عن الرفض االيراني للمفاوضات

حسيب الصالحي
منذ التصعيدات العسکرية االمريکية ضد إيران وماأعقبتها من أحداث وتطورات، وتوقعات إقليمية
ودولية بإحتمال إندالع ثمة حرب محدودة أو واسعة النطاق بينهما، فقد إزدادت بالمقابل التوقعات بشأن
إحتمال إجراء مفاوضات بينهما، مع مالحظة إن الواليات المتحدة االمريکية قد وضعت 12 شرطا حديا
حازما أمام طهران کأساس ألية مفاوضات تجري بهذا الصدد، والمميز في الموقف االمريکي إنه على
طريقة المثل العراقي)عين وخد(، فمن جهة تمارس الواليات المتحدة االمريکية تهديداتها وضغوطاتها
على إيران ومن جهة أخرى تطالبها بالشروع في المفاوضات وفق أسس وضوابط محددة سلفا بناءا على
مواقف وأمور وقضايا سابقة ذات صلة أصال بالدور االيراني في العالم والمنطقة.
الموقف االيراني السائد حاليا والذي يعمل من جهة بإتجاه تهيأة االجواء المناسبة للمفاوضات ولکن على
أساس تخفيف المطالب االمريکية ومن جهة أخرى بإتجاه رفض المفاوضات مع واشنطن واالدعاء بعدم
الثقة بها، فالرئيس االيراني روحاني ووزير خارجيته ظريف، يعمالن وفق أساس االتجاه االول، أما
المرشد االعلى للنظام في إيران، أي خامنئي، فإنه يمثل االتجاه الثاني، وإن الرد االخير للمرشد االعلى
على عرض الرئيس األميركي دونالد ترمب األخير بشأن استعداده للتفاوض مع إيران، بالقول إنه
يرفض التفاوض على القضايا التي تمس “شرف الثورة”، مشددا على أنه يستعد لكل االحتماالت بما فيها
الحرب، “إذا اقتضى األمر”، مشددا على أن إيران لن تتفاوض مع أميركا ألن “مثل هذه المفاوضات
ليست مفيدة فحسب، بل إنها مضرة”. وهذا الموقف الذي أعرب عنه خامنئي اليمکن إعتباره الحاسم
والقاطع في الموقف االيراني الرسمي تجاه واشنطن، إذ أن العقود االربعة المنصرمة توٴکد بأنه کان
هناك سياسة اسلوب مزدوج في القضايا الحساسة والمصيرية، وإن إعادة مرحلة المفاوضات التي سبقت
التوقيع على االتفاق النووي في تموز 2015 ،تشبه تماما المرحلة الحالية من حيث الموقف االيراني من
المفاوضات وأصل القضية بل وکإنها إستنساخ لها.
عندما نقول بأن الموقف االيراني من المفاوضات الحالية أشبه بنفس مواقفها قبل التوقيع على االتفاق
النووي، غير إن الموقف االمريکي ليس بنفس الشئ بل واليوجد ثمة تشابه بين موقف إدارة ترامب من
التفاوض مع إيران وموقف االدارة السابقة بنفس السياق، فإدارة ترامب هي التي تلتزم موقفا متشددا بنته
على أساس 12 نقطة تحاول من خاللها تصحيح االخطاء االمريکية السابقة في التعامل والتفاوض مع
إيران، خصوصا وإنها تضع عينا على مجريات االمور في الداخل االيراني وعلى تحرکات ونشاطات
معارضة للنظام والتي تطالب بالحرية والتغيير، والريب من إن إيران الترفض المفاوضات إطالقا فقد
صرح خامنئي بنفسه بمواقف متشددة قبل التوقيع على االتفاق النووي ولکنها لم تعمل على عرقلة التوقيع
وإنما تريد التفاوض شريطة ضمان عدم المساس بالنظام بمعنى إجراء تغييرات على النقاط االمريکية
التي لو طبقتها طهران فکإنها تهيأ البندقية من أجل إطالق رصاصة على رأسها!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here