ياطشار البرد

حسن الخفاجي
كانت والدتي يرحمها الله تحرص على جمع حبات البرد (الحالوب)، التي تتساقط من السماء مع زخات المطر في ايام الشتاء الباردة جدا، وتجمعها بإناء وبعد ذوبانها تحتفظ بها بزجاجة محكمة.
لان البرد المتساقط نادر، لذلك كنت ارى حرص والدتي الشديد على التقتير جدا باستخدام ماء البرد .
كانت تستخدمه كاستخدام قطرات المواد الكيمياوية المركزة التي تتم إذابتها بكميات كبيرة من الماء.
بعد اَي شجار عائلي حاد او اشتباكات بالأيدي تنشب في منطقة سكننا،تهرع الوالدة الى خزينها، تفتح البطل وتسكب القليل منه في إناء ماء وترشه على المتشاجرين وسط الصلوات على محمد وآلبيته،وهي تتوسط كل خصومة غير مبالية بالنتائج وصحن الفافون بيدها وهي تصيح: (يطشار البرد برد الشر).
بعد وفاة امي،افتقدت كثيرا دور البرد في الأزمات، لم آر احدا يحمل عمره على كفه ليوقف البغضاء والحقد ويطفئ نيران العداوات بماء الله .
النفط وتناسل الحروب والأزمات ادى الى تخصيص مخادع في قصور الحكام العرب والمسلمين ليتناسل بها ساسة لا دماء للعروبة والإسلام بعروقهم، يتباهون بحملهم لجينات ماما امريكا.
يتكاثرون كتكاثر البكتريا.
وسط هذا الجو المشحون بالعداء، وكلما احتدت واحتدمت اجواء الحروب، احن الى قنينة ماءالبرد وصحن الفافون وأتطلع الى كيس من القوم ،يحملها ليبرد بماء الله نار الشياطين.
لا دولة غير عمان ولا سلطان الا قابوس ولا وزير الا يوسف بن علوي يليق به هذا الدور.
كم تمنيت ان تورث امي قنينة البرد وصحن الفافون لسياسي عراقي يتوسط بين ايران وأمريكا في هذه الأزمة ،لانني اخشى على وطني، لانه سيكون الساحة الاولى لتلك الحرب لو اندلعت، لكن من ارتضى ان يكون قزما، لا يحترمه الكبار .
يذهب قابوس وبن علوي الى الشرق والغرب ليسوا سعاة بريد وحملة رسائل، وإنما يذهبون كوسطاء محترمين لهم دور فاعل بتبريد الأجواء الساخنة.
بن علوي اخذ معه الى ايران قنينة برد امي وصحن الفافون وحط بطهران، قبل توجهه الى ايران رش بالبرد الامريكان وتأكد من فعله، وذهب ليجد للازمة حلا.
كما كان للعمانيين بيتا نسجت فيه الخيوط الرئيسية لسجادة الاتفاق النووي الإيراني والدول الكبرى.
ابن علوي وزير خارجية عمان وليس إياد علاوي الذي ردد خلف الامريكان اتهاماتهم لغزة وصواريخها، يليق به دور الوسيط.لا يمكن ان يكونا وسيطا بين امريكا وإيران بوقا سعوديا او نايا قطريا او دفا تركيا.
الإيرانيون يعرفون علاقة قابوس والسلطنة الوطيدة جدا والتاريخية بإسرائيل ، مع ذلك قبلوه وسيطا بكل أزماتهم مع الغرب ونجح بوساطته لانهم براغماتيون.
امريكا وإيران يقبلون بوساطة من يحترمون أنفسهم ودولهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here