مكافحة التطرف العنيف للسلام العالمي

الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

جامعة عالية ،كولكاتا – الهند [email protected]

التطرف العنيف ظاهرة عالمية بطبيعتها تقوض الإنسانية المشتركة. وقد تضررت من التطرف العنيف مجتمعات مختلفة في حقب مختلفة ومناطق متباينة من العالم. فالتطرّف وهو وليد التعصّب إذا ما انتقل من التفكير إلى التدبير وأصبح سلوكاً سيتحوّل إلى عنف، والعنف حين يضرب عشوائياً ويستهدف خلق الرعب والفزع في المجتمع يستهدف إضعاف ثقة الناس بالدولة والقانون، وعندها يصير إرهاباً ممتداً على مساحة جغرافية واسعة من العالم.

يتنافى العنف والتطرف مع القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية بل مع أبسط مقومات المجتمعات المدنية والحضرية ويعد العائق الذي يحول دون التمتع بجوهر الحقوق والحريات، ومن شأنه أن يؤدي إلى أنماط متجددة من التفكك الاجتماعي والنزاعات وانعدام الاستقرار فلا يستقيم أمر الفرد أو المجتمع.

إن التطرف قد يتحول من مجرد فكر الى سلوك ظاهري او عمل سياسي يلجأ الى استخدام العنف وسيلة لترجمة افكاره التي يؤمن بها او اللجوء الى الإرهاب النفسي او المادي ضد كل من يقف عقبة في طريق تحقيق تلك المبادئ والأفكار التي ينادي بها، بأن التطرف يمثل الترجمة الواقعية لأوضاع

البؤس الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي ينخر في جسد المجتمع وهو بذلك نتاج لتلك الظروف الصعبة والازمات التي يمر بها المجتمع.

وكان ما أعقب ذلك من أعمال إرهابية اتخذ أشكالاً مختلفة ووسائل متنوّعة ، شملت العالم أجمع بما يلقي مسؤولية كبرى على الدول والمنظمات الدولية، ولاسيّما الأمم المتحدة لتعميم ثقافة السلام واللّاعنف، وتعزيز مستلزمات تعميق الوعي بأهميتها من خلال وسائل تربوية وتعليمية حديثة ومتطورة تسهم في تعزيز القيم الإنسانية.

لقد أصبح نبذ العنف وعلاج أسبابه في مقدمة الأولويات التي تفرضها ثقافة السلام، سواء كان ذلك على مستوى الجهود التي تبذلها الحكومات، أو على مستوى الجهود التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية. ولا يمكن اغفال الدور الفاعل الذي يقوم به الكتاب والمفكرين والباحثين لمعالجة هذا الموضوع من حيث تقديم نماذج عملية للشباب والأطفال للتأكيد على مغزى وأهمية التعايش والحوار والتفاهم والتسامح بين مختلف الطبقات والفئات في المجتمع بغض النظر عن أصولها العرقية أو المذهبية أو الثقافية أو السياسية.

إن مشكلة التطرف العنيف من اهم المشكلات ذات الاولوية التي نالت اهتمام الامم المتحدة والمجتمع الدولي لما لها من آثار على زعزعة الاستقرار في المجتمعات واحلال السلام بين الدول، والتطرف العنيف المؤدي الى الارهاب له اهمية كبيرة وطنيا واقليميا ودوليا، فان الحل الامثل لمعالجة ازمة التطرف والتخريب الفكري انما تكمن في التربية والوسائل التي تتبعها في بناء الشخصية المتوازنة وفي إقامة العلاقات الإنسانية على أساس راسخ من الوئام والتسامح والاحترام.

إن هناك ضرورة لإستراتيجية متكاملة لتقتلع أسباب التطرف العنيف وتقوض الأسس التي يقوم عليها وغرس ثقافة السلام والعيش المشترك الكريم و ذلك بتعزيز الطرق التقليدية في تسوية النزاعات وفتح قنوات جديدة للتفاهم من خلال الفنون والآداب، وتعزيز الحوار سواء على الصعيد المحلي أم على الصعيد الدولي.

إن الخطوة الأولى الرئيسية لمكافة التطرف هي تبادل الآراء والنقاش حول أبرز القضايا الإنسانية المشتركة خاصة تلك التي تتعلق بالتعايش وقبول الآخر ورفض العنف. وترسيخ ثقافة السلام. إن هناك ضرورة لإستراتيجية متكاملة لتقتلع أسباب التطرف العنيف وتقوض الأسس التي يقوم عليها وغرس ثقافة السلام والعيش المشترك الكريم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here