أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّادِسَةُ (٢٨)

نـــــــــــــــزار حيدر
{مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
إِنَّ من أَسباب نجاح الأُمم والشُّعوب هو التَّشجيع والتَّحفيز على النَّجاحات والإِنجازات، وذلكَ بعدَّة طُرُقٍ؛
*بمُضاعفة المُكافآت كلَّما حقَّق أَحدٌ نجاحاً، فرداً كانَ أَو جماعةً، كما في قولهِ تعالى يحرِّض نساء النبيِّ (ص) على الإِستقامة {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} وقولهُ عزَّ وجلَّ {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} و {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} وقولهُ تعالى {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
**بغضِّ الطَّرف أَحياناً عن الأَخطاء البسيطة التي قد يرتكبها المرءُ عن غيرِ قصدٍ مثلاً، أَو على الأَقلِّ بمُجازاة الخطأ بحجمهِ فقط من دونِ تضخيمٍ أَو تهويلٍ، كقولهِ تعالى {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
فضلاً عن محوِ فشلٍ بسيطٍ بنجاحٍ كبيرٍ، كما تصفُ ذلك الآيةُ الكريمةُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ} وقولهُ تعالى {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.
وكذلك الوعد بالتقييم على أَفضل النَّجاحات دُونَ الفشل المُحتمل كما في قولهِ تعالى {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
***ومن طُرق التَّحريض على النَّجاحات تِبيان العواقب الوخيمة للخطأ، كما في قولهِ تعالى {وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} وقولهُ تعالى {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ* لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ* فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}.
وفِي المُقابل تقديم الوعُود بالمكافآت إِذا ما صحَّح المخطئ خطأَهُ واستغفرَ المُذنبُ عن ذنبهِ، كما في قولهِ تعالى {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} وقولهُ تعالى {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
فضلاً عن التَّخفيف من حدَّة جلد الذَّات إِذا لم يكُن الخطأُ مقصوداً كما في قولهِ تعالى {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.
هنا في الولاياتِ المتَّحدة الأَميركيَّة فإِنَّ التقدُّم والتطوُّر الذي يعتمد النَّجاحات والإِنجازات تعتمد بشَكلٍ كبيرٍ جدّاً على كلِّ هذه المبادئ، فالمكافآت، من جانبٍ، فهي أَحد أَهمِّ الآليَّات التي تعتمدها كلَّ مؤَسَّسات الدَّولة والمؤَسَّسات الأَهليَّة لمضاعفةِ النَّجاحات [الإِنتاج] لأَنَّها تُشجِّع بشَكلٍ كبيرٍ على التَّنافس بين النَّاس.
ومن جانبٍ آخر فإِنَّ تبيان العواقب الوخيمة لأَيٍّ فشلٍ أَو عدم الإِلتزام بالقانون، مثل،اً يعتبرُ آليَّةً مهمَّةً وفعَّالةً في التَّحريضِ على النَّجاح والإِلتزام بالقانون.
ومن المُلاحظ أَنَّهُ كلَّما كانت العواقبَ الوخيمة التي تنتظر المُخطئ أَكبر وأَوسع وأَشد كلَّما قلَّ المُخطئُون في ذَلِكَ الأَمر، وزادت النَّجاحات والإِلتزامات المسؤُولة من قِبل النَّاس.
والمكافآت بالمعنى التَّشريعي تعني مبدأ الثَّواب الذي يُقابلهُ مبدأ العِقاب، كما يصفُ ذلك أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بقولهِ {إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَضَعَ الثَّوَابَ عَلَى طَاعَتِهِ، وَالْعِقَابَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، ذِيَادَةً لِعِبَادِهِ عَنْ نِقْمَتِهِ، وَحِيَاشَةً لَهُمْ إلَى جَنِّتِهِ}.
هذه القاعدة نقرأَها في العديدِ من آيات الذِّكر الحكيم، كقولهِ تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} وقولهُ تعالى {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وقولهُ عزَّ وجلَّ {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} وفِي مُقابل [بشِّر] هناكَ [أَنذِر] كما في قولهِ تعالى {وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ۗ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ }.
هَذِهِ القاعدة يلزَم أَن تجدَ مكانها في المُجتمع وفِي كلِّ المُستويات ليحقِّق النَّاس النَّجاحات والإِنجازات بشَكلٍ مُستمرٍّ، ويُخطئ من يظنُّ أَنَّ الدَّافع الشَّخصي وحدهُ يكفي للتَّحريض على النَّجاحات فإِنَّ طبيعة الإِنسان تميلُ إِلى أَن تجد مَن يحفِّزها على النَّجاح لتتقدَّم إِليهِ وكأَنَّها تنتظر مَن يُبدي إِحترامهُ لنجاحاتِها وإِنجازاتها.
إِنَّها تُحبُّ أَن ترى النَّاسَ تُميِّزُ بينَ النَّاجح والفاشل بسلوكيَّاتهِم!.
ولقد كتبَ أَميرُ المُؤمنين (ع) في عهدهِ للأَشتر يَقُولُ {فَافْسَحْ فِي آمَالِهِمْ، وَوَاصِلْ فِي حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ، وَتَعْدِيدِ مَا أَبْلى ذَوُو الْبَلاَءِ مِنْهُمْ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ لِحُسْنِ أَفْعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ، وَتُحَرِّضُ النَّاكِلَ، إِنْ شَاءَ اللهُ}.
لا ينبغي للأَبوَين أَن يعتمدُوا على الدَّوافع الشخصيَّة لدى الأَبناء ليلمِسُوا منهم نجاحات وإِنجازات، كما لا ينبغي أَن يعتمدُوا على التَّرهيب فقط والتَّقريع واللَّوم لتحريضهِم على النَّجاحات، فالمُكافآت والتَّرغيب بكلِّ الأَشكال آليَّةٌ مهمَّةٌ وفاعلةٌ لدفعِ الأَبناء لتحقيقِ نجاحاتهِم.
١ حُزَيران ٢٠١٩
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Twitter: @NazarHaidar2
‏Skype: nazarhaidar1
‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here