فنون العراق الجميلة، كانت بغداد في العصر العباسي متميزة بموقعها الفني !.

*
د. رضا العطار

تميزت بغداد بولعها الشديد بالفن وساعدت سعة ثرائها الى جانب رخاء الدولة العباسية واتساع نطاق تجارة المدن وموهبة العراقيين الفطرية في الموسيقى والتصوير والعمارة على جعل بغداد حضاريا اعظم بقاع الدنيا قاطبة، هذا ما تظهره لنا معالمنا التاريخية العريقة مثل كتاب (الاغاني) الضخم لابي الفرج الاصفهاني وكتاب (مروج الذهب) للمسعودي وكتاب (العقد الفريد) لابن عبد ربه و كتاب (الف ليلة وليلة) التي خلدت رقي بغداد الفني.

عاشت في بغداد مجموعة لامعة من المواهب الموسيقية التي اجتمعت في بلاط هارون الرشيد – – – ومن هؤلاء الفنانين كان حكم الوادي وابراهيم الموصلي وابن جامع ويحى المكي وزلزل ويزيد حوراء وفليح العوراء وعبد الله دحمان والزبير بن دحمان واسحاق الموصلي ومخارق وعلوية ومحمد الحارث وعبثر وعمرو العزال وابو صدقة وبرصوما ومحمد الدف – – – وكان ابن هارون المفضل ذو كنية ابا عيسى موسيقيا مجيدا وقد اشترك في الحفلات الموسيقية التي كانت تقام في البلاط العباسي.

ومن المؤكد ان الموسيقى قد حققت تقدما كبيرا في بغداد في العصر العباسي لعاملين اساسيين :
1 – التنوير الذي اشاعته الفرق الثقافية والذي جعل بغداد عالما موضوعيا من الاحداث والافعال يقع تحت الانظار.
2 – سيادة الثقافة العلمية الاغريقية على الحياة الدنيوية. فكان المسلك الديني قد حقق نزوعا اكثر تسامحا ازاء الموسيقى، علما ان رجال الدين كانت لهم سلطة غير قليلة في البلاط العباسي بل ان العباسيين قد اشركوه في امور السياسة العامة امعانا منهم في تخليص الموسيقى من القيود.

وفي العصر العباسي تمت ملامح المهارة النظرية في الموسيقى بتاثير التلاقح الذي جرى بين الافكار الموسيقية لشعوب الشرق الاخرى ولنشاط الفن الترجمي عن الشعوب اليونانية والرومية والهندية والفارسية، فتعرًف العراقيون على ذخائر من الكنوز الموسيقية عند نقلها الى اللغة العربية بفضل المترجمين العرب والسريان – – – وكان لأسحاق الموصلي بصفته، الموسيقي الاول في عصره فضل تحديد العلم الموسيقي المهمل منذ عهد يونس الكاتب في ايام الامويين.

يقول مؤلف كتاب الاغاني عن اسحاق الموصلي ( انه هو الذي صحح اجناس الغناء وطرائقه وميزه تمييزا لم يقدر عليه احد قبله ولا تعلق به احد بعده )
كما ويعتبر الخليل بن احمد ذلك العالم الجليل، اول من كتب الرسائل العلمية الحقة والمتبصرة في عالم الموسيقى في كتابه (النغم) و (الايقاع) الى جانب الكندي الفيلسوف الشهير فقد نسبت اليه المصادر التاريخية الموثقة ما لا يقل عن سبع رسائل، اعتبرت في عصرها والعصور التالية انها الرسائل التي توفرت فيها علوم النظرة الدقيقة والفاحصة لاثار فناني عصره، وكذلك كتب جامعو الاغاني من امثال يحيى المكي واحمد المكي وفليح العوراء واسحاق الموصلي كتبا قيمة في مجال الفن الغنائي، كما جمع اسحاق الموصلي سيرة ما يقارب من الاثني عشر موسيقيا بارزا. (

* مقتبس من كتاب حضارة العراق لعادل الهاشمي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here