لا حرب إن تحكّم العقلاء بالحمقى!

ساهر عريبي
[email protected]

خيّم شبح الحرب على منطقة الشرق الأوسط منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض عقوبات إقتصادية على ايران اعقبها بتعزيزه للتواجد العسكري الأمريكي في منطقة الخليج, مصحوبا بتصعيد في لهجة التهديد والوعيد التي اطلقها اركان إدارته ضد ايران ,متوعدين برد قاس في حال تعرض مصالح بلادهم في هذه المنطقة الحساسة من العالم الى الخطر.

الا أنه وبالرغم من هذه الأجواء المتوترة فلايبدو أن طرفي النزاع بصدد المبادرة لإطلاق شرارة حرب لا تعرف مدياتها وتداعياتها, فمن جانبها أعلنت ايران وعلى لسان عدد كبير من مسؤوليها أنها ليست بصدد الدخول في حرب , وكذلك أعلن الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته. لكن هذه التصريحات لم تهدئ من روع سكان المنطقة الذين يخشون من أن يشعل أحمق نار حرب لا تبقي ولا تذر.

فما اكثر الحمقى بين أطراف النزاع او في مناطق النزاع! فهناك من يقرع طبول الحرب لتحقيق أهداف معينة قد تكون عسكرية او إقتصادية أو تنفيسا لأحقاد أو لأسباب عقائدية! ولا شك أن قرع طبول الحرب التي لاتخلف سوى الدمار حماقة ما بعدها حماقة, ويمكن لمرور سريع على ما عانته البشرية من ويلات الحروب خلال القرن الماضي, أن يكون كافيا لمعرفة حجم المآسي التي تخلفها الحروب مقارنة بعظم المنافع التي يحققها السلام.

فعلى الصعيد الأمريكي فإن جناح الصقور الذي يقوده مستشار الأمن بولتون يدفع باتجاه الحرب على ايران منذ عقود, لكنه فشل في تأجيجها حتى أتيحت له اليوم فرصة ذهبية لذلك في عهد ادارة ترامب المتشددة, ومع تطرق الصحافة الأمريكية الى عدم التوافق بالرؤى بين الرئيس وبولتون حيال اعلان الحرب, فإن ترامب يبدو متحكما لحد الآن ببولتن وكما عبر عن ذلك وزير الخارجية الإيرانية الذي أكد ان ترامب لا يريد الحرب وان بولتون يدفعه نحوها.

واما على صعيد الأطراق الأخرى في المنطقة فما اكثر الحمقى وخاصة في دول الخليج التي تقرع بعضها طبول الحرب غير آبهة للآثار الكارثية على دولها وشعوبها التي لم تخض حروبا من قبل ولم تعاني من تداعيات الحروب من قتل وتجويع وتدمير, عدا شعب الكويت الذي ذاق مرارة الحرب, وهو مايفسر تحفظ حكومته على إندلاع أي نزاع عسكري. ولذا فإنه يقع على الكويت مسؤولية ضبط ايقاع الحمقى في منطقة الخليج الذي لا يتعظون من مغامراتهم الفاشله.

واما على الصعيد الإيراني فإن صوت الحكمة يعلو على اي صوت آخر فإن ايران لا تريد الحرب ولا تدفع باتجاهها, لكن المشكلة في بعض الجماعات المحسوبة على ايران في العراق والتي إزدادت لهجة خطابها حدة ضد الولايات المتحدة مطقلة شعارات اكبر بكثير من حجمها, فمثل هذه الجماعات التي تضم أفرادا غير منضبطين قد يشعلوا فتيل الحرب بعمل مثل استهداف السفارة الأمريكية في بغداد بقذيفة طائشة .

يضاف الى هؤلاء المتصيدون في الماء العكر ممن يريدون اشعال نار الحرب بهدف تدمير المنطقة أو لتحقيق أهدافا عقائدية تتمثل بتهيئة أسباب الظهور. واما التحكم بهؤلاء فمسؤولية الحكومة العراقية المدعوة اليوم الى تكثيف عملها الأمني والإستخباراتي لمنع تحويل العراق الى ساحة للمواجهة سيدفع ثمنها شعبه وكافة شعوب المنطقة. وهكذا يبدو أن شبح الحرب يلوح بالأفق بشكل جلي كلما تراخت قبضة العقلاء على الحمقى في كل الأطراف فيما سيتلاشى فيما لو أحكم العقلاء قبضتهم على الحمقى!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here