القوات الأميركية تلغي مشروع تشكيل “قوات خاصة” داخل الحشد العشائري بطلب من بغداد

بغداد/ وائل نعمة

تثير أخبار عن نيّة الولايات المتحدة تسليح عشائر في الأنبار، وربما في محافظات سُنية أخرى، قلق أطراف سياسية معروفة بمعارضتها التواجد الأميركي في العراق.
وترى تلك الجهات أن القوات الأميركية تدفع باتجاه تشكيل فصيل موازٍ للحشد الشعبي، ضمن الصراع الإميركي- الإيراني.
وحتى الآن لم يثبت قيام القوات الأميركية بتسليم السلاح – بمعزل عن حكومة بغداد على الأقل- الى بعض العشائر، سوى ما سرّبته بعض الزعامات المحلية في المناطق الغربية.
وقالت التسريبات إن اجتماعاً جرى مؤخراً في قاعدة عين الأسد، غربي الأنبار، بين القوات الأميركية وبعض العشائر التي حصلت على وعود بالتسليح.
بالمقابل، يقول مسؤول أمني في الأنبار، قريب من العشائر، في اتصال هاتفي مع (المدى) يوم أمس، إن “القوات الأميركية كانت تعمل منذ عدة أشهر على تشكيل قوة خاصة داخل الحشد العشائري”.
ونفى المسؤول أن تكون هناك نية للقوات الأميركية بإعطاء سلاح الى العشائر بدون موافقة الحكومة العراقية.
ويؤكد المسؤول إن هناك برنامجاً تدريباً كانت قد بدأته القوات الأمريكية لتشكيل “قوات تدخل سريع” ضمن الحشد العشائري، على أن يتم بعدها تسليم الخريجين السلاح والآليات والتجهيزات العسكرية الأخرى.
وكان من المفترض أن يكون البرنامج متفقاً عليه بين القوات الأميركية والحكومة، قبل أن تقوم الأخيرة بإلغائه بشكل مفاجئ.
يضيف المسؤول الأمني بقوله: “فجأة طردت القوات الأميركية آمر المجموعة التي تم تدريبها وأبلغته أنها أوقفت التدريب بناءً على طلب الحكومة العراقية”.
وكانت المجموعة التي طُردت، بحسب وصف المسؤول الأمني، هي المجموعة الثانية التي خضعت للتدريب.
وكانت القوات الأميركية قد خرّجت، قبل نحو شهرين، الدورة الأولى من “التدخل السريع” بعد 45 يوماً من التدريب، وسلّمتهم أسلحة وعجلات، بالاتفاق مع بغداد.
وكانت خطة العمل أن تؤسس القوات الأميركية قوة بحجم لواء ضمن الحشد العشائري، وإعطاءه مهمات قتالية خاصة. كما جعلت الضباط السابقين (المتقاعدين ضمن الحشد العشائري) على رأس قيادات تلك القوات.
وينتمي أغلب الحشد الشعائري، وهي قوات محلية في المناطق السُنية، إلى هيئة الحشد الشعبي، وتتسلم رواتب وأسلحة من الهيئة، لكن في العادة يكون سلاحها أقل مستوى من نظيراتها في الجنوب او بغداد.
ووفق التباين في حجم التسليح بين القوتين (العشائرية والحشد) فإن بعض زعماء العشائر أيدوا فكرة تسليح العشائر، حتى تلك التي تكون خارج الحشد العشائري الرسمي، وفق شروط لمنع تسرب السلاح الى جهات متطرفة.
ودفعت الهجمات المسلحة الأخيرة في أطراف المدن المحررة، والتي يتشبه وقوف داعش وراءها، في تعزيز تلك الفكرة (تسليح أبناء العشائر).
وكانت قيادة عمليات نينوى قد أكدت لمجموعة عشائر في المحافظة، قبل أكثر من أسبوعين، أنها تنوي تسليح عشائر 50 قرية نائية لمواجهة هجمات داعش.
ولا يعرف حتى الآن مصير تلك التعهدات، حيث لم يثبت قيام الحكومة بتوزيع السلاح على عشائر تلك المناطق.
وكان من المتوقع أن يتم توزيع 5 آلاف قطعة سلاح متوسطة – على أقل تقدير- على القرى في مناطق جنوبي وغربي الموصل، لسد فراغات تتحرك فيها بقايا التنظيم في نينوى.
يوم أمس، قتل وأصيب 3 أشخاص على الأقل في انفجار سيارة مفخخة في الطريق بين بيجي ــ حديثة. وقالت مصادر (المدى) الأمنية إن “الهجوم استهدف قوة علي (الفريج) ضمن الحشد الشعبي في منطقة البو نمر، غربي الأنبار”.
وأكد المصدر إن الهجوم نفذ أثناء قيام الأخيرة بواجب لمداهمة عناصر تنظيم داعش في الصحراء.
كذلك قتل يوم الأحد الماضي، منتسب في الحشد الشعائري بانفجار عبوة ناسفة على طريق هيت ــ كبيسة، غربي الرمادي.

من “الصحوات” الى تجرية جديدة
وينطلق أغلب المعارضين لـ”تسليح العشائر” من مخاوف استنساخ تجربة الصحوات التي اتهمت فيما بعد بمساعدتها في ظهور داعش.
لكن هذه المخاوف أضيفت إليها في الآونة الأخيرة مخاوف جديدة، تمثلت بإمكانية استخدام جهات عشائرية موالية لواشنطن من أجل ضرب أطراف سياسية تعتبر مقرّبة من طهران.
وفي ضوء ذلك يقول كريم عليوي، وهو عضو في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، لـ(المدى) إن “شيوخ العشائر الذين وافقوا على تسلم سلاح من الولايات المتحدة هم بقايا حزب البعث ومن ساعدوا داعش”.
ويفترض النائب، وهو ضمن كتلة الفتح (المظلة السياسية للحشد الشعبي)، إن الولايات المتحدة تستغل تلك العشائر في مواجهة الحشد الشعبي.
ولأكثر من مرة تم تسريب معلومات عن تسليم القوات الأميركية للحكومة في بغداد، قائمة بأسماء بعض فصائل الحشد “غير المرغوب فيها” او التابعة لطهران، وهو أمر تنفيه الحكومة بشكل متكرر.
ويؤكد عليوي على ضرورة أن تقوم “الحكومة العراقية بتوفير الحماية للمناطق النائية التي تتعرض للهجمات بدلاً من التفكير بتوزيع السلاح على المدنيين”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here