رواية ” كيف سقينا الفولاذ ” وهج مضيء في ذاكرة الأنسنة

عبدالجبارنوري

توطئة/ ” الحياة أعزُ شيء للأنسان ، أنّها توهب لهُ مرّة واحدة ، فيجب أن يعيشها عيشة لا يشعر معها بندم ومعاناة لسع الجلد الذاتي ، وندم مرعب على السنين التي عاشها ، ولا بلسعة العارعلى ماضٍ رذل تافه ، وليستطع أن يقول وهو يحتضر : كانت حياتي وكل قواي موهوبة لأروع شيء في العالم : النضال في سبيل تحرير الأنسان “—هذا ما قاله الروائي والكاتب (نيكولاي أوستروفيسكي ) وهو على فراش الموت بعمر مبكر وهو سعيد لا يشعر بندم ولسع الذات طالما هو شارك الجموع الغفيرة في تحقيق الأمنية الغالية ( النضال في سبيل تحرير الأنسان ).

في موسكو تجد متحف في وسط المدينة أسمهُ ” متحف نيكولاي أستروفيسكي ” وأن أول ما يلفت النظر في المتحف هو قول نيكولاي على لسان بطل الرواية الطفل ( بافل ) والذي نُقش على قاعدة تمثالهِ “تعلّمْ أن تعيش حتى ولو أصبحت حياتك لا تطاق ” ويأتي أليهِ طلاب المدارس والجامعات ليتعلموا الصبر والشجاعة والصمود ، رواية “كيف سقينا الفولاذ How The Steel Was Tempered “للروائي نيكولاي أستروفسكي 1904 -1936 الأوكراني الروسي ، كتابهُ هذا أصبح سلاحاً متعادلاً مع جميع أساليب الكفاح للحصول على الحرية ، وأصبح الكتاب فعلاً سلاحاً مؤثراً أيام الحرب ضد الفاشية حينها وضع الجيش الأحمر صور بافل وأسترفيسكي على دروعها في أقتحام الدبابات شوارع برلين الهتلرية ، ويقول حقًاً أننا سقينا الفولاذ بصمودنا الأسطوري ، وكذلك سارت مفاهيم الكتاب الكفاحية مع تقدم الجيش السوفييتي عام 42 لحماية سقوط مدينة الصمود ( لينينغراد )لسكانها 4-2 مليون نسمة لها الحق أن تفتخروتقول : حقاً أننا سقينا الفولاذ بصمودنا الأسطوري 872يوماً معاناة مرعبة في نقص الغذاء والدواء والوقود والحليب ل 400 ألف طفل ، والعامل الذي ساعد على الحفاظ على الأرواح من الموت الجماعي هو وجود بحيرة ( لادوغا ) في الحدود الجنوبية للمدينة الشريان الوحيد في توصيل بعض المؤن والذي أطلق عليه ( طريق الحياة ) ، والتأريخ يحكي لنا مأثرة أخرى للشعب السوفيتي في حرب الشتاء السوفييتي في تصدي الجيش الأحمر ببطولاتٍ خارقة لمعارك ضارية ضد الغزاة خلال شتاء قارص البرد من عدة جبهات مكللين العدو الشوفيني ألآلااف من القتلى وأضعاف الجرحى وأضعاف أضعاف أسرى محققين ذلك الأنتصار التأريخي ويبتسم حينها نيكولاي ويردد : — وسقينا الفولاذ .

الأفكار الرئيسة التي وردت في الرواية :

-البحث عن المثل العليا كفاتورة للمحن القاسية عبر التضحيات من أجل العدالة الأجتماعية وحرية الأنسان .

– قوّة لتحريك لروح الأرادة في الأنسان .

– من الأعمال الأدبية التي روجت لبناء الأشتراكية في الأتحاد السوفيتي ، حين أعطى نيكولاي دفعة عظيمة للأدب الأشتراكي والتي تتصف بالمدرسة لواقعية .

– تتميز أبواب الكتاب بالشكل والمضمون بأختلافٍ عن الأدب البورجوازي وحتى أدباء عصره من الأشتراكيين لكون روايتهُ ” كيف سقينا الفولاذ ” أحداثها تسير بعدة أتجاهات حيث تسير على أكثر من جبهة من النضال النقابي فالنضال

الفكري الأيديولوجي وثم إلى الحروب والقتال وفضح أعداء المسيرة السريين والعلنيين داخل السلطة السوفيتية والحزب ودول الجوار والعالم مثل بولندا وألمانيا .

– يطرح أفكار فلسفية في العديد من القضايا التي تهم الأنسان عموما والأشتراكية السوفيتية بشكل خاص .

– تفضح الرواية مستلبات الدكتاتورية القيصرية الأقطاعية والكنيسة ورهبانها .

– ويرسم خارطة النموذج الأشتراكي العلمي بهذه الركائز{ العمل الجماعي –العقيدة – الأخلاق – فلسفة العمل – فلسفة الحرب – الصراع الطبقي } .

– المزج بين الثورة والحب بعفوية مطلقة هو تجسيد وترجمة حرفية لتقديس الحياة والتضحية لديمومتها .

– بأعتقادي الرواية تحكي الكفاح المسلح أيام الثورة البلشفية كما هو واضح في الجزأ الأخير الثالث من الرواية .

– وينقلنا الكاتب إلى أوكرانيا عام 1918 وثم الحب الرومانسي الشفاف وسط نيران الحرب وإلى التفاني والأمومة ويسدل الستار بمأساة الفلاسفة(لحتمية الموت) .

– فكانت الرواية شهادة أبداعية عن معنى الحب والحرب والشجاعة والصبر والصمود والكفاح في سبيل الحياة الجديدة .

كلمتي الأخيرة ” أن نيكولاي أوستروفيسكي تقارب فلسفياً مع أرنست همنغواي في مفهوم البطولة والتضحية والشجاعة وحب الحياة فالأجراس تدق ( لبافل) بطل رواية كيف سقينا الفولاذ ، و(لروبرت جوردن ) بطل رواية لمن تدق الأجراس .

عبد الجبارنوري

في 26 مارس 2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here