«مفاقس» الدواعش قد تعود.. تحذيرات من إعادة «أكاديمية التطرف» في السجون العراقية

«مفاقس» الدواعش قد تعود.. تحذيرات من إعادة «أكاديمية التطرف» في السجون العراقية

وتقول السلطات العراقية إنها نفذت نحو 700 حكم بالإعدام بحق عناصر وقادة من داعش، فيما بلغ عدد الموقوفين قيد التحقيق نحو ثلاثة آلاف، وهناك 5 آلاف مشتبه بهم ونحو 19 ألف مطلوب، يحتجز أغلبهم في سجن التجاجي ببغداد، وسجن الحوت في مدينة الناصرية.

السجون في العراق .. «مفرخة للإرهابيين»

ومنذ تغيير نظام صدام حسين عام 2003 مثلت السجون العراقية مدرسة للتطرف وتفريخ «الإرهابيين» ولم يكن سجن بوكا وحده في العراق من تولى مهمة تجنيد هؤلاء، فسجن أبي غريب كان «أكاديمية إرهاب أخرى» وعملية الفرار الكبير والمتزامن من سجني أبي غريب والتاجي، توحي بأن السجون العراقية بين العامين 2003 و2013 مكان نموذجي لبناء التنظيم.

ومع اجتياج تنظيم داعش عدة مدن عراقية ألقت القوات الأمنية وقوات البيشمركة على عدد كبير من عناصر داعش، إذ اعترف أغلبهم بتجنيدهم داخل السجون العراقية، التي تعرفوا من خلالها على إرهابيين كبار، تم التواصل معهم لاحقًا والانضمام إلى تنظيمات القاعدة 2006 – 2008 أو تنظيم داعش 2012- 2017.

ويروى اسماعيل العيثاوي وهو مسؤول ديوان التعليم في تنظيم داعش وقبل ذلك أستاذ مادة الفقه في جامعة بغداد، قصة انضمامه إلى صفوف التنظيم، فيقول إن «الاتجاه الديني العام في العراق قبل عام 2003، كان الاتجاه الصوفي، ولم تكن هناك تيارات فكرية واضحة، وفجأة بعد عام 2003، ظهر التيار السلفي الجهادي».

ويضيف العيثاوي في حديث لوكالة فرانس برس نشرته مؤخرًا، أن «سجن بوكا كان أهم مصدر لهذا الفكر، هناك التقيت أبو بكر البغدادي، والسعودي تركي بن علي، والبحريني أبا بكر القحطاني، وهما أكثر من أثّر بي».

ومع تكشف الصفقة التي أبرمها العراق مع دول غربية بشأن محاكمة مواطنيها المنتمين إلى داعش مقابل ملياري دولار، تبرز المخاوف من اكتظاظ السجون في العراق، وتأثر هؤلاء العناصر الذين لم يحاكموا لغاية الآن بأفكار القيادات الكبيرة لداعش مثل العيثاوي، ما يشكل خطرًا جديدًا يواجه العراق بشكل عام وبلدانهم بشكل خاص.

ويقول رجل الدين الشيخ فاضل المعماري إن «تلك القيادات القابعة في السجون حاليًا تلقت سابقًا العلوم الشرعية الدينية في السجون أو الكليات والمعاهد، وأصبحت متخصصة في مسألة إثبات صحة منهج تنظيم داعش، إذ يعتمدون في مناقشاتهم على الآيات القرآنية التي يلوون نصوصها، وتفسيراتها ويمنحونها تفسيرات أخرى متشددة، توافق أهواءهم وتوهم المقابل بأن حديثهم هو الشريعة الإسلامية».

وأضاف المعماري في حديث  أن «ما يزيد المخاطر هو ضعف الفهم الديني للمحتجزين من غير القيادات، وعدم فهمهم تعاليم الدين الإسلامي بشكل صحيح، ما يجعلهم عرضة لغسيل الدماغ، أو تغيير الأفكار وفق توجهات قيادات داعش المتشددة، ما يحتم على الحكومة إجراء تغييرات سريعة وعزل تلك القيادات عن باقي المعتقلين، الذي ربما سيتم الإفراج عنهم مستقبلًا».

نتيجة بحث الصور عن داعش معتقل العراق

العزل الجغرافي والاجتماعي

ولغاية الآن بدت معالجات الحكومة العراقية غير واقعية لاحتواء هذا الملف الحسّاس، والتعاطي معه بجدية، خاصة وأنه ينطوي على مخاطر كبيرة، ويؤسس لمرحلة مقبلة، قد تنفجر فيها تلك القنابل الموقوتة، التي تتكون من شباب يافعين ترعرعوا في بيئة المخيمات وكانو عرضة للاستغلال والنقمة على الوضع السائد.

وما زالت الحكومة تتجه نحو فكرة العزل الجغرافي والاجتماعي، بالرغم من أن تلك الأفكار كانت النواة الأولى التي تشكل فيها تنظيم داعش، والتي تصل تقديرات أعداد أفرادها  إلى 218 ألف عراقي معظمهم من الأطفال والنساء.

وغالبا ما كانت السجون مرتعًا للفكر الجهادي، وبرز اسم زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي من سجن بوكا الذي أنشأه الأميركيون بعد اجتياحهم للعراق في 2003، جنوبي البلاد، وتمّ إغلاقه في 2009.

وتقول منظمة ‹هيومن رايتس ووتش› في تقرير: «الزنازين في العراق مكتظة بشكل كبير، وثقنا أشخاصًا ماتوا خلال الاعتقال، ليس بسبب التعذيب فقط، ولكن لأن السجون مزدحمة للغاية، وبالتالي، فإن السجون التي يتم استخدامها ليست كافية بالتأكيد لاستقبال هذا العدد الإضافي المقدر بالآلاف».

أعداد المعتقلين تفوق طاقة السجون الاستيعابية

وتشير مصادر أمنية وسياسية عراقية إلى أن عدد معتقلي وزارة العدل فقط حاليًا يفوق الطاقة القصوى للسجون بمرة ونصف، وأن زنزانة بمساحة 20 مترًا يفترض أن تتسع لنحو 20 سجينًا، فيها الآن ما يقارب 50 سجينًا.

ويرى الخبير الأمني المعروف هشام الهاشمي إن «الاكتظاظ يصعّب على الجهات المعنية عملية العزل بحسب الجرائم المرتكبة، وهو ما يعني أن الخطر من تجنيد الإرهابيين سيرتفع».

ويضيف في تعليق  أن «السجون والزنازين بشكلها الحالي، تحولت إلى ما يشبه المدارس، في تغذية الأفكار المتطرفة، فإذا كان هناك قيادي أو أحد الملوثين بالأفكار المتطرفة فيمكن عندئذ أن يجند الجميع».

نتيجة بحث الصور عن داعش سجن العراق

وتحوّل سجن بوكا الشهير الذي كان على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود العراقية الكويتية، وكان يؤوي أكثر من 20 ألف معتقل، خصوصا من قادة حزب البعث السابق ومقاتلين سنة، إلى ما عرف بـ «جامعة الجهاد».

ووفقا لمصادر غربية، فإن هناك قلق كبير يتمثل في محاولات كسر السجن، أي تنفيذ هجمات تمهد لعمليات هروب، وهو ما سبق وحصل في العراق، خلال سنوات التمرد والعنف الطائفي الذي أعقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، حين تمكن المئات من مقاتلي تنظيم القاعدة حينها، وبينهم أجانب، من الفرار من السجن.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here