العيد لمن خاف يوم الوعيد

الدكتور معراج أحمد معراج الندوي
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها
جامعة عالية ،كولكاتا – الهند
[email protected]

العيد شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام التي تنطوي على حِكم عظيمة، يأتي عيد الفطر تتويجا لسعي الصائم نحو مجاهدة النفس وتربيتها وتزكيتها، فبعد أن نال بركات الشهر وخيراته وعمل وأحسن وفاز يحق له أن يسعد ويفرح مبتهجا بما وفقه الله تعالى للقيام به خلاله. وهكذا يودِّع الصائم الضيف العزيز بالسرور والحبور والابتهاج.
يأتي العيد فرحة للمسلم بأداء فريضة صيام شهر رمضان المبارك، وأداء صلاة القيام التي استنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى هذا انتصار وتغلب على شهوات النفس، وعيد الفطر المبارك يسمى فى السماء بيوم “الجائزة”. فهي الجائزة من الله سبحانه وتعالى، وفرحة بقبول الله عمله من صيام وقيام وإخراج الصدقات ومعاملة الناس بخلق حسن.
العيد ليس العيد لمن لبس الملابس الفاخرة وإنما العيد لمن أمن عذاب الأخرة، ليس لمن لبس الرقيق انما العيد لمن عرف الطريق. العيد مساحة للفرح والأمل والتفاؤل، وفيه يجدد المؤمن فرحته بانتمائه إلى الدين، وعيد الفطر أو كما يُطلق عليه المسلمون اسم العيد الصغير، يملك خصوصيةً كبيرةً في النفوس، إذ أنه يأتي بعد انقضاء عبادة شهر كامل.
إنه في العيد تتقارب القلوب ويتناسى ذوو النفوس الطيبة أضغانهم فيجتمعون بعد افتراق ويتصافحون بعد انقباض ويتصافون بعد كدر فتكون الصلات الاجتماعية أقوى ما تكون حبا ووفاء واخاء العيد فرصة سانحة لإظهار شكر الله تعالى على نعمه، وعادة متكررة للترويح عن النفس ساعة بعد ساعة، والتزود من النفحات الإلهية المبثوثة في الأزمنة المباركة كغذاء للقلوب والأرواح.
وقد مثل لنا رسولنا الكريم التسامح في عدة أشكال، ومن أهمها: أن تطلب من الله السماح والمغفرة، وأن تسامح والديك وأبناءك والآخرين، إضافة إلى الإحسان، والتبسّم في وجه أخيك المسلم، لماذا لا ندرك مدى أهمية التسامح، وما يقوم به من كسب للقلوب، وكسر الحواجز التي وضعها الكبر والقسوة والبطش بالآخرين. لا شكّ أنّ المسلم يخرج من هذا الشهر الكريم بحصيلة وافرة من العبادة تؤهله إلى مرحلة جديدة من مراجعة النفس والصفاء والالتزام بما كان عليه خلال شهر رمضان المبارك من التقرب إلى الله سبحانه وتعالى وتجنب المعاصي.
العيد فرصة للنقاء والصفاء واعادة الروابط البشرية ،فهو يوم الذكر والدعاء، فرحة ،تكريم وهدية من رب العالمين نراها بابتسامة طفل وزينة بيوت وساحات مملوءة برائحة الورود، ومائدة تجمع حولها العائلة والأحبة، ورسائل محبة قادمة من البعيد تنسينا الاساءة والحقد لنبدأ بالتبريكات والتهنئة من جديد، لننعم بفجر جديد، ونشرع بكلمة “تقبل الله” و”عيدكم سعيد”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here