلق النائب عن تحالف سائرون على هذه الاستضافات قائلاً إن “الغرض من هذه الاستضافات هو تعديل قانون صندوق الاسترداد لتحديد مهام هذا الصندوق في استرداد الأموال قبل العام 2003 أو ما بعدها”، معتبراً أن “ملف الاسترداد من الملفات الشائكة والكبيرة والمعقدة.” كانت الحكومة العراقية قد أسست صندوقاً أسمته (صندوق استرداد أموال العراق) بعد إقرار قانون رقم 9 لعام 2012 لاسترجاع الأموال العراقية المهرّبة إلى الخارج قبل 2003.
ويتحدث العكيلي قائلاً إن “النظام السابق كان يكلف موظفين في الدولة العراقية بفتح حسابات مالية بأسمائهم في عدد من البنوك العربية والعالمية”، مبيناً أن “هذه الأموال باتت محجوزة في هذه البنوك والمصارف.”
ويضيف أن “هذه المصارف والبنوك العربية وغير العربية الموزعة بين أربعين دولة حجزت هذه الأموال بحجة أنها لا تمتلك معلومات عن الزبائن”، لافتاً إلى أن “المعلومات المتوفرة تفيد بأن بعض هؤلاء قد توفوا والقسم الآخر في السجون وقسم ثالث لا تمتلك الدولة العراقية أية معلومات عنهم.”
ويشير إلى أن “بيانات هؤلاء الأشخاص غير معروفة للدولة العراقية مما يصعب عملية استرداد هذه المبالغ الضخمة والكبيرة”، كاشفاً أن “بعضاً من الشخصيات المسجلة في حساباتهم أجزاء من هذه الأموال أبدوا موافقتهم على تسليم ما بذمتهم من أموال.”
ويكشف عضو لجنة النزاهة أن “الدولة العراقية باتت مدينة بتسعة ملايين دولار لمحامين دوليين انتدبتهم منذ العام 2003 وحتى هذه اللحظة لاسترجاع هذه المبالغ المحجوزة لدى دول والمصارف والبنوك الأجنبية والعربية”، لافتاً إلى أن “بعضاً من هذه الأموال تتعلق بسفن عراقية راسية في موانئ إيطالية ومصرية تدفع ضرائبها الحكومة إلى هاتين الدولتين منذ أيام النظام السابق.” ويعتقد العكيلي أن “فك رموز هذه المشكلة الموروثة من أيام النظام السابق تكاد تكون صعبة.”
من جانبه، يؤكد النائب عن تحالف القرار طلال الزوبعي لـ(المدى) أن “التقاطعات الحاصلة بين وزارات العدل والخارجية وهيئة النزاهة سببت إرباكاً في استحصال المبالغ المهربة إلى خارج العراق”، لافتاً إلى أن “هناك أملاكاً ومبالغ نقدية في خارج العراق نعمل على استردادها.” وبيّن الزوبعي، الذي كان يشغل منصب رئيس لجنة النزاهة البرلمانية في الدورة السابقة، أن “هناك مبالغ مالية مسجلة بأسماء أشخاص تنامت وارتفعت من خلال ما حققته من أرباح من المصارف والبنوك المودعة بها”، مؤكداً أن “هذه المصارف والبنوك موزعة بين أكثر من أربعين دولة.”
ويقول الزوبعي إن مفاوضات الدولة العراقية مع الأشخاص المسجلة أموال العراق في حساباتهم “صعبة لأنهم يبحثون عن نسب من هذه الأموال مع مطالبة المحاميين بأجورهم”، مضيفا أن “المواد المهربة بعد العام 2003 تعود إلى مسؤولين عراقيين هاربين صدرت بحقهم أوامر قبض.”
ويؤكد أن “هناك محامين من جنسيات إيطالية وفرنسية وأميركية وبريطانية موكلين من قبل الدولة لاسترداد هذه المبالغ.”

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here