شتم كل من صدام حسين وجلال الطالباني و.. الإمام الكاظم !..

بقلم مهدي قاسم

لا أظن أنه توجد مادة أو بند في دساتير أو قوانين أي بلد
يقوم نظامه السياسي على أسس ديموقراطية صحيحة ذات وجه إنساني يعاقب المواطن لأنه سب أو شتم أحدا من بشر سواء سواءكانوا مسؤولين كبارا أو” مقدسين أطهارا “، ما عدا في ظل النظام السابق حيث عوقب أناس عديدون لأنهم شتموا الدكتاتور البائد أو انتقدوا سياسته الرعناء فعوقبوا
بشدة و قسوة وصل لحد عقوبة الإعدام في بعض الأحيان ، فضلا عن عقوبات جدع و بتر وإحداث تشوهات آخرى في أجساد الضحايا ، ولم تثر تلك العقوبات استغراب أحد في العراق لكونها كانت امتدادا طبيعيا وعاديا لممارسات و نهج النظام الصدامي الدموي ، بل ركنا أساسيا من وجوده البعثي
القمعي ، و القائم على أساليب الشدة والصرامة والغلاظة المصحوبة بأعمال متجسدة بأجواء من ترهيب و ترويع دائمين ..

فكان من المفروض أن تنتهي وتُلغى تلك العقوبات الوحشية
سوية مع أو بعد سقوط النظام الديكتاتوري السابق ، أو على الأقل هكذا اعتقدنا وتصورنا ، غير أنه فاتنا في الوقت نفسه أن نستدرك أن الأحزاب الشمولية ، سواء كانت علمانية أو دينية و التي هي أصلا ذات أيديولوجيات وعقائد قمعية و إقصائية ، تبقى في طبيعتها التعسفية هي
هي ، فلا يوجد فارق كبير بين هذا الحزب الشمولي و الإلغائي أو بين ذاك اللهم إلا بالمسميات الرنانة والطنانة ..

كل هذه الأمور قد خطرت على بالي وأنا أقرأ خبر إعلان شرطة
النجف عن ” ( الحكم الصادر هذا اليوم بحق المدان علي سرور الملقب
بعلوش جرمانة الصادر من محكمة جنح النجف بالسجن ثلاث سنوات هو عن قضية سب الإمام الكاظم فقط”.*) فاستغربت أن يحكم على مواطن كل هذا الحكم الشديد لأنه سب الإمام الكاظم ( طبعا مع رفضنا واستهجاننا لأسلوب الشتم هذا بحق رجل متوفي) ، غير أن يُحكم عليه بعقوبة حبس لمدة
ثلاث سنوات فهذا لعمري عقوبة حكم قاس جدا تُحاذي تلك العقوبات الجائرة التي أصدرها الطاغية البائد حسب مزاجه و لغرض بث أجواء من رعب وفزع بين الناس ، لكي لا ينتقدوا نظام حكمه الديكتاتوري الجائر أو شخصيته النرجسية المضحكة..

أما أن يُحكم على مواطنين عراقيين الآن بنفس حكم مماثل أو مشابه لقوانين
الطاغية البائد ، ولنفس الأسباب ، فمعنى ذلك عبثا سقط ذلك النظام القمعي وانقرض ، فبديله قد يكون أسوأ و أخطر تحت ستار زائف من حرية تفكير وتعبير و رأي ..

وهنا و ضمن هذا السياق أود أن أروي طرافة قالها لي أحد أصدقائي الكورد
عن حكمة الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني الذي زار أحد مراكز التوقيف في الإقليم فكان يسأل الموقوفين عن أسباب وجودهم في الحبس والدوافع المؤدية إلى ذلك ، فوقف أمام زنازانة أحدهم وسأله :

ــ و أنت ؟ .. ماذا فعلت حتى أصبحتَ في هذه الزنزانة ؟

أجاب بخجل :

ــ شتمتك .

ــ كيف شتمتني .

ــ قلتُ كو… أمك !

فرد عليه الرئيس الراحل :

ــ طيب أنت كو.. .أمك .. مرة ثانية لا تسبني ! .. يلا روح للبيت عند
أهلك !..

ثم أمر بالإفراج عنه ! .. ..

فهذا هو فرق بين مسؤول متسامح و صاحب حكمة ومرونة وبين مسؤول ذات روح
انتقامية باطشة ومدمرة لا تقل كثيرا عن روح صدامية دموية ..

هامش ذات صلة :

*(
شرطة النجف: علوش جرمانه ينتظره حكم اخر وفق المادة الرابعة ارهاب

اعلنت شرطة محافظة النجف يوم الاحد ان المدان علي سرور شاتم الامام الكاظم
لديه قضية اخرى وفق المادة الرابعة ارهاب.

واوضح بيان الشرطة اليوم ان “الحكم الصادر هذا اليوم بحق المدان علي
سرور الملقب بعلوش جرمانة الصادر من محكمة جنح النجف بالسجن ثلاث سنوات هو عن قضية سب الإمام الكاظم فقط”.

واضاف البيان ان سرور “لديه قضية أخرى وفق المادة ٤ ارهاب مع متهمين
ثلاثة اخرين سوف يقدم للمحاكمة عليها حال الانتهاء من التحقيق فيها”.

وكانت محكمة جنح النجف اصدرت في وقت سابق من اليوم حكما بالسجن الشديد
3 سنوات بحق المدان سرور في قضية سبه للأمام موسى بن جعفر الكاظم في ليلة احياء ذكرى وفاته ببث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي ــ نقلا عن صوت العراق ) .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here