من أجل طبقة عاملة جماهيرية موحدة لعمال العراق

دكتور /علي الخالدي

تتمتع الطبقة العاملة العراقية بتثراث نضالي يتباهى به شعبنا العراقي أمام العالم نتيجة تراكم تجارب حراكها النضالي المتواصل ضد الحكومات الرجعية والدكتاتورية من أجل تحقيق مطاليبها العادلة التي هي مطاليب عموم مكونات شعبنا العراقي ، وتشهد على ذلك معركها البطولية في إضرابات الصناعيين والموانيء والسكك الحديدية والسكاير والنفط وكيثري وكاورباغي والزيوت والنسيج وبطولات ساحة السباع وغيرها … لهذا كثيرا ما حاولت الحكومات المتعاقبة ومنذ تأسيس الدولة العراقية ، أحتواء هذا التراث لصالحها ، لكن وحدة العمال (على قلة أعدادهم آنذاك) حالت دون تدخل الحكومات بشأنها الداخلي . إلا أنه بعد سقوط الدكتاتورية ، طمعت الأحزاب الإسلامية بتجيير ذلك التراث لصالحها ، وبدأت ببذل جهودا لمد جسورها الطائفية لإختراق المنظمات العمالية ، لكونها تدرك أن العمال يشكلون أغلبية فقراء الشعب الذين يعرضون قوة عملهم في المسطبات منذ الصباح الباكر لأجل العمل (مهما كان نوعه) دون أن يجدوه ، ذلك لأن البطالة في العراق تفوق التصور ، بسبب إنعدام التنمية والبناء وتوقف عملية التغيير والإصلاح التي وُعد بها الشعب طيلة 16 عاما لإنهماك الأغلبية العظمى من المتربعين على مواقع القرار في كبفية تقاسم ثروات البلاد وبكيفية التسابق على إحتكار كل شيء لصالح أحزابهم المتحاصصة ، بما في ذلك تسيير نشاطات المنظمات المدنية بما ينسجم واهدافها الطائفية ، لذا فكل القوى المدنية والديمقراطية والوطنية التي تريد خيرا لشعبنا ، مدعوة لدعم وإنسناد نشاطات النقابات العمالية ، سيما وهي تواجه سياسات إجتماعية – إقتصادية معقدة ، حيث تسعى إلى عمل كل ما من شأنه تقريب الساعة التي تستطيع أن تحلها وتحقق وجدتها التي شتتها الحكومات المتعاقبة ، فقد حُرم ممثلوها من المشاركة في النشاطات السياسية ، وتم عزلها أو أخماد حراكها حتى لا تقلق القوى المستغلة الصاعدة من بين أوساط أحزاب الإسلام السياسي ، بإمتلاك وسائل الإنتاج وإجراءات الخصصة ليتم لها السيطرة الكاملة على مواصلة الإستغلال الطبقى للعمال . إن التصدي لذلك يتطلب توسيع وتنامي حراك العمال في مختلف القطاعات الصناعية ، وتعبأءة صفوفها وتعزيز صلاتها بالحركات الشعبية ، في إضرابات مطلبية لإنتزاع حقوقها المغتصبة وهي بهذا لن تفقد سوى قيودها

يبدو أن الأحزاب المتحاصصة لن تترك الطبقة العاملة وشانها ، لإدراكها بأنها الصخرة القوية التي بامكان الأحزاب الوطنية الاستناد عليها عند المحن , وليس امامها الا مواصلة التصدي وعدم التراخي امام من يخطط لشق وحدتها الطبقية ، وستستمر في حراكهم , حتى يُستجاب لمطاليبها التي ليست خيالية ولا مستحيلة , وهي لا تتعدى العمل ثماني ساعات وراحة ثماني ساعات وتعليم واستجمام ثماني ساعات كما قالها العمال قبل 150 عام

واليوم إذ يحتفل عمال العالم بعيدهم ليدللوا على أنهم أضحوا أقوى واكثر تصميما على إلغاء استغلال الإنسان لأخية الإنسان . ومع هذا لم ينسوا أخوتهم في بقية بقاع العالم وهي تناضل ضد سيادة العولمة وإقتصاد السوق … وهنا في بودابست تحول إحتفالها الى التضامن مع شعب فنزويلا الذي أزعج الراسمالية العالمية وخصوصا الأمريكية سيطرة طبقته العاملة على مقاليد الحكم ديمقراطيا ، فإنتصار العمال في اي بقعة من العالم يضرب مصالحها بالصميم لذا تعمل مع حلفاءها على وضع العصا في دولاب مسارها الوطني ،وهي لن تبخل عليها بإغداق ما تحتاجه من موارد مالية ولوجستية لها للنهوض بمهامه وعند فشلها في ذلك تعمد لإحداث إنقلابات عسكرية كما حصل في العراق عام 1958 بينما فشل إنقلابها الرجعي في فينزولا هذا الإسبوع

ومع هذا يبقى البعض على توهمه من المنظرين والساسة , والمرتدين من الحركات اليسارية ,التي ترتدي اللون الأحمر لتعبر عن يساريتها ، إن المستقبل هو لنظام السوق والعولمة , وكأنهم يريدون بذلك ان يضعوا نهاية لحركة المجتمعات البشرية , غير آخذين بنظر اﻷعتبار الدور المتنامي للطبقة العاملة على صعيد حركة التطور الاجتماعي الذي شمل بقاع العالم , حيث عكست المسيرات الاحتفالية بالعيد الاول من آيار , عيد الطبقة العاملة التي شهدتها شوارع المدن في بقاع المعمورة وبمشاركة قطاعات واسعة من المواطنين , مما أكد حقيقة ان الطبقة العاملة تعود لمواقعها أكثر قوة وأكثر شبابا , وأكثر صفاء لنبض العصر , لتحتل مواقعها ضمن الادوات التي صنعت وتصنع التاريخ تبعا لظروف بلدانها ، فليرتفع صوتنا عاليا بوجه من يقف حجر عثرة في وحدة الطبقة العاملة العراقية ، بأن يرفعوا أيدهم عن تلويث تاريخها النضالي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here