العراقي المظلوم ..بين فارس والروم !

احمد الحاج
عراقي مُهجَر أطرق رأسه قليلا داخل خيمته وفكر ، ترى ماذا لو غرد “ترامب ابو كذيلة “كعادته وتوتر، ونفذ وعيده بضرب ايران ولمزيد من الاوضاع المتوترة ..وتَر ، يسانده في ليبيا مدعوما بالسيسي ، عاشق الحروب حفتر ، ويناهضه في اليمن قائد قبلي بفمه مضغة قات وفي حزامه المتدلي تحت الكرش خنجر ، فيما يعارضه في العراق أو يقاتله بالنيابة قشمر ،أو كما قال المثل الشعبي ( يمشي على شوارب البزون، الفار لو يسكر !) في ايام السلم سارق لمقدرات الشعب العراقي بأمتياز وفي الحرب بالوكالة عن بعض الجيران ..عنتر ؟!
إنتبه الى نفسه فجأة ..نظر في بقايا مرآة محطمة معلقة على عمود خيمة – اليونامي – هي آخر ما تبقى من اثاث منزله الذي تفجر ، نظر الى شعره الاشيب ، الى ظهره المحني ، الى وجهه الشاحب الاصفر ..انتبه لحاله ..تذكر ..انه نازح عراقي هو من أفقر فقراء العالم كله ..افقر ، يعيش في الفيافي والقفار ليس لديه بعد اليوم في طول بلاده الغنية بالنفط وعرضها ما يخسر ..عاش الحصار الغاشم الذي فرضه الروم قبلا وكان على الخبز اليابس ينظر مليا ، يتحسر ، …عاش على اللالة والفانوس ردحا طويلا من عمره المغبر وواقعه الاغبر .. نذر اولاده الثلاثة بحرب الخليج الاولى ” محمد ، سالم ، حيدر ” ..اتبعهم بحرب الخليج الثانية فضحى بميثم وميسر ..تلاهم ليقدم قربانا أخيرا بحرب الخليج الثالثة فلذة كبده ، آخر العنقود – أنور – ..هلل ، حوقل ، استرجع ، كبَر ، نظر الى امه العجوز ..الى شقيقتيه الارملة والعانس ، الى زوجته الثكلى ..الى ابنتيه المطلقتين هاجر وأيسر ..الى ماض بائس كله بظل اصنام وطغاة كالدم أحمر.. الى واقع كل ما فيه سواد حالك وظلام دامس ، ﻻ اكثر …سأل نفسه حائرا يتندر ” علام يقاتل بالنيابة من سرق الفرس والروم على التوالي بلاده منذ سنحاريب ونبوخذ نصر ، قتلوا اولاده ، هربوا اثاره ، دمروا مساجده ، حوسموا مصانعه ، جرفوا مزارعه ، أحرقوا بساتينه ، عطلوا مؤسساته ، هجروا كفاءاته وعقوله وخبراته ، عاملوه كعبد يباع في سوق النخاسة ويشترى ، تارة لجوني الاميركي الاشقر ، واخرى للتاجر بهشتي الاسمر …علام يضحي بما تبقى من عمره وبلده لسواد عيني ” ابو ميلانيا ” وزوجها اليهودي جاريد كوشنر ، أو ﻷجل ضعيف اكبر …هل يسامح من لبلاده خرب ودمَر ؟ …من ﻷموال اعادة إعماره – لفط – وما عمَر ؟ …من لحقوله – شفط – ولعدادات النفط والغاز صفَر ؟ …من لشباب وطنه بالكرستال والترياق والهيرويين والكوكايين ..خدَر ، من لحياتهم كدَر، من بمعاداتهم وحرمانهم عن انيابه الصفراء كشَر؟ ..من لمدنهم كلها بالحواجز والاسلاك الشائكة والخنادق والصبات سَوَر؟ ..من لكل المواد الغذائية المسرطنة والادوية التالفة من خلال المنافذ الحدودية لقتلهم وسرطنتهم واغلاق مصانعهم وتدمير اقتصادهم ، هَرب وعبرَ؟ …من بكل الاحقاد والضغائن التأريخية اسفر ؟ …من بكل ما من شأنه تمزيق النسيج المجتمعي المتلاحم لحين دخولهما المشؤوم ، بشَر ؟ …ضحك النازح من شر البلية وكركر ، وعلى ماضاع من عمره نفث ما بصدره المتعب و تحسر ، على الملح والزاد الذي بمن احسن اليهم من العرب والجيران يوم كان عزيزا ما غزر ، على العمر الذي قضاه بـ ( تمام آغا ، صار مستر ) ، على حياته التي تبدأ بـ” فسنجون ايراني وتنتهي بنفكر جبس امريكي ووووبركر ” وآآآه يا أيام الدبس والراشي ، التمر البرحي ، الخضراوي ، الخستاوي ، وشمحلاها ايام المسكوف ، قيمر السدة ، الباقلاء بالدهن ، والتمن العنبر، ايام قالوا ” بس اليموت يخسر ” طلع اليعيش بذل الغريب هو ” العايش – الميت”، والخاسر الاخسر ، هذا ماجنته براقش على نفسها وقد وعد المنتقم الجبار كل من طغى وتجبر بالويل والثبور وبنصرة المظلوم ولو بعد حين ، وقد اعذر من انذر ..الزم خيمتك يانازح ، ليسعك بيتك المؤجر ياعاطل ، الزم بسطيتك ياكادح ، حر بدوائك يامريض ، انشغل بإمتحاناتك في مدرستك الطينية او الثلاثية والرباعية يامعلم ، ياطالب، قف بطابور انتظار الرزق الحلال بعرق الجبين ياعامل المصنع وياكادح المسطر ، ازرع ارضك التي ارادوا موتها يافلاح وكن مثابرا مثل جدك الاكبر ، كان يتحزم منجله مع صياح الديك ، وعن ساعد الجد مع بزوغ الفجر قد شمر، واذا ما جد الجد ، صاح غير هياب بوجه الغزاة ” الطوب احسن لو مكواري ” صيحة ريل على السكة بقهر ، وصرخة مظلوم ينشد الحق المضاع على المكير ، كيف لا وهذا العراق الشامخ الذي حار بعنفوانه التأريخ وتحير، بإنتظار صباح المنذرين بماذا سيسفر عن أحوال المتحاربين ، وبأي شيء سيأتيك النهار عن اخبارهما ويخبر ..هذا في حال كانت الحرب حقيقة لا مجرد لعبة لإبتزاز اثرياء الخليج وحلبهم …ولإستبعاد بقايا وطن ومواطن عراقي يقود شلع قلع – سايبا – مجرقعة ساخت ايران دفع ، بأربعة اطارات – ستوك – ركع – ، اليسارية منها كأحزاب اليسار – دلِع – واليمينية كلتاهما كتحالفات اليمين العراقي وتياراته ..بنجر ! اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here