تتمر منطقة الشرق الاوسط اليوم بمرحلة خطرة جراء الخلاف الامريكي الايراني والذي نجم عنه قيام الولايات المتحدة الامريكية بارسال حاملات الطائرات وقطع بحرية متنوعة الى البحر الابيض المتوسط والبحر الاحمر وارسال القاذفات الاستراتيجية (بي 42 ) الى الشرق الاوسط ، وتاتي هذه الاجراءات التصعيدية لإجبار ايران على الموافقة على تعديل الاتفاق النووي الذي ابرمته ادارة اوباما مع ايران بحجة ان الاتفاق مجحف بالمصالح الامريكية فيما يتعلق باسرائيل ، وكانت الدول الاوربية التي وقعت على البيان (المانيا ،فرنسا ,انكلترا ، روسيا +الولايات المتحدة الامريكية والصين ) في لوزان في سويسرا بعد مفاوضات ماراتونية استمرت 18 شهرا في كل من جنيف، فيينا، نيويورك ولوزان نفسها، ينص على رفع العقوبات الأميركية والأوروبية بمجرد تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن إيران تحترم التزاماتها. ويعتبر الاتفاق الإطار اختراقا مهما في أزمة استمرت 12 عاما حول برنامج إيران النووي، وقد اتُفق على رفع عقوبات الأمم المتحدة بمجرد احترام إيران لكل النقاط الأساسية في الاتفاق، كما ينص الاتفاق على إمكانية إعادة العمل بها في حال عدم تطبيقه.
وبعد انسحاب ترمب من الاتفاق وقيامه باصدار جملة من العقوبات على ايران بهدف اجبارها على اعادة التفاوض ،فقد لجأت ايران للضغط على الدول الاوربية لتنفيذ التزامها وعدم التقيد بالامر الامريكي ، ولهذا أكد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لأعضاء الاتفاق النووي الباقين، تقليص التعهدات النووية الإيرانية “اعتباراً من اليوم (الأربعاء)”. وبحسب القرار، فإنّه في المرحلة الأولى لا ترى إيران لزاماً عليها الالتزام بالقيود المتعلقة باحتياطي اليورانيوم المخصب والمياه الثقيلة.
وأعطى المجلس 60 يوماً لأعضاء الاتفاق النووي لتنفيذ تعهداتهم في المجالات المصرفية والنفطية، وهما القطاعان المعزولان بفعل العقوبات الأميركية، معلناً أنّه في حال تمت تلبية مطالب إيران، فستستأنف طهران تنفيذ تعهداتها المتوقفة.
وكان الرد الرسمي للدول الاوربية والاتحاد الاوربي اعتبار ان المهلة تعني تخلي ايران عن التزاماتها من جهة وهو ايضا ابتزاز مرفوض من جهة ثانية,
وفي الحقيقة فان الدول الاوربية في ورطة حقيقية فهي غير قادرة على الخروج على الامر الامريكي وتنفيذ تعهداتها ،كما انها تدرك ماذا تعنية الحرب في الشرق الاوسط التي ستتسبب في :
1-موجات هائلة من اللاجئين الى اوربا المنهكة من اعداهم الحالية وما يمثلوه كعبء باهض الكلفة على الاقتصاد سيما وايران تستضيف اكثر من مليون لاجئ
افغاني
2-ان حربا في الشرق الاوسط وبالمقدمات التي تنفذها القوت الامريكية والتي ستقتصر على القصف الجوي من البحر ومن القاذفات الاستراتيجية دون اقتحام القوات البرية ،سيوأدي الى رد ايراني يطال الدول الخليجية من حلفاء امريكا ،وهذا يعني مخاطر لا حد لها على تدفق النفط والغاز الى العالم بنسبة قد تصل الى 70%
3-هددت ايران بغلق مضيق هرمز ، والمعروف ان غلق المضيق في قدرة ايران كما يقرر الخبراء ، والخليج الذي بعرض حوالي 50 ميلا بحريا ،الصالح منه للملاحة البحرية هو ميلان بحريان .
يرى البروفسور الأميركي روكفورد ويتز، أن الجيش الإيراني لا يحتاج إلى قدرات عسكرية خارقة لإغلاق الممر، إذ من الممكن أن يضرب السفن التجارية بالصواريخ أو استخدام القوارب البحرية أو الغواصات أو حتى الألغام البحرية. وبالتالي يمكن تعطيل الحركة الملاحية وإحداث أضرار بالغة بالحركة التجارية أو حتى توقفها تماماً لفترة.
ويقول البروفسور ويتز الخبير في الممرات المائية، في دراسة رصينة ، نشر مقتطفات منها موقع “ذا كونفرسيشن” الأكاديمي،(( سترتفع أسعار التأمين على السفن والشحنات التجارية التي تمر عبر المضيق بمعدلات جنونية، ربما تجبر العديد من الشركات العالمية على تعليق مرور سفنها وحمولاتها التجارية عبر المضيق)).
وهكذا فان الدول الاوربية في ورطة كبيرة ربما خفف منها اعلان ترمب اليوم (09 -05-2019 )انه لايفكر بايذاء ايران ولكنه سيزيد الضغط عليها !!!!
ذياب فهد الطائي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط