الأسباب السيكولوجية لفقدان الساسة الشيعة شرفهم الوطني

خضير طاهر
ظاهرة فقدان الساسة الشيعة الإسلاميين العراقيين لشرفهم الوطني وخيانتهم لبلدهم وتحولهم الى عملاء لدى إيران بشكل جماعي .. تعد ظاهرة نادرة بتاريخ الشعوب ، فالمتعارف عليه هو ان الخيانة حالة فردية وليست جماعية كما هو الحال لدى الشيعة حيث تشمل: أحزابا وميليشيات بكاملها ومؤسسات دينية تمارس العمالة بصورة علنية دون الشعور بعار الخيانة الوطنية !
سنحاول هنا في هذه المقالة تأصيل الأسباب وتناول المشكلة من زاوية سيكولوجية حضارية أدت ونتج عنها هذا الخراب الشنيع .
بديهيا الإنتماء الوطني والإخلاص والشرف السياسي .. بحاجة الى شروط سيكولوجية يجب توفرها لدى السياسي كي يتصرف بتوازن وصواب بحيث تتجلى منظومة القيم الأخلاقية والوطنية في فكره وسلوكه بأحسن الصور.
بخصوص الطبقة السياسية الشيعية الإسلامية في العراق تنقسم الى قسمين هما :
*-أبناء القرى الريفية الذين يطلقون عليهم وصف ( معدان )
*- والقسم الثاني الذين ينحدرون من أصول إيرانية .
فيما يتعلق بفئة أبناء القرى الريفية ( المعدان ) تكوينهم السيكولوجي النفسي تم برمجته على غياب الإستقلالية والطاعة والخضوع لسلطة الأب وشيخ العشيرة والتقاليد القبلية ، فهؤلاء سُلبت منهم ذواتهم وإرتهنوا لهذه السلطات ، وأصبحوا لايجدون ممانعة في الخضوع والطاعة لمختلف السلطات والقوى ، بل أصبحت لديهم شخصيات نمطية ثابتة لاتمانع في تأدية أدوار الذل والعبودية والإستمتاع بها ، أي انهم فقدوا الشعور بالحرية والتعبير عن الذات ، وصارت تتناهشهم مشاعر الدونية والنقص والبحث عن التعويض من خلال الإنتماء الى سلطة ما والتماهي بها وإستمداد المعنى والقوة ومنها !
وقد سبق ان طبق حزب البعث هذه الطريقة حينما كانت عناصره من أبناء الأرياف هي الأكثر إخلاصا وبطشا وإجراما علما لم تكن تعرف معنى أيديولوجية حزب البعث وليست لها علاقة مبدئية به وإنما كانت تبحث عن قوة تنتمي اليها وتتماهى بها ، وكذلك طبقها النظام الإيراني الحالي إذ ان قادة الحرس الثوري والإطلاعات ( المخابرات ) هم من أبناء الأرياف الذين لديهم خضوع مطلق للنظام ، وسبقهما في هذا الإتحاد السوفيتي السابق عندما أستولى الشيوعيون على السلطة وأمسك مقاليد الحكم أبناء الأرياف وكانت النتيجة قتل حوالي أكثر من 20 مليون إنسانا .
لاحظ الأسماء التالية المؤثرة والمتحكمة بالعراق كلهم من أبناء الأرياف : نوري المالكي ، خضير الخزاعي ، قيس الخزعلي ، هادي العامري ، عادل عبد المهدي ، حيدر العبادي ( أصله من مدينة العمارة الريفية ) وكافة قادة الميليشيات المسلحة ، وغيرها .
اما فئة التبعية الإيرانية الذين يعيشون في العراق أو عادوا اليه ، فإنهم سيكولوجيا تربوا على إحتقار العرب والنظر الى أنفسهم بإعتبارهم طبقة عليا من البشر ، وبالتالي لم يكن يربطهم بالعراق أية رابط إنتماء سياسي ، وظل ولاؤهم للبلد الأصلي إيران ، وكانوا يشعرون بالإنسجام حينما يمارسون جريمة الخيانة للعراق نذكر بعض أسماء هذه الفئة : حسين الشهرستاني ، علي الأديب ، السيستاني ، إبراهيم الجعفري ( باكستاني لكنه محسوب عليهم ) ، بيان جبر صولاغ، همام حمودي ، آل الحكيم ، ومؤخرا إنضم للقائمة وزيرا الخارجية والكهرباء محمد علي الحكيم ولؤي الخطيب فكلاهما ينحدران من اصول إيرانية ، وتوجد العديد من الأسماء الأخرى المؤثرة في الشأن السياسي العراقي !
منذ زمن إفلاطون كانت الدعوة الى حصر تسليم السلطة بيد الطبقة الأروستقراطية الحضرية كونهم الأكثر توازنا من الناحية النفسية ، وقد صحت هذه النظرية عمليا في العراق إبان العهد الملكي حينما حكمت البلد الطبقة الأورستقراطية وباشرت بمساعدة الإنكليز في بناء مؤسسات دولة حقيقية وبلد سار نحو التطور ، لكن للأسف ما أن حدث إنقلاب 1958 حتى إستولى أبناء الأرياف على السلطة وحصلت الإضطرابات والإنقلابات والحروب وكانت ذروة المأساة حينما إستولى أبناء قرية العوجة على السلطة بقيادة شيطانهم المقبور صدام حسين !
الخلاصة : ان ميدان السياسة من أخطر الميادين ، ومن الخطأ الشديد فتحه أمام كافة الطبقات ومنحهم الفرصة للتحكم بمصير البلد والبشر ، فلابد ان حصر السلطة بيد الطبقة الأورستقراطية وتطبيق الدكتاتورية في المجتمعات التي تعاني من الفوارق الطبقية الحضارية ، بعكس دول أوربا وأميركا التي زالت تقريبا الفوارق بين طبقات شعوبها ، ومن هنا تصبح الديمقراطية خطرة جدا في المجتمعات العربية إذ تسمح بصعود أبناء المجتمعات من الأرياف والمناطق الشعبية ، وتقصي أبناء النخب الأورستقراطية ، علما في تاريخ العراق حصلت خيانات جماعية مماثلة للإسلاميين لكن بدرجة أقل على مستوى القيادات فالحزب الشيوعي العراقي الذي إعتمد على أبناء الطبقات الشعبية والأرياف كان تابعا ذيليا للإتحاد السوفيتي وإنخرط في نشاطات الحرب الباردة وأضر كثيرا بمصالح العراق ، وكذلك التيار القومي الذي عماده من أبناء الأرياف كان هذا التيار مرتبطا بمصر وسوريا ويعمل ضد بلده العراق ، والآن جاء الدور على الإسلاميين الشيعة لإستكمال تخريب البلد ونهب ثرواته وتسليمها الى إيران !

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here