الدِّرَامَا العِرَاقِيَّةُ بَيْنَ الوَاقِعِ وَالمُبَالَغَةِ وَالتَّشْوِيهِ…

بقلم… حبيب حياوي مراد

لِأَشُكَّ أَنَّ كُلَّ المُجْتَمَعَاتِ تَتَشَابَهُ مِنْ حَيْثُ وُجُودِ الفَضِيلَةِ وَالرَّذِيلَةِ وَالخَيْرِ وَالشَّرِّ وَمَا هُوَ صَالِحٌ وَمَا هُوَ طَالِحٌ مَعَ تَفَاوُتِ الفَوَارِقِ النِّسْبِيَّةِ مِنْ حَيْثُ طَبِيعَةِ المُجْتَمَعَاتِ وَعَادَاتِهَا وَتَقَالِيدِهَا. عِلَاوَةً عَلَى أَنَّ جَمِيعَ المُجْتَمَعَاتِ تَرَكَّزَ عَلَى الجَوَانِبِ المُشْرِقَةُ وَجَوَانِبِ الخَيْرِ وَالفَضِيلَةِ فِي كُلِّ مُنَاسِبَةً لِكَيْ تَظْهَرُ لِلآخَرِينَ فَضَائِلُ مُجْتَمَعَاتِهَا وَقِيَمَهُ الجَمِيلَةُ ناهيكم عَنْ أَسَالِيبِ التَّجْمِيلِ وَإِظْهَارٍ القَبِيحُ بِصُورَةِ الحُسْنِ, مِنْ هُنَا وَمِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ يُكَوِّنُ البَنَّاءَ القصصي والدارمي لِتِلْكَ المُجْتَمَعَاتِ لِتَبْعَثَ بِرِسَالَةٍ إِلَى الآخَرِينَ مفادها (هَذَا هُوَ مُجْتَمَعِنَا الجَمِيلُ المُتَكَامِلُ) وَنَحْنُ نَتَلَقَّى هَذِهِ الصُّورَةَ وَنَتَفَاعَلُ مَعَهَا متناسين أَنَّهُ لاَبُدَّ مِنْ وُجُودِ القُبْحِ أَمَامَ الجَمَالِ فِي أَيِّ مُجْتَمَعٍ مَهْمَا كَانَ وَلَوْ بِنِسَبٍ مُتَفَاوِتَةٍ. غَيْرَ أَنَّ الغَرِيبَ وَالمُسْتَغْرِبُ أَنَّ تَبَنِّيَ مُسَلْسَلَاتٍ تِلِفِزْيُونِيَّةٍ عِرَاقِيَّةٍ عَلَى إِظْهَارِ جَانِبِ القُبْحِ فِي المُجْتَمَعِ العِرَاقِيِّ! نَعَمْ جَانِبْ القُبْحَ وَالرَّذِيلَةَ فَقَطْ, وَيَكُونُ هَذَا البِنَاءُ الدِّرَامِيُّ بِعِينٍ عَوْرَاءَ نَاظِرَةً إِلَى كُلِّ فَاسِدٍ وَقَبِيح مَهْمَا كَانَتْ نَسَبَتْهُ فِي مُجْتَمَعِنَا لِتَرُصَّهَا إِلَى بَعْضِهَا البَعْضُ حَيْثُ لَا مَكَانَ لِفَضِيلَةَ, وَكُلِّ هَذَا تَحْتَ عُنْوَانٍ الوَاقِعُ المُعَاشُ?. إِنْ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الطَّرْحِ الإِعْلَامِيُّ القَاصِرُ وَرُبَّمَا المُوَجَّهَ وَالمُغْرِضُ إِنَّمَا هُوَ إِسَاءَةٌ وَهَكَذَا فَرَوْعٌ مِنْ الإِعْلَامِ هَدَفُهَا الحَقِيقَةُ. فَأَيْنَ الحَقِيقَةُ وَمَنْ يَقِفُ خَلْفَ كُلٍّ هَذَا وَلِمَاذَا هَذَا التَّشْوِيهُ وَالإِسَاءَةُ وَالإِجْحَافُ بِحَقٍّ الخَيْرُ وَالفَضِيلَةُ الَّتِي غَيْبُهَا بَعْضُ أَرْبَابُ الدِّرَامَا؟!.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here