تدريس التفكير النقدي: بعض الجوانب العملية

ترجمة: هاشم كاطع الزم – أستاذ مساعد – كلية شط العرب الجامعة – البصرة
بقلم: د. ليندا بي نيلسون Nelson. B Linda. Dr
نحن جميعا كما يبدو نقر بأهمية التفكير النقدي ولدينا الرغبة الن يمارسه طلبتنا ، كما نزعم بأننا نقوم
بتدريس هذه النمط من النقد. غير أن واقع الحال يشير الى أن قلة قليلة منا فحسب تقوم بالفعل بتدريس
التفكير النقدي وتفهم معناه وابعاده )أنظر بول Paul و ألدر Elder ، 2013 .) وتشير البحوث ذات الصلة
بالتفكير النقدي أن الطلبة يتعلمون هذا التفكير بعد أن نتلقى نحن المدرسون التدريب الالزم عن كيفية تدريس
الفكر التقدي وصياغة موادنا الدراسية بوضوح وعن سابق تصور وتصميم لدعم مهارات التفكير النقدي.
ويتعين علينا أن نشرع من خالل بلورة نتائج تعليمية قابلة للتقييم ترتبط بالتفكير النقدي ومن ثم السعي
لصياغة المنهاج الدراسي وفق ذلك.
وليس ثمة غرابة ان الكثيرين اليعون مايعنيه التفكير النقدي فالكتابات التي تتناول هذا التفكير تتسم
بطابعها النظري وتشظيها بين عدد من المفكرين المختلفين أو الفرق البحثية التي تعمل في )أبراجها العاجية(
والتنسق جهودها في هذا الشأن. مع ذلك يمكننا أيجاد أرضية مشتركة في مابينهم ، ففي حين يضع كل واحد
منهم تعريفه الخاص بالتفكير النقدي فانهم جميعا يتفقون أن هذا التفكير يشتمل على العمليات المعرفية
للتفسير و / أو التحليل اللذين يعقبهما التقييم في الغالب. وهم يتفقون في الرأي أيضا بأن الطلبة البد أن
يفكروا نقديا ب )شيءما( ، وهذا يعني أن عليهم أن يتعلموا كيفية تحقق مثل هذا النمط من التفكير في أطار
موضوع دراسي مصمم بعناية. ونقطة األلتقاء األخرى تتمثل في صعوبة تدريس التفكير النقدي فاألمر
يجري بالضد من توجهنا الطبيعي في أبداء الرغبة في األدراك األختياري والتأكيد على ما)نعرفه( مسبقا
على أنه أمر حقيقي. عليه فأن التفكير النقدي يشتمل على كل من السمة المميزة والمعرفة. من هنا يتعين
على الطلبة أن ينشدو )الحقيقة( وأن يترفعوا عن التحيز ويؤمنوا بسلوك طريق التحديات ويقيّموا تفكيرهم
بشكل منصف ويتخلون عن التفكير الخاطيء ويستبدلوه بأنماط تفكير جديدة وأكثر فاعلية. والشك أن مثل
هذه )المزايا( الفكرية لن تتحقق بيسر أو بشكل تلقائي.
ويجمع الباحثون في مجال التفكيرالنقدي ايضا ان األسئلة التي يطرحها المدرسون تشكل ركيزة اساسية
للطلبة الذين يكتسبون مهارات التفكير. في هذا السياق علينا أن نطرح أسئلة مفتوحة تنم عن التحدي وتحتاج
الى أستقصاء وتحليل وتقييم حقيقي منها على سبيل المثال:
– ماتفسيرك / وتحليلك لهذا النص / المعلومات / الحوار؟
– ماأسباب تبني مثل هذا التفسير / التحليل؟ ومادليلك على ذلك؟
– كيف يتناسب تفسيرك / تحليلك مع تعقيدات ذلك النص / المعلومات / الحوار؟
– هل ثمة تفسير / تحليل آخر لهذا النص / المعلومات / الحوار؟ وهل هناك خيارات أخرى؟
– مامضامين كل تحليل / أو تفسير توصلت أليه؟
– دعونا نستعرض التفسيرات / والتحليالت بأكملها ومن ثم تقييمها. مامدى قوة األدلة لكل واحد منها؟
– كيف تتعامل بأمانة ودون تحيز مع التفسيرات / التحليالت األخرى؟ هل لديك مصلحة فردية بأي من تلك
التفسيرات / التحليالت دون أخرى؟
– هل يمكن أن تزودنا بمعلومات أضافية يمكن أن تعيننا على تحديد تفسيراتنا ـ تحليالتنا؟
هذه أذن مجموعة محدودة من األسئلة التي تحفز طلبتك على ممارسة التفكير النقدي. ويتعين على الطلبة
، بعد أجابتهم على األسئلة ، أن يقوموا باألتي: )1)أن يبينوا كيفية وصولهم الى ذلك الجواب ليتسنى لهم
تطوير وعيهم مابعد المعرفي المتعلق بتفكيرهم ؛ )2 )أن يحصلوا على تغذية راجعة تتعلق بأجاباتهم من
جانب المدرسين أو أحد الخبراء أو حتى نظرائهم من الطلبة ليتمكنوا من تصحيح تفكيرهم أو تشذيبه وفق
نلك المعطيات.
أن بعض طرق التدريس تشجع التساؤل والتحليل والتقييم وهذه جميعها تعمل على تنشيط الطلبة )أنظر
أبرامي Abrami وآخرون 2008 .)وربما تكون النقاشات الصفية أقوى تلك الجوانب وهي تتضمن
أستخالصات للقضايا المعقدة والمحاكاة ولعب األدوار. وهناك ايضا الحوارات والجدل المقنن والمختبرات
ذات الصلة بالتساؤالت وأوراق العمل ذات التوجه التعليمي type-POGIL التي تتصف بفاعليتها. والشك
أن سائر تلك الخبرات التعليمية تثير فضول الطلبة وتحفز تساؤالتهم وتدفعهم أليضاح حواراتهم وتبريرها.
ويتعين علينا ان نتذكر بأن المعلمين يمثلون نموذجا يحتذى به ، فالطلبة يتطلعون الى رؤيتنا ونحن نبادر
الى التساؤل حول وجهات نظرنا وقيمنا وما نبديه من عدم تحيز في تمثيل آراء متنوعة على نحو دقيق
وكذلك في التعاطي مع وجهات النظر التي تتعارض مع وجهات نظرنا. أننا حين نقوم بمثل هذا األمرعلينا
أن نجعل الطلبة يدركون بأننا بذلك نمارس التفكير النقدي.
ومثاال على ذلك يقوم عضوا هيئة تدريس في الجامعة هما ميل سيشولتز Seesholtz Mel وبراين
بولك Polk Brian بأيضاح تلك الصفات من خالل حواراتهما المجدولة بشكل منتظم في مادتهما الدراسية
الموسومة )الدين في الحياة األمريكية( سيما وأن بولك ناقد معروف للدين الذي يستند الى العقيدة المنظمة في
مايعمل سيشولتز قسا في احدى الكليات. وفي سعي كل من سيشولتز وبولك المخلص في طرح وجهتي
نظرهما فأنهما يصوغان ، شعوريا ، التفكير النقدي والخطاب المدني والنزعات التكميلية لصفهما )أنظر
سيشولتز وبولك 2009 .)كما أنهما يعمدان الى أثبات أن حروب المفردات الصاخبة المالوفة تماما في
وسائل األعالم السياسية في وقتنا الحاضر التمثل السبيل الوحيد لعدم التوافق. ومالم يدرك الطلبة الخيارات
الفكرية العميقة والمحترمة فكيف يتمكنون من التعايش السلمي مع بعضهم البعض في هذا العالم المتنوع
جدا؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here