الأنبار …( وسادة ) لكل العراقيين !

د . خالد القره غولي
لابد لنا من وقفة متأنية عما أُخفي بتعمد عن دور المحافظة الإنساني قبل كل شيء ثم العلمي والثروات الهائلة التي تمتلكها وهي تعادل الثروات المخزونة في منطقة الشرق الأوسط بلا أي مبالغة .. وللتذكير فقط لثروة إنسانية واجتماعية فاضت بها نفوس أهل الأنبار .. ففي عام 1974 هاجرت مئات العوائل الكردية من شمال العراق إلى محافظة ( الأنبار) نتيجة الأحداث العسكرية آنذاك وسكنت هذه العوائل في مدن الأنبار وسميت أحياء كاملة باسمها ( حي الأكراد ) في الرمادي والفلوجة وغيرها من مدن الأنبار واختلطوا وذابوا في النسيج الاجتماعي لهذه المحافظة .. وفي عام 1985 هاجرت أيضاً آلاف العوائل البصرية من البصرة بعد وصول مَدَيات المدفعية الإيرانية إلى داخل البيوت .. وهاهم أهلها يعيشون لحد الآن في الأنبار بعد أن تصاهروا مع أهلها وأصبحوا كتلةً موحدةً إسمها أهل العراق وهو كنزٌ إنساني عظيم يختزنه أهل الأنبار في قلوبهم لكل أهل العراق .. والذي يسمع عن الأنبار يختلف تماماً عمن يزورها .. بل أنَّ معظم أبناء عمومتي في الأنبار لا يعرفون ما تحويه محافظتهم من كنوزٍ وثرواتٍ لو حُسبت جيداً وتمَّ استثمارها أو إعادة الحياة لها بجدية وعلمية لكفت العراق واستبدلت اعتماداته على النفط إلى اعتماد مطلق على الأنبار ثلث العراق المجيد .. فحاضرة بني العباس الأولى وعاصمتهم في العراق هم الّذين علموا العرب الكتابة بعد أن أخذها منهم أهل الحيرة ونقلوها إلى الجزيرة العربية ليتعلم العربُ الكتابة بجذورٍ أنباريه .. وفي استقراء مختصر لما تحويه الأنبار من ثروات لابدَّ من الإشارة إلى أنَّ هذه الثروات لم تستثمر منذ عقود بشكلها الصحيح والمدروس وفي المدة التي تلت الاحتلال لم يقدم أي مشروع على أرض الواقع بل مجرد ندوات ووعود وأخبار مكتوبة وخطابات لا تقدم للعراقيين ولأهل الأنبار غير الوعود الفارغة والسجالات ( والعنتريات ) البائسة .. ولمن يُريد للعراق خيراً وللأنبار مستقبلاً يعمُّ خيره على كل العراق أقدم بعض هذه الكنوز والثروات بلا تفاصيل بسبب كثرة تداولها .. فالأنبار يشقُّ باديتها نهر الفرات الخالد لمسافة أكثر من 400كم من الحدود الغربية وهو ثروة مائية كاملة إذا ما أحسن استغلال روافده وسدوده وحوضه والطاقات الكهرومائية والإمكانات السياحية الكبيرة .. وللتذكير فقط أوجز ما تحويه محافظة الأنبار من مستقبلٍ اقتصادي وثرواتٍ مخزونة لو التفت لها المعنيون لكان للأمر حديثٌ آخر :
1- ثلاثة معامل إسمنت كبرى في القائم وكبيسة والفلوجة الذي يعد من المعامل الرائدة في العراق .
2- معمل القائم للفوسفات وهو الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط ويتصل بالجذر الفوسفاتي الكبير الممتد من الحدود الأردنية وحتى نهاية البادية الغربية وتفرعاته المعدنية الأخرى كاليورانيوم وغيرها وهو شبه متروك حالياً قياساً بما يفترض أن يقدمه من إنتاج متوقع .
3- معمل الزجاج والسيراميك الوحيد في العراق وهو يعاني من تعمد الإهمال من وزارة الصناعة والمحافظة على حدٍ سواء ومحاولة إغلاقه رغم جاهزية بعض أقسامه للعمل وتوفر مواد أولية لزيادة الإنتاج في محافظة الأنبار فقط .
4- شركة الإخاء وشركة الشهيد وهما من المصانع العملاقة لإنتاج مواد مصنعة كانت تستورد من الخارج والمعملان شبه متوقفين لأسباب مجهولة .
5- المدينة السياحية في الحبانية وهي الوحيدة في العراق وقد تحولت الآن إلى شبه معزولة رغم محاولات القائمين عليها لإعادة الحياة لها وبشكل فردي .
6- عشرات المطارات والقواعد والمخازن المتروكة جراء الاحتلال والتي لو أعيد استغلالها أو استثمارها لزادت مواردها عن موارد دول مجاورة .
7- سدود عملاقة كسد القادسية والبغدادي ونواظم وسدود طبيعية .
8- معامل لتكرير وتصفية النفط وما تعانيه من إهمال متعمد .
9- أول أنبوب لنقل النفط من حقول كركوك الى فلسطين (H) والمقصود ميناء حيفا في فلسطين المحتلة .
10- أطول سكة حديد فرعية تربط بين بغداد -القائم – عكاشات وهي عاطلة أو شبه عاطلة في بعض مواقعها .
11- بحيرات كبرى ومنافذ حدودية على ثلاث دول .
12- حقل عكاز الغازي وما يختزنه من ثروة غازية هائلة تُنهي اعتماد العراق على استيراد الغاز من دول مجاورة .
13- شوارع وطرق دولية تربط العراق بسوريا والأردن والسعودية والمحافظات العراقية المجاورة .. كربلاء ، صلاح الدين ، بابل ، الموصل ، بغداد .
14- بساتين نخيل محاذية لنهر الفرات على طول امتداده تُضاف إلى حقول الحنطة والشعير المعتمدة على السقي بوساطة الرش والتنقيط .
ما تم عرضه قطرةٌ من بحرٍ كبير اسمه الأنبار .. لا أحد على علمٍ بالسبب الذي يجعل الحكومات المتتالية للمحافظة أو الحكومة المركزية بمنأى عن استغلالها بالشكل الأنسب .. هذه الثروات إحدى كفتين في ميزان خالد هو الأنبار وكفته الأخرى أهلها بمختلف أديانهم وطوائفهم وعشائرهم وقلوبهم المنتظرة لمن ينثر من عبق الأنبار مجداً على ربوع العراق الواحد العزيز .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here