من وراء التطرف المتدينون أم المدنيون

المعروف جيدا ان الانسان لايخلق قيمه وعاداته ومعتقداته ومقدساته وانما الظروف التي تحيط بالانسان والواقع الذي يعيشه هي التي تحدد قيم الانسان وعاداته وتقاليده ومعتقداته ومقدساته وهذه حقيقة يجب الاقرار بها والانطلاق منها وعدم تجاوزها او القفز عليها

فعادات وتقاليد وقيم الانسان في الصحراء غيرها في الريف غيرها في الجبل وغيرها في الاهوار والانهار

وهذه العادات والتقاليد والمعتقدات تتوارث من جيل الى جيل حتى تصبح من المقدسات التي لا يجوز المساس بها ولن يسمح لاحد المساس بها وهكذا اصبحت لكل مجموعة بشرية قيم وعادت وتقاليد ومعتقدات ومقدسات خاصة بها وتتطور وتتجدد تبعا لتطور وتجدد الظروف والواقع

فهناك اكثر من اربعة آلاف دين وضعف هذا العدد معتقد واكثر من ذلك قيم وتقاليد في تناول الطعام في اللباس في التعامل مع الناس في الصلح والخلاف في امور الحياة المختلفة خاصة وان الانسان في بداية وجوده عاش على شكل مجموعات صغيرة جدا ربما اقتصرت على رجل وامرأة وبعض الاولاد ومن الطبيعي تكونت لكل مجموعة قيم عادات خاصة سميت دين اعتقاد قيم اخلاق عادات تقاليد نتيجة للظروف التي تعيشها والعقلية البسيطة جدا والبدائية التي تتمتع بها وبمرور الزمن وتطور الواقع وتطور عقل الانسان في هذه المجموعات اخذت هذه القيم وهذه الاعتقادات في التطور حتى وصلنا الى هذه المرحلة وهذا التطور والتجدد مستمر الى ما لا نهاية وبدون اي توقف

لو امعنا النظر في نمو وتطور الحياة لاتضح لنا انها في نمو وتطور لايمكن لا ي قوة مهما كانت وقف هذا التطور او التقليل من سرعته او الزيادة في سرعته كما ان هذا التطور وهذا التجديد لا يتوقف على رغبة هذه المجموعة وهذا الشخص ولا لعدم رغبة هذه المجموعة او هذا الشخص بل ان تطور الحياة وتجددها امر حتمي لكن يمكن لهذا الشخص لهذه المجموعة التي ترغب بتطور وتجديد الحياة اذا كانت فاهمة وعالمة بما يحدث من تطور وتجديد ان ترعى هذا التطور والتجديد وكيفية حماية هذا التطور والتجديد لهذا يتطلب دراسة الواقع دراسة عميقة لمعرفة نقاطه المضيئة ومعرفة ايجابياته والانطلاق منها والحذر من الاصطدام مع الواقع مع الشكل العام للواقع

كما يتضح لنا ان الحياة في نموها وتطورها لا تختلف عن نمو الانسان الفرد وتطوره فكما الانسان الفرد ينموا ويتطور ويتجدد في عقله في جسمه في شكله بدون اي تدخل اي تأثير لأي شخص حتى للانسان نفسه نعم يمكن رعايته الاهتمام به مساعدته في خلق انسان مستقيم نافع ومفيد او بالعكس من الممكن فهم مرحلة نمو الانسان والتعايش معها وتهيئته للمرحلة القادمة اما اذا فرضنا عليه قيم مرحلة ارقى من مرحلته لا شك اننا دفعنا هذا الشخص الى الضياع والتمرد

لهذا على القوى المحبة للحياة والانسان ان تتعامل مع الجتمع كما تتعامل مع الفرد ان تنزل الى مستوى المجتمع وتدرس ذلك المستوى وتنطلق من ذلك المستوى اي تتعامل معه من ذلك المستوى

ولو دققنا في تاريخ البشرية وما فيه من عنف وفساد نتيجة لفرض الحاكم الواحد الرأي الواحد وهذا هو سبب مأساة البشرية ربما فرض الرأي الواحد والحاكم الواحد املته ظروف الواقع المتخلف فخلق عثرات وعراقيل ومصاعب حالة دون تحقيق التعددية الفكرية

لكن فرض الرأي الواحد والحاكم الواحد الحزب الواحد في عصرنا خاصة في عصرنا الذي يمكن ان نسميه عصر الحرية الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية يعتبر جريمة كبرى بحق الحياة والانسانية لهذا على كل القوى الحرة الوطنية المحبة للحياة والانسان وفي المقدمة المجموعات التي ترفع شعار بناء الدولة المدنية والدولة المدنية قاعدتها اسسها التعددية الفكرية والسياسية والا لا يمكن بناء الدولة المدنية بفرض الرأي الواحد والحاكم الواحد والاتجاه الواحد وهذا يعني على القوى المدنية ان تكون اكثر احتراما لكل الاراء والمعتقدات ورفض الاساءة اليها وان تكون أكثر انفتاحا وان تكون المبادرة الى التقارب والتحالف مع القوى الاخرى وان تأخذ على عاتقها تهيئة المواطنين للديمقراطية ورفع مستوهم الى مستوى الديمقراطية

لهذا على دعاة الديمقراطية الذين يرغبون في بناء الدولة المدنية التعددية الفكرية والسياسية ان يوحدوا انفسهم في تيار واحد يمثل كل العراقيين بكل اطيافهم واعراقهم والوانهم وكل محافظاتهم ويضعوا خطة واحدة يتحركوا بموجبها ويكون هدفهم الاول والوحيد هو بناء عراق ديمقراطي تعددي وحكومة مدنية

فالديمقراطية تحتاج الى ممارسة كالسباحة الى وقت وعلى دعاة و انصار المدنية ان يكونوا في مقدمة المتمسكين بالديمقراطية

ان يحترموا ويقدسوا الدستور والمؤسسات الدستورية ويحرموا التجاوز عليها مهما كانت الظروف ويعتبر التجاوز

جريمة كبرى وخيانة عظمى في حق الشعب والوطن واحترام ارادة الشعب فانها الوسيلة الوحيدة لتهيئة الشعب ورفع مستواه

للأسف هذا لم ولن نجده لدى الكثيرمن دعاة المدنية وانصارها بل نرى خلاف ذلك فهم اكثر تمسكا بآرائهم وافكارهم من دعاة التدين واكثر اساءة لأراء ومعتقدات المتدينين وهذا ما يدفع بعض المتدينين الى التزمت والرد العنيف

من هذا يمكننا ان نقول ان بعض دعاة المدنية وراء ما يحدث من عنف وتطرف

مهدي المولى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here